القانون اللبناني «يشجع» على الاغتصاب!

Ghadi news

Thursday, July 14, 2016

fiogf49gjkf0d

"غدي نيوز"

لا تحتاج نساء لبنان إلى أكثر من العودة إلى «نظام روما» الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية (أقرّ في 1998-1999)، وتصنيفه لجرائم الاغتصاب والاستعباد الجنسي والبغاء والحمل القسري والتعقيم وغيرها من اشكال العنف الجنسي، ليعرفن كم ما زالت جلجلتهن نحو العدالة في تجريم هذه الجرائم في لبنان، صعبة وطويلة ومريرة.
ففي حين يعتبر «نظام روما»، الذي لم يصادق عليه لبنان، جريمة اغتصاب الفتاة القاصر في طرابلس مؤخراً من قبل ثلاثة شبان (على سبيل المثال لا الحصر)، ومعها كل جرائم العنف الجنسي «جرائم ضد الإنسانية» (في مادته السابعة، الفقرة ز)، ما زالت المادة 522 من قانون العقوبات اللبناني الذي وضع في العام 1943، تعفي المغتصب من العقوبة في حال تزوج ضحيته.
وفيما نتج عن تطبيقات «نظام روما» آليات لحماية ومساندة ضحايا الاغتصاب وإنزال أشد العقوبات بالمعتدي، يكافئ القانون اللبناني المغتصب بإعفائه من العقوبة أولاً وبتزويجه ضحيته ثانياً، كما «يعالج» الضحية ويساندها بتزويجها لمعنفها - مغتصبها.
ولدى التدقيق في المنظمة القانونية اللبنانية، لا نجد فيها أي تعريف للعنف الجنسي من أساسه حيث ترد عقوبات الجرائم المرتكبة فيه تحت باب «الجرائم المخلة بالأخلاق والآداب العامة في فصل الاعتداء على العرض». وهو ما يفسر كل النظرة لجرائم العنف الجنسي بحد ذاته وربطها بالآداب العامة والأخلاق المتعارف عليها دينيا وتقليدياً واجتماعياً وكذلك علاقته بمفهوم «العرض»، وليس بكرامة الإنسان - المرأة بحد ذاتها، ونظرتها إلى نفسها المنتهكة وحريتها الشخصية وخياراتها.
وإذا كانت القاصر المغربية أمينة الفيلالي التي انتحرت إثر تزويجها لمغتصبها، حيث تتشارك الدول العربية مع لبنان نص المادة 522 نفسها، ثم حذت حذوها القاصر المغتصبة أسماء القسطيط (16 عاماً أيضاً)، التي انتجت حراكاً مدنيا مغربيا أقفلت على إثره البلاد ففرضت الغاء نص المادة في المغرب قبل 3 سنوات، فإن عددا كبيرا من النواب اللبنانيين الممدين لأنفسهم اليوم، والذين سبقوهم، أبدوا ممانعة كبيرة لإلغاء نص المادة 522، برغم طرحها في لجنة تحديث القوانين في المجلس النيابي منذ أكثر من عشر سنوات. وجاء مطلب الإلغاء بناء على طلب لجنة «سيداو» التابعة للأمم المتحدة والتي تراقب مدى تقدم لبنان في التقرير الدوري لتطبيق اتفاقية الغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة.
ولقد فتح اغتصاب قاصر طرابلس من قبل ثلاثة شبان مؤخراً النقاش في لبنان على مصراعيه حول مجمل مقاربة لبنان لجرائم العنف الجنسي وعلى رأسها الاغتصاب. ويمكن لقراءة تعاطي القانون اللبناني والقضاء ومعهما رجال الدين في الطوائف كافة، أن تكرس منحاً إن لم نقل «تشجيعياً» على الاغتصاب، فهو بالتأكيد مخفّف ومتسامح أمام هول الجريمة. حتى قانون العنف الأسري لم يجرم الاغتصاب الزوجي كفعل بل جرّم الأذى الجسدي الناتج عنه بعد إثباته بتقرير طبي بتعطيل الزوجة المغتصبة لعشرة أيام وبعقوبة تصل أحياناً إلى غرامة بـ 50 الف ليرة وبسجن الزوج المغتصب لـ 48 ساعة فقط، عدا أنه كرّس وللمرة الأولى في قانون مدني «الجماع» بين الزوجين كحق، وهي النظرة الدينية الى العلاقة الزوجية الحميمة.
وقبل قانون العنف الأسري، نجد استسهالاً لبنانياً في تجريم الاغتصاب عبر المادة 503 من قانون العقوبات اللبناني، التي تعاقب «من أكره غير زوجه بالعنف وبالتهديد على الجماع» بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات على الأقل. وكأننا به يعتبر إكراه الزوجة أمراً اعتيادياً انسجاماً مع ما تراه الأديان، عدا عن العقوبة الخفيفة لمغتصب غير زوجه والتي تسقط في حال زواجه منها.
وتأتي المادة 504 لتكمل ما بدأته سابقتها (503) حيث تعاقب «بالأشغال الشاقة المؤقتة من جامع شخصاً غير زوجه لا يستطيع المقاومة بسبب نقص جسدي أو نفسي أو بسبب ما استعمل نحوه من ضروب الخداع». وتصل العقوبة هنا إلى سبع سنوات.
وتاتي كارثة الكوارث في المادة 522 التي تنص على أنه «إذا عقد زواج صحيح بين مرتكب إحدى الجرائم الواردة في هذا الفصل وبين المعتدى عليها أوقفت الملاحقة وإذا كان صدر الحكم بالقضية عُلق تنفيذ العقاب الذي فرض عليه». والجرائم هي الإغتصاب والخطف وفض البكارة والتحرش والإكراه على الجماع واستغلال ضعف الضحية وعدم قدرتها على المقاومة.
وكأن النص القانوني هنا «يشرّع» هذه الجرائم في حالتيها: إن وقعت قبل وبعد اتمام عقد الزواج بإعفاء المغتصب في حال زواجه بالضحية وعدم معاقبته في حال كانت زوجته.
وترى مديرة المشاريع في «التجمع النسائي الديموقراطي» المحامية منار زعيتر ان القضاة في لبنان «نادراً ما يحكمون بالحد الأقصى، وعندما يأتي المغتصب بعقد زواج يتم اسقاط التعقب والحكم حتى لو كان صادراً، بناء على المادة 522». وتتساءل عن دور قضاة الأديان من روحية وشرعية وجعفرية ومذهبية والذين يعقدون عقود الزواج بين مغتصب وضحيته ومدى اقتناعهم بقبول المرأة الضحية فعلياً في هذه الحالة وصحة الزواج أيضاً».
وتثير زعيتر نقاطاً عدة ابرزها «أن العقوبات لا تعادل الجرم وفظاعته بعكس التوجه الدولي المتشدد، ومعاقبة الأذى الناتج عن الاغتصاب الزوجي وليس الاغتصاب نفسه، وإعفاء المجرم من العقاب في حال تزوجه من الضحية». وتطالب زعيتر بمقاربة جديدة تضعها الدولة اللبنانية للعنف الجنسي برمته وتعديل التشريعات على اساس تأمين العدالة للنساء.


المصدر : السفير 
 

اخترنا لكم

قرّاء غدي نيوز يتصفّحون الآن