لماذا نكون أكثر صدقا مع أجهزة الروبوت في مجال الأعمال؟

wowslider.com by WOWSlider.com v8.6

Wednesday, May 11, 2016

fiogf49gjkf0d

''غدي نيوز''

يمكن القول إننا أكثر صدقاً في الواقع عند تعاملنا مع أجهزة الروبوت الصماء، فلماذا نثق بقوة في مثل هذه الأجهزة؟
بدأت كيلي فيشر منذ عام ونصف تقريبا في استخدام مستشار من نوع فريد، وهو إنسان آلي (روبوت)، وذلك لأنها اعتقدت أن جهاز الروبوت هذا سيكون ملائماً أكثر، وسيكون الاستثمار فيه أسهل من البشر.
لكن ما لم تتوقعه فيشر هو الدرجة التي يمكن أن يكون ذلك الجهاز فيها أصدق من إنسان حي يتنفس ويجلس مقابلها على الطاولة.
وتستثمر فيشر التي تقيم في سان فرانسيسكو وتعمل مسؤولة مبيعات بالتجزئة، مبلغ 8,000 دولار في استخدام مستشارين آليين من أجهزة الروبوت فقط. وهؤلاء المستشارون عبارة عن مواقع إلكترونية تطرح سلسلة من الأسئلة ومن ثم تقوم باختيار مبلغ من المال يتلاءم مع أسلوب حياة وحجم المخاطرة الذي يقبله المستثمر.
ليس لدى فيشر ما تخفيه عند استخدام هذه المواقع الإلكترونية التي تستخدم مثل هذه الأجهزة، لكنها تقول إن الطبيعة البشرية التي تميل إلى إصدار الأحكام على الآخرين وتقيمهم هو ما يجعلها لا تشعر بالارتياح من أن تكون صريحة مع خبير مالي من البشر. لكن مع المستشار الآلي ذلك، يمكن لفيشر أن تكون أكثر صدقاً بخصوص وضعها المالي.
وتقول: "عندما يشرع شخص ما في طرح أسئلة علي عن المبلغ الذي أملكه، يساورني القلق. لكن مع المستشار 'الروبوت' لا يوجد بالتأكيد حكم شخصي، ولا يوجد عدم وضوح بخصوص وجود دين عليك، أو أن عليك أن تقرر ما إذا كنت ستنفق نقودك من أجل قضاء عطلة، أو تواجه الإفلاس".
شعور فيشر بالارتياح مع أجهزة الروبوت يعد أمراً معتادا. فهناك أبحاث متزايدة تظهر أن الناس يثقون في أجهزة الروبوت وأشكال الاستشارة الآلية الأخرى التي توفرها تلقائياً شبكة الإنترنت أكثر من ثقتهم في البشر.
وهذا في حد ذاته سبب بارز، فضلاً عن التكلفة الأقل، لاحتمال أن تصبح الاستشارات الآلية هي الطريقة المفضلة للأفراد في مجال الاستثمار في المستقبل.
ويتوقع أن يصبح حجم الأموال التي تديرها مواقع الاستشارات ذات البرمجة الآلية 2.2 تريليون دولار من الأرصدة بحلول عام 2020، لتزيد بكثير عن الحجم الحالي الذي يصل لنحو 50 مليار دولار فقط.
وتعكف جيل لوكاس، مديرة الأبحاث بشركة "دالاس" لأنظمة التعلم والتطور في المؤسسات ومقرها تكساس، على دراسة ثقة البشر في الاستشارات التي تقدمها أجهزة الكمبيوتر لعدة سنوات. وقد توصلت إلى أن الناس حقيقة أكثر صدقاً عندما يبوحون بمعلوماتهم لأجهزة الكمبيوتر. وهذا ينطبق على الأسئلة العامة، والتفاصيل الأكثر خصوصية على حد سواء.



وقد كتبت في بحث عام 2014 أن تأثير الكمبيوتر على معدل أعلى "للإجابات الصادقة يكون قوياً بشكل خاص عندما تكون المعلومات المطلوب الإفصاح عنها غير قانونية، أو غير أخلاقية، أو غير مقبولة من ناحية ثقافية".
المسائل المالية تقع في هذه الفئة الأخيرة كما تشرح لوكاس. الدين على سبيل المثال يحمل دلالة سلبية ملاصقة له. ويشعر الناس عادة بعدم الارتياح للحديث عن ديونهم، و كثير منهم يخفي حجم ديونه عن مستشار مالي من البشر.
تقول لوكاس: "يشعرون بالحرج الشديد ولا يرغبون في البوح بحجم الدين المطلوب لبطاقة الائتمان. الدين يولد توتراً وقلقاً لدى صاحبه عندما يتحدث عنه. ولذلك فإنه من المهم وجود من تتحدث إليه وأنت تشعر بالأمان عندما تقول أنك قلق من عدم استطاعتك التخلص من كل هذا الدين".
الكمبيوتر لا يصدر أحكاماً
يكون الناس أكثر انفتاحاً في الحديث مع الكمبيوتر لاعتقادهم أن هذه الأجهزة لا تحكم على الشخص الذي يتعامل معها وأنها أكثر أخلاقية، كما تشير الدراسات.
فقد توصلت دراسة صدرت في شهر مارس/آذار عن شركة "انتينشنز للإستشارات" لأبحاث السوق في فانكوفر بكندا إلى أن 20 في المئة من البالغين في كندا يعتقدون أن برنامج كمبيوتر غير منحاز سيكون أخلاقياً، و موضع ثقة أكثر مقارنة بالمديرين والمسؤولين في مكان العمل الذي توجد فيه هذه الأجهزة.
وكانت النسبة أكبر من ذلك في أوساط الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 20 إالى 39، إذ بلغت 31 في المئة.
وتوصلت الدراسة أيضاً إلى أن 26 في المئة من الكنديين يفضلون أن يخضعوا للتفتيش، أو يحصلوا على وظائف، أو يجري تقييم أدائهم في العمل، كل ذلك عن طريق برنامج كمبيوتر غير منحاز.
يقول نيك بادمينتون الكاتب المشارك في الدراسة إن "الناس يفقدون ثقتهم في الإدارة البشرية، ومعهم حق في ذلك. فمن الذي يمكنك أن تثق به؛ إنسان بميول وآراء شخصية، أم معلومات عقلانية ومتوازنة يقدمها الكمبيوتر؟".
ويطرح البحث الذي تعمل عليه لوكاس نفس السؤال، ولكن في سياق الصحة العقلية. فقد درست ما إذا كان الناس الذين يعانون من الاكتئاب نتيجة الصدمة سيبوحون بمعلومات شخصية أكثر للروبوت، في حالتها كان ذلك الروبوت عبارة عن مجسم يشبه الإنسان وليس طبيباً حقيقياً.



وكان ذلك "الإنسان المصطنع" الذي ساعدت في تصميمه يطرح أسئلة شخصية و بحثية من قبيل "هل تشعر بالندم؟" و "هل هناك شيء تتمنى ألا تتذكره؟". وفي دراستها قيل للمشاركين إنهم سيتحدثون إما إلى جهاز كمبيوتر أو إلى إنسان ولكن من خلف الكواليس."
في كل حالة تقريباً، باح الأشخاص الذين قيل لهم إنهم يتحدثون إلى جهاز كمبيوتر بتفاصيل أكثر من أقرانهم الذين قيل لهم إنهم يتحدثون إلى إنسان عادي، كما تقول لوكاس.
ومن ثم طرحت الباحثة سؤالا على المشاركين جميعا بشأن ما إذا شعروا بعد الحديث إلى أجهزة الكمبيوتر أو البشر بأنهم أصدروا أحكاما بشأنهم، أو ما إذا كانوا خائفين من أن يقوم الإنسان أو الكمبيوتر بتقييمهم بطريقة سلبية. فكانت إجابة الأشخاص الذين قيل لهم إنهم يتحدثون إلى جهاز هي "لا"، بينما أجاب الآخرون بنعم.
تقول لوكاس: "يمثل ذلك أمرا محوريا في سبب اعتقادنا بحدوث هذا الأمر. فالأشخاص الذين يتحدثون إلى أجهزة الروبوت يعرفون أن المعلومات التي يقدمونها ستكون آمنة ومجهولة المصدر، وأنه لن يقوم أحد بتقييمهم أو الحكم عليهم".
الأجيال الشابة تقود السوق
وفي حالة المستشار الآلي، لم يكن عدم ذكر الشخص لاسمه هو نقطة الجذب، كما تقول كيندرا ثومبسون، المديرة في شركة "أكسنتشر ويلث" الكندية. فالشركات لا تقدم بعد استشارات متقدمة ودقيقة للغاية من خلال تلك المواقع الإلكترونية.
لكن التكلفة ومدى ملاءمة تلك المواقع هي عامل الجذب في الوقت الحاضر، حيث يتقاضى بعضها 0.15 في المئة سنوياً من حجم الأرصدة المستثمرة، بينما تتراوح رسوم المستشار البشري ما بين 1% و 2 في المئة من الأرصدة.
بيد أن ذلك من المرجح أن يتغير، كما تقول ثومبسون. ففي آسيا، هناك إقبال متزايد على وسائل الاستثمار الرقمي. وفي أماكن أخرى، يتزايد الطلب على وجود استشارات إلكترونية طويلة الأمد وغير منحازة، لكن ذلك يأتي غالباً من المستثمرين الشبان.
فقد كشفت دراسة مسحية قامت بها مؤسسة "فيديليتي إنفستمنت" عام 2014 أن واحداً من بين كل أربعة أشخاص ولدوا بين عامي 1980 و 1989 لا "يثق بأحد" فيما يتعلق بالمعلومات الخاصة بالمال.


بينما أظهر تقرير لمصرف "بانك أوف أميركا" أن الأثرياء الشبان من المرجح أكثر أن يضعوا ثقة كبيرة في التكنولوجيا مقارنة بالأجيال الأخرى، وأن "هذا لا يختلف عن الوضع في حالة خدمة الاستشارات الاستثمارية".
وتقول ثومبسون إن الأشخاص الذين لديهم علاقات جيدة مع مستشار مالي سيبوحون له بالمعلومات، لكن مازال صعباً على الناس ألا يشعروا بأنه لم يحكم عليهم أو لم يتم تقييمهم بناء على مشاعر وميول ذلك المستشار.
وتضيف ثومبسون: "يوجد أناس من الممكن أن يقولوا: 'لا أفهم من أين تأتي التزكيات' أو 'لا أدري لماذا يسألني المستشار المالي هذه الأسئلة'. إن سر قوة هذه الوسائل يكمن في أنك تستطيع أن تتحايل عليها بدون أن تشعر أنك تعرض نفسك للانكشاف".
الآلة ستظل آلة
وبينما تبدو وسائل الاستشارة الآلية التي تقدمها أجهزة الروبوت والكمبيوتر جديرة بالثقة أكثر من تلك التي يقدمها البشر، من المهم أن لا ننسى أن أجهزة الروبوت هي مجرد أجهزة، ويمكن التلاعب بها من قبل المستخدم النهائي.
وقد أجرى ألان واغنر، وهو باحث اجتماعي في مجال أجهزة الروبوت بمعهد جورجيا للأبحاث التكنولوجية في أتلانتا بولاية جورجيا، دراسة حاكى فيها اشتعال النار في أحد المباني ومن ثم طلب من الناس داخل ذلك المبنى أن يتبعوا جهاز الروبوت من أجل ضمان سلامتهم.
وقد وجه الروبوت الناس إلى الغرف الخطأ، إذ وجههم إلى الأبواب الخلفية بدلاً من الأبواب الصحيحة، بل وأصابه العطل (عن عمد) في وسط مخرج الطواريء، لاختبار كيفية تصرف الناس في مثل هذا الموقف المحتمل.



رغم كل ذلك، استمر الناس في اتباع ذلك الروبوت في حركته داخل المبنى آملين أن يقودهم إلى الخارج لضمان سلامتهم. وقد أثبتت هذه الدراسة لواغنر أن الناس لديهم انحياز "آلي"، أو ميل لتصديق الأنظمة الآلية، حتى عندما ينبغي عليهم ألا يفعلوا ذلك.
ويضيف واغنر: "يعتقد الناس أن النظام الآلي يعرف أحسن منهم". لكن لماذا؟ لأنه يتم تقديم أجهزة الروبوت على أنها تعرف كل شيء. التعامل في مواقف سابقة مع أنظمة آلية قد يكون جرى على خير ما يرام، ولذلك نفترض أن كل نظام آلي سيقوم بالشيء الصحيح، كما يقول واغنر.
ولما كانت أجهزة الروبوت لا تحكم على ما يقوله شخص ما، أو تقيمه، فإن ميولنا وانحيازاتنا الشخصية تكون لصالح هذه الكائنات الآلية.
ورغم ذلك يقول واغنر إنه من المهم أن نتذكر أن شخصاً ما، أو شركة استثمار أموال أو مستشار بشري يتولى التحكم في أجهزة الروبوت تلك من خلف الكواليس، وهؤلاء يحرصون بالطبع على الحصول على نتائج معينة.
وهذا لا يعني أن الناس لا ينبغي أن يكونوا صادقين مع أجهزة الروبوت، ولكن عليهم أن يضعوا في حسبانهم أن هذه الأنظمة غير معصومة على الإطلاق.
ويختم واغنر بالقول: "عليك أن تكون قادراً على أن تقول في وقت ما الآن لا ينبغي علي أن أثق بك، مع أن هذا أمر بالغ الصعوبة".

BBC

اخترنا لكم

قرّاء غدي نيوز يتصفّحون الآن