Saturday, January 4, 2025
البنوك الأميركية تتخلى عن "خفض الانبعاثات" استعداداً لرئاسة ترامب
"غدي نيوز"
في غضون شهر واحد، انسحبت أكبر البنوك في وول ستريت من تحالف كان يسعى لتحقيق هدف "صفر انبعاث كربوني"، فيما اعتبره محللون استعداداً للعودة الفعلية للرئيس المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، في العشرين من الشهر الجاري.
وشهد تحالف "البنوك لصافي انبعاثات صفرية"، وهو مجموعة مكرسة لمساعدة المقرضين على تقليل بصمتهم الكربونية، انسحاب بنوك غولدمان ساكس وويلز فارغو وسيتي غروب وبنك أوڤ أميركا بشكل متسارع، خلال الفترة الأخيرة. ومن المتوقع أن ينضم چي بي مورغان تشيس، أكبر بنك في الولايات المتحدة، قريبًا إلى قائمة المنسحبين.
وتشير التحركات إلى رغبة البنوك الأميركية في حماية نفسها من الضغوط السياسية المتزايدة مع عودة ترامب إلى البيت الأبيض، وفقًا لما نقلته بلومبيرغ. وذكرت سارة كيميت، المسؤولة عن أمانة التحالف، في رسالة لأعضاء التحالف بتاريخ 31 ديسمبر أن التحالف يتوقع المزيد من الانسحابات الأميركية بسبب "البيئة السياسية"، في إشارة إلى سياسات ترامب المتوقعة، غير الصديقة للبيئة.
ولا يزال التأثير الفعلي للانسحابات غير واضح. فوفقًا لبيانات جمعتها بلومبيرغ، زادت البنوك بشكل جماعي من تمويلها لقطاع الوقود الأحفوري منذ تأسيس التحالف في عام 2021. ويرى جيل فيش، أستاذ القانون التجاري بجامعة بنسلفانيا، أن عضوية التحالف كانت على الأرجح "إشارة للفضيلة" أكثر منها وسيلة لتحقيق تأثيرات مناخية ملموسة.
ودعا نشطاء بيئيون الحكومة إلى التدخل لمواجهة البنوك في وول ستريت. وأعلنت منظمة "المدافعون عن البيئة في نيويورك Environmental Advocates NY"، وهي منظمة غير ربحية، أنها تحث مسؤولي ولاية نيويورك على إدخال قوانين جديدة تلزم البنوك باتخاذ إجراءات مناخية.
وتعكس موجة الانسحابات توترات خلف الكواليس استمرت لأكثر من عامين، حيث دفعت بنوك مثل چي بي مورغان ومورغان ستانلي في عام 2022 ضد أهداف ملزمة لتمويلات داعمة لمقاومة التغير المناخي. وفي ذلك الوقت، قام التحالف بتخفيف بعض المتطلبات، وبقيت البنوك ضمن الأعضاء، ولكن مع تزايد عداء الحزب الجمهوري تجاه المنظمات الصديقة للمناخ، يبدو أن القطاع المالي يسعى لإعادة تموضعه بصورة تتوافق مع توجهات ساكن البيت الأبيض المنتظر.
وتقول بلومبيرغ إن درجات الحرارة العالمية تستمر في الارتفاع بسرعة، بينما تجني البنوك أرباحًا قصيرة الأجل من خلال تمسكها بتمويل منتجي الوقود الأحفوري. ووصف كين بوكر، الذي يدرس الاستدامة في مدرسة فليتشر بجامعة تافتس، تخلي وول ستريت عن تحالفات صافي الانبعاثات الصفرية بأنه "محبط ولكنه غير مفاجئ".
وتم إنشاء هذه التحالفات لتشجيع القطاع المالي على أخذ التكلفة طويلة الأجل لدعم النفط والغاز والفحم في الاعتبار. وعندما تم تأسيس التحالف في عام 2021، كانت البنوك التي تغادر الآن تفخر بعضويتها. وصرح الرئيس التنفيذي لبنك أوڤ أميركا، براين موينيهان، بالتزامه بتحقيق صافي الانبعاثات الصفرية من خلال دوره رئيساً مشاركاً لمبادرة الأسواق المستدامة، التي تهدف إلى "بناء جهد عالمي منسق" لمساعدة القطاع الخاص على التحول نحو الاستدامة.
ولكن بحلول نهاية عام 2024، أعاد أكبر تحالف عالمي للتمويل المناخي، "تحالف غلاسغو المالي لتصفير الانبعاثات GFANZ"، تنظيم مهمته، بالتزامن مع انسحاب البنوك وتزايد هجمات الحزب الجمهوري. وأعلنت المجموعة أنها ستوفر توجيهاتها للمؤسسات المالية، سواء التزمت بالتحالف أم لا.
ولا تزال البنوك التي تنضم إلى التحالف ملتزمة بمواءمة انبعاثاتها الممولة مع "مسارات صافي الصفر بحلول عام 2050" حدًّا أقصى، وفقًا لموقعها الإلكتروني. ويُطلب منها أيضًا تقديم أهداف لعام 2030 لتوثيق تقدمها. وعلى الرغم من انسحابها، أكدت جميع البنوك التي غادرت التحالف أنها لا تزال تعتبر إزالة الكربون هدفًا هامًّا، إلا أنها أوضحت أيضًا أن واجبها الأساسي هو خدمة احتياجات عملائها.
وفي غضون ذلك، تواجه وول ستريت عالمًا مضطربًا، حيث يتعرض المصرفيون ومديرو الأموال الذين يُشتبه في عدم دعمهم لأجندة الحزب الجمهوري المؤيدة للوقود الأحفوري لخطر متزايد من الدعاوى القضائية. وبعد أسابيع فقط من إعادة انتخاب ترامب في نوفمبر/تشرين الثاني، قادت تكساس تحركًا لمقاضاة شركات مثل عمالقة إدارة الأصول بلاك روك وڤانغارد وستيت ستريت، بزعم انتهاك قوانين مكافحة الاحتكار من خلال اعتماد استراتيجيات مؤيدة للمناخ تقيد إنتاج الفحم.
وفي ديسمبر/كانون الأول، أعلنت لجنة القضاء في مجلس النواب، بقيادة الجمهوري جيم جوردان من أوهايو، أنها وجدت "أدلة كبيرة" على أن "كارتل مناخي" مكون من مؤسسات مالية تورط في "تواطؤ مناهض للمنافسة"، من خلال المطالبة بالكشف عن الالتزامات المناخية لصافي الانبعاثات الصفرية وتقليلها وفرضها.
وأوضحت بنوك في أوروبا، حيث تخضع المؤسسات المالية لأنظمة مناخية أكثر صرامة من نظيرتها الأميركية، أنها لا تعتزم مغادرة التحالف. وأكدت بنوك مثل مجموعة آي أن چي ING Groep وبنك دويتشه Deutsche Bank أنها ستظل ملتزمة بالبقاء في التحالف. وقدمت البنوك العالمية حوالي 680 مليار دولار قروضاً وصفقات سندات لصناعة الوقود الأحفوري في عام 2024، مقارنة بـ667 مليار دولار في عام 2021، عندما تم تأسيس التحالف.
ويرى بوكر أن الاختيارات الحالية للبنوك تشبه تلك التي اتخذتها قبل أزمة 2008 المالية. وقال إنه لفهم طريقة تفكير البنوك الآن، يجب استرجاع تعليق أدلى به الرئيس التنفيذي السابق لمجموعة سيتي غروب، تشارلز برينس، في عام 2007: "ما دام أن الموسيقى تعزف، يجب أن تنهض وترقص".
ومع تجاوز الاحترار العالمي العتبة الحرجة البالغة 1.5 درجة مئوية، تثار تساؤلات حول جدوى ادعاء المؤسسات المالية بأنها قادرة على مواءمة عملياتها مع هذا الهدف. وقالت ڤانيسا فاچانز تيرنر، المديرة التنفيذية للمنظمة غير الربحية، إن جهود الجمهوريين لإجبار وول ستريت على التراجع عن التزاماتها المناخية كانت ناجحة، على الرغم من تواضع تلك الالتزامات. وأضافت: "البنوك لن تراقب نفسها، ولهذا السبب نحتاج إلى تنظيم".
المصدر: العربي الجديد
| قرّاء غدي نيوز يتصفّحون الآن |