"غدي نيوز"

في ظل التحضيرات الجارية لإجراء الانتخابات البلدية في أيار المقبل، أجرى موقع "الثائر" وموقع "غدي نيوز" مقابلة مع فادي غانم ، رئيس اللجنة الوطنية للاتحاد الدولي لصون الطبيعة ورئيس جمعية "غدي" المعنية بحماية البيئة والتنمية المستدامة. تناولت المقابلة أهمية هذه الانتخابات، التحديات التي تواجهها، ودور المجتمع المدني في تعزيز التنمية المستدامة والمشاركة الفاعلة في صنع القرار المحلي. وفيما يلي نص الحوار.

ما أهمية إجراء الانتخابات البلدية في لبنان، في ظل الظروف الحالية؟

غانم: "الانتخابات البلدية تمثّل ركيزة أساسية في تعزيز الديمقراطية المحلية، فهي الوسيلة الوحيدة التي تمكن المواطنين من اختيار ممثليهم بشكل مباشر على مستوى البلديات. في ظل الأزمات التي يمر بها لبنان خاصة الأزمة الاقتصادية الخانقة، وتدهور الخدمات العامة، والتحديات الاجتماعية وارتفاع البطالة والفقر، أصبحت البلديات بحاجة إلى تجديد دورها لتتمكن من مواجهة هذه التحديات.

كما أن الانتخابات تُعد فرصة لتطوير القطاع المحلي، عبر تعزيز فاعلية البلديات في إدارة مواردها، وتحقيق التنمية المستدامة.

البلديات القوية التي تحسن استخدام الموارد الطبيعية، وتعمل على تحسين البنية التحتية والمرافق العامة، تساهم بشكل كبير في تحسين جودة الحياة للمواطنين، وهو أمر بالغ الأهمية في ظل الظروف الراهنة."

ما أبرز التحديات التي تواجه الانتخابات البلدية المقبلة؟

غانم: "التحديات أمام الانتخابات البلدية المقبلة عديدة ومتنوعة، وتحتاج إلى الكثير من التفهم والتعامل معها بحذر. من أبرز هذه التحديات:

1.الوضع الاقتصادي الصعب: الأزمة الاقتصادية الحادة تؤثر بشكل كبير على قدرة المواطنين على المشاركة الفعالة في الانتخابات، من حيث القدرة على الوصول إلى مراكز الاقتراع، خاصة الذين يقطنون خارج بلداتهم في أماكن بعيدة، ولبنان لم يعتمد طريقة الاقتراع في مكان الاقامة بعد.

2.التغيرات الديموغرافية: الهجرة الداخلية والخارجية كانت أحد أبرز التحديات التي أدت إلى تغير في التركيبة السكانية لبعض المناطق. هذه التغيرات قد تؤثر في نسب المشاركة الشعبية، حيث أن العديد من المواطنين قد لا يستطيعون العودة إلى بلداتهم للإدلاء بأصواتهم، خاصة القرى التي طالها الدمار والتهجير.

رغم هذه التحديات، تبقى الانتخابات البلدية فرصة حقيقية لتجديد العمل البلدي، وإعادة تقييم الأولويات المحلية، بما يتماشى مع احتياجات المجتمع."

كيف يمكن للمجتمع المدني أن يسهم في إنجاح الانتخابات؟

غانم: "المجتمع المدني يعد شريكًا أساسيًا في ضمان نزاهة العملية الانتخابية. يمكن للمجتمع المدني أن يسهم في إنجاح الانتخابات عبر عدة محاور:

1.المراقبة المستقلة: توفير فرق مراقبة محلية ودولية لضمان نزاهة الانتخابات وشفافيتها، وهذا يشمل التأكد من عدم وجود تلاعب في النتائج، أو تأثيرات غير قانونية على عملية التصويت.

2.التوعية والمشاركة: يجب أن يتبنى المجتمع المدني حملات توعية تهدف إلى تعزيز الوعي الديمقراطي، خصوصًا في المناطق التي قد تفتقر إلى الفهم الكامل للحقوق الانتخابية.

3.تشجيع المرشحين على تبني قضايا التنمية المستدامة: من خلال نشر الوعي حول القضايا البيئية والاجتماعية، يمكن تشجيع المرشحين على تقديم برامج انتخابية شاملة تأخذ بعين الاعتبار استدامة الموارد والحفاظ على البيئة."

ما تأثير التحديات البيئية على البرامج الانتخابية للمرشحين؟

غانم: "البيئة أصبحت عنصرًا أساسيًا في أي برنامج انتخابي ناجح. لا يمكن تصور التنمية المستدامة من دون تضمين قضايا البيئة في البرامج الانتخابية للمرشحين. من أبرز القضايا البيئية التي يجب أن يتطرق إليها المرشحون:

•إدارة النفايات: يجب أن تتبنى البلديات استراتيجيات مستدامة لإدارة النفايات، مثل الفرز من المصدر وإعادة التدوير، وتحويل النفايات إلى طاقة.

•حماية الموارد المائية: يعد لبنان من أكثر البلدان التي تواجه تحديات في إدارة المياه. من الضروري وضع خطط لحماية مصادر المياه، تقليل الهدر، وتعزيز تقنيات حصاد مياه الأمطار.

•مكافحة التلوث: سواء كان التلوث الهوائي الناجم عن النقل والمولدات، أو التلوث المائي من المصانع، يجب على البلديات أن تضع آليات للحد من التلوث ودعم الطاقة المتجددة.

•التخطيط الحضري: يجب أن تتبنى البلديات سياسات التخطيط الحضري المستدام، بحيث يتم تعزيز المساحات الخضراء والحد من التوسع العمراني العشوائي. هذه الحلول البيئية ستؤدي إلى تحسين نوعية الحياة."

ما هي العناصر الأساسية التي يجب أن تتضمنها برامج العمل البلدي لتحقيق التنمية المستدامة؟

غانم: "البرامج البلدية التي تسعى لتحقيق التنمية المستدامة، يجب أن تشمل خطة متكاملة تأخذ بعين الاعتبار كافة جوانب الحياة الاجتماعية والاقتصادية والبيئية. من أهم العناصر التي يجب أن تركز عليها البلديات:

1.تحسين البنية التحتية: تحديث الطرق والمواصلات العامة، تطوير شبكات الصرف الصحي، وضمان استدامة الخدمات الأساسية.

2.إدارة الموارد الطبيعية: يجب أن تشمل البرامج خطة لترشيد استهلاك الموارد المائية والطاقة، وتعزيز استخدام الطاقة المتجددة.

3.الحوكمة الرشيدة والشفافية: تطبيق معايير شفافة للموازنة والمشاريع، وضمان متابعة مستمرة للمشاريع عبر منصات إلكترونية للمشاركة الشعبية.

4.دعم الاقتصاد المحلي: تحفيز ريادة الأعمال، تشجيع الاستثمار في الصناعات البيئية، ودعم الاقتصاد الدائري.

5.التخطيط الحضري الذكي: تبني التكنولوجيا الحديثة في التطوير وإنشاء مشاريع مستدامة."

هل تعتقد أن هناك إمكانية للتغيير الحقيقي من خلال الانتخابات البلدية؟

غانم: "بالتأكيد، التغيير ممكن بشرط أن يتم اختيار المرشحين المؤهلين والذين لديهم رؤية واضحة للتطوير المستدام. الانتخابات تمثل فرصة كبيرة للبنان، لتحقيق التغيير المحلي الذي يصب في مصلحة المواطنين. هذا التغيير سيعتمد على قدرة البلديات في تنفيذ برامج تنموية، تؤثر بشكل مباشر في حياة المواطنين اليومية. التغيير لا يتحقق إلا عندما يتجاوز المواطنون الانتماءات الضيقة، ويختارون مرشحين لديهم برامج واضحة ومدروسة."

ما رسالتك للمواطنين اللبنانيين مع اقتراب موعد الانتخابات؟

غانم: "أدعو اللبنانيين إلى ممارسة حقهم الانتخابي بكامل المسؤولية والوعي، وأن لا يستسلموا لليأس أو العزوف عن التصويت. هذه الانتخابات هي فرصة حقيقية للتغيير الإيجابي، ونحن بحاجة إلى اختيار مرشحين ذوي كفاءة، وقادرين على التعامل مع الأزمات الحالية. من المهم أيضًا أن يتابع المواطنون تنفيذ الوعود الانتخابية بعد الانتخابات، لضمان تحقيق التنمية المستدامة التي يحتاجها لبنان، والاهتمام بالقضايا البيئية التي أصبحت من أولويات الحياة اليومية، كما أشدد على التضامن الاجتماعي وتجاوز أي خلافات سياسية أو عائلية، والتركيز على المصلحة العامة، فالبلدية يجب أن تعمل لمصلحة الجميع، والتنافس يجب أن يكون ودياً حضارياً، وعلى تقديم الخدمة الأفضل للبلدات والسكان.