الوزير محمد المشنوق يطلب وقف مشروع "سدّ جنة"

wowslider.com by WOWSlider.com v8.6

Friday, April 18, 2014

وزارة البيئة لم تعد جائزة ترضية.. وتظهر "مخالبها"
الوزير محمد المشنوق يطلب وقف مشروع "سدّ جنة"

"غدي نيوز" – أنور عقل ضو

جاء قرار وزير البيئة محمد المشنوق أمس (17-4-2014)، بالطلب من وزير الطاقة والمياه أرثيور نظريان "وقف العمل بمشروع سد جنة" في حوض نهر ابراهيم، ليشكل سابقة في مسار ما اعتدنا عليه على مستوى مؤسسات الدولة التي غالباً ما تضرب عرض الحائط التحركات الشعبية وتصم آذانها عن سماع صرخات الناس، ما يؤكد أن المجتمع الأهلي قادر على تصويب ممارسات خاطئة ومنع التعدي على البيئة، وثمة أمثلة كثيرة في هذا المجال عندما تمكنت الجمعيات البيئية من وقف مرامل وكسارات والتعدي على الأحراج وقطع أشجار معمرة، ناهيك عن التصدي لمشروعات كان من شأنها في ما لو نفذت أن تشوه الكثير من المعالم الطبيعية، ومنها على سبيل المثال "مشروع أبراج المتن الأعلى" الذي كان سيدمر ويغير معالم "وادي لامرتين"، وتمكنت في التسعينيات من القرن الماضي "هيئة تنسيق العمل البيئي في المتن الأعلى" من إيقاف المشروع الذي كانت قد أنجزت دراساته.
لكن ما يسترعي الاهتمام بعد قرار وقف العمل بـ "سدّ جنة" أن وزارة البيئة سجلت حضوراً استثنائياً، ضمن المتاح لها من صلاحيات، وأنها لم تعد مجرد "جائزة ترضية" في توزيع الحقائب عند تشكيل الحكومات، فللوزارة أنياب ومخالب بقوة القانون وهو تكرس مع صدور مرسوم دراسة الأثر البيئي. ورغم ذلك بدت الجمعيات البيئية المعنية غير مصدقة للقرار "اننا متفاجئون بجرأة وزير البيئة محمد المشنوق"، يقول رئيس الحركة البيئية بول أبي راشد، بعد كتاب رفع أمس الأول إلى رئيس الجمهوريّة ورئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة، ويقضي "بوقف أعمال إنشاء (سدّ جنّة) فوراً وإعادة الحال إلى ما كانت عليه"، خصوصا أن "غدي نيوز" علم أن مخلفات الحفريات تم وضعها على ضفاف النهر.
ويشير أبي راشد إلى أن "هذا الموقف للوزير اتسم بالشفافية وبالنظرة العلمية والاستماع إلى المجتمع الأهلي"، ويؤكد "أننا نطالب الدولة بإعادة النظر في سوء اختيار المواقع ونحن مع تأمين المياه لكن وفق خطط مستدامة".
وإذ شكر وزير البيئة على قراره، قال أبي راشد: "لا يسعنا إلا أن نحيي اليوم الزميل حبيب معلوف الذي استشرف قبلنا خطر السدود، وفي فترات ماضية لم نكن نوافقه الرأي، لكن ما نادى به طوال الفترة الماضية على صعيد رفض إنشاء السدود السطحية نتبناه اليوم لأنه يستند الى رؤية علمية استشرافية".
مصادر في "الهيئة اللبنانية للبيئة والإنماء" التي أعدت دراسة العام 2010 وتحفظت فيها على إنشاء السدود السطحية في لبنان، نظرت بإيجابية الى قرار وزير البيئة الأخير، معتبرة انه غير كاف وانه يحمّل الوزير المشنوق مسؤولية مضاعفة، اذ عليه ان يطالب بمراجعة شاملة لكل مشاريع السدود السطحية في لبنان ومراجعة الإستراتيجية التي على أساسها تم اعتماد خيار إنشاء السدود السطحية (44 سداً)، وعدم الاكتفاء بطلب دراسة الأثر البيئي لكل سد فقط.
كما علم "غدي نيوز" من رئيس بلدية حمانا جورج شاهين ان وفدا من البلدية سيزور وزير البيئة سريعا للمطالبة بوقف العمل بسد القيسماني، اسوة بسد جنة، لعدم دراسة أثره البيئي أيضا، لا سيما على نبع الشاغور.

الأسباب الجيولوجيّة

استندت الجمعيات البيئية بدعوتها لإيقاف أعمال بناء سدّ جنّة في وادي نهر ابراهيم إلى تقرير المعهد الفيدرالي للعلوم الجيولوجيّة والثّروات الطبيعيّة الألماني الـ BGR سنة 2012، استناداً إلى الدراسات التي قام بها بالتعاون مع مجلس الانماء والاعمار (CDR) في إطار تنفيذ مشروع "حماية نبع جعيتا"، الذي أشار إلى أنّ "التّخطيط للسدّ لم يأخذ بعين الاعتبار عناصر جيولوجية وهيدروجيولوجية مهمّة وحسّاسة موجودة في الموقع المقترح لبناء هذا السّد وهي، الفوالق المتعدّدة الّتي لا تزال نشطة (active faults)، إتجاه الطّبقات الجيولوجيّة المعاكسة لتدفق المياه السطحيّة، الدّلمتة(dolomitization)  الّتي تزيد من مساميّة (porosity) الصّخر وتفاوت سماكة البازلت (basalte)".
وتبعاً للأسباب الجيولوجية "تبيّن أنّ نسبة تسرّب المياه تتراوح بين 35 و52 في المئة، ممّا يقلّص قدرة هذا السدّ على تخزين المياه الى 8 ملايين متر مكعّب فقط، من الـ30 مليون متر مكّعب المقدّرة".
وفي تقرير آخر، ذكر الـBGR  أنه "في ضوء النتائج الحاليّة، من غير المنطقي الذهاب قدماً في بناء سدّ جنّة المخطّط له". وأكّدت الدّراسات أنّ محاولة منع التّسرب ستؤثر مباشرةً وبشكل سلبي على نبع جعيتا. فيما دراسةٌ أخرى قامت بها الشركة الاستشاريّة العالميّةSAFEGE  لتدعم هذه النتائج، وأكّدت أن الموقع المقترح غير مناسب لإنشاء السّد بسبب طبيعته الجيولوجيّة والهيدروجيولوجيّة المعقّدة بالإضافة إلى الفوالق المارّة به.

الأسباب البيئيّة

صنف وادي نهر ابراهيم "موقع طبيعي" بموجب قرار رقم 34/1 صادر عن وزارة البيئة بتاريخ 14/1/1997، فهو موطنٌ لأنواعٍ متعّددةٍ من الثدييّات والطيور والبرمائيات والزواحف المهدّدة بالانقراض، كما وأنواعٍ من النباتات النادرة غير الموجودة سوى على ضفافه.
ومن هنا رأت الجمعيات البيئية ان "إقامة هذا السدّ الضّخم من المرجح أن تتسبّب بجفاف النهر كلّيا، جاعلاً منه مجرى يابساً مما يقضي على التنوّع البيولوجي الذي يميّزه. وتجدر الإشارة بأنّ المنطقة التي سيقام فيه السّد سمّيت بالجنّة لجمال النهر ومحيطه في هذا الموقع".
ويرتبط تاريخ نهر ابراهيم، المعروف بنهر أدونيس، بأكثر من 5000 سنة حضارة، فهو مسرحٌ لأسطورة أدونيس وعشتروت، الّتي شغلت الكنعانيين ومن بعدهم الإغريق والرّومان، وهذا ما دفع المؤرّخ الكبير إرنست رينان لتكريس فصلٍ بكامله لـ "نهر أدونيس" في كتابه "بعثة إلى فينيقيا"، حيث وصف منطقة وادي أدونيس بـ "المنطقة الأبرز في لبنان" نظراً لأهميّتها التاريخيّة.
هذا مع العلم أنّ وزارة الثقافة كانت قد رشّحت وادي نهر ابراهيم ليتم إدراجه على لائحة اليونيسكو للتراث العالمي.

قرار وزارة البيئة

وصدر عن المكتب الاعلامي لوزير البيئة الاستاذ محمد المشنوق البيان الآتي: "في ضوء المراجعات من سكان منطقة وادي نهر ابراهيم واستنادا الى الكتب التي رفعتها الهيئات البيئية، وانطلاقاً من الكتب المتبادلة بين وزارة البيئة ووزارة الطاقة والمياه بشأن دراسات الأثر البيئي في مشاريع السدود التي انبثقت من إستراتيجية المياه في لبنان، فقد أجرى معالي وزير البيئة محمد المشنوق سلسلة اتصالات، وتابع موضوع مشروع سد جنة، وتبين له أن وزارة الطاقة تجاهلت في الماضي كتب وزارة البيئة التي تطالب بضرورة إعداد دراسة أثر بيئي لكل سد وبشكل خاص لمشروع سد جنة رغم النصوص الواضحة في مرسوم أصول تقييم الأثر البيئي الصادر عام 2012. وتبين للوزارة ايضا أن هناك عمليات حفر وأشغال في منطقة حوض نهر ابراهيم تنفذ لمصلحة مشروع سد جنة متغاضية عن ضرورة الحصول على موافقة وزارة البيئة بحسب الاصول. ولذلك فقد قام معالي وزير البيئة محمد المشنوق اليوم بتوجيه كتاب الى معالي وزير الطاقة الاستاذ ارثيور نظريان مطالباً بوقف العمل فوراً بهذا المشروع والقيام بتسليم وزارة البيئة دراسة الأثر البيئي لإبداء الرأي فيها في ضوء التساؤلات التي أشارت اليها دراسات بيئية سابقة. وأكد الوزير المشنوق ثقته بالوزير نظريان الحريص على تطبيق القوانين وإعادة الامور الى نصابها، لكنه لفت الى أنه في حال استمر تجاهل هذا العمل ستضطر وزارة البيئة الى اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لوقف العمل في المشروع الى حين تطبيق نصوص مرسوم أصول تقييم الأثر البيئي".
 

اخترنا لكم

قرّاء غدي نيوز يتصفّحون الآن