عين دارة في مواجهة "مصنع الموت" وقرار مجلس شورى الدولة!

wowslider.com by WOWSlider.com v8.6

Monday, January 15, 2018

عين دارة في مواجهة "مصنع الموت" وقرار مجلس شورى الدولة!

"غدي نيوز" – سوزان أبو سعيد ضو -

      

       ما تزال قضية المجمع الصناعي المزمع إنشاؤه في مواقع دمرتها المقالع والكسارات في أعالي عين دارة (قضاء عاليه) تتفاعل، وهو لن يجلب لأبناء البلدة والقرى المجاورة في البقاع وعاليه والمتن إلا المزيد من التلوث، خصوصا وأنه يضم إلى جانب الصناعات الكيميائية مصنعا للاسمنت، أي الصناعة الأكثر تلويثا في العالم والأكثر تهديد للبيئة من حيث انبعاثاتها الضارة، ولا غرو أن يطلق على هذا المجمع أهالي عين دارة والجوار "مصنع الموت".

       ما يثير الكثير من التساؤلات في هذا المجلس صدور قرار مجلس شورى الدولة "المبرم" القاضي وفقا لآل فتوش والبيان الإعلامي الصادر عن مكتبهم بـأن "مجلس شورى الدولة أصدر بتاريخ 14/12/2017 قراراً نهائياً قضى بإعلان قانونية قرار وزير الصناعة رقم 5297/ت تاريخ 8/10/2015 المتعلق بالترخيص لآل فتوش بإنشاء واستثمار مجمع صناعي في منطقة جرود عين دارة، بالتالي، أعلن صحة الترخيص قانونياً وشرعياً وبيئياً وفنياً وتقنياً"، وأشار إلى أن "​مجلس شورى الدولة​ يكون بهذا القرار قد رد مراجعة رئيس وأعضاء بلدية عين دارة​ المتعلقة بطلب إبطال الترخيص المذكور".

 

الحسنية: الترخيص مختلف عن الإنشاءات

 

       وفي هذا السياق، وللاطلاع على حيثيات القرار، قال المحامي نشأت الحسنية وهو من قدم قرار الطعن في منشأة آل فتوش الصناعية في أعالي عين دارة (ضهر البيدر) لـ ghadinews.net: "صدر قانون مجلس شورى الدولة، وعلينا الرجوع الآن إلى وزارة الصناعة، للتأكد من فحوى الترخيص، وتصحيحه وفقا لقرار المجلس، لأن المجلس ألغى الكثير مما تضمنه الترخيص المعطى لشركة بيار ونقولا فتوش، وما يمكنهما القيام به في إطار الترخيص".

وتابع: "أما النقطة الثانية، فنحن ننظر في خيار إعادة محاكمة، لأن ثمة ثغرات قانونية في قرار المجلس، وسنجد إن كان ثمة مجال وإن كان متاحا بالقانون شروط لإعادة المحاكمة، وثمة إجراءات قانونية لدى بلدية عين دارة عليها اتخاذها، ويدرس المجلس البلدي كافة الخيارات".

       وأشار الحسنية إلى أن "القرار محسوم لدى أهالي ومجلس بلدية عين دارة، لجهة رفض المعمل وإصرارهم على ذلك".

       وعن صلاحيات البلدية لجهة منع إنشاء هذا المصنع، أجاب الحسنية: "بالتأكيد وبالقانون، فالترخيص مختلف عن الإنشاءات، ففي قرار مجلس شورى الدولة، لا يحق لآل فتوش بناء أي منشآت في الأرض". وعن سؤال إن كان قرار شورى الدولة كونه مبرما كما أشير في الإعلام، قال الحسنية: "صحيح أنه قرار مبرم، ولكن هناك حالات تجوز فيها إعادة المحاكمة، خصوصا في حال وجود شروط إعادة المحاكمة".

       وردا على سؤال حول دراسة الأثر البيئي التي لم يطلع عليها المجلس البلدي والمواطنون وحقهم بالإطلاع على المعلومات، قال: "بالتأكيد، ولكنهم (آل فتوش) اعتمدوا كتابا أصدرته وزارة البيئة، أن لا أثر بيئيا للمنشآت، بينما أدرجنا ملاحظة فنية تقنية، بأن الموافقة مشروطة بشروط، لم تنفذها شركة بيار ونقولا فتوش، وتغاضى عنها مجلس شورى الدولة، وعن التصنيف الذي أقره المجلس الأعلى للمقالع والكسارات، ووفقا لفتوش بأن عين دارة مصنفة صناعية فئة أولى، في الوقت الذي أقر المجلس الأعلى دراسة تنظيم وتخطيط وتصنيف الأراضي العام للبنان، والذي يعتبر عين دارة منطقة سياحة بيئية وزراعية وسكنية، وبغض النظر عن القرار بعدم وجود أنشطة صناعية قريبة أو في نطاق محمية أرز الشوف المحيط الحيوي، فالخلاف أن مجلس شورى الدولة لم يعين لجنة أو خبراء، لدراسة المسافة لهذه المنشآت، ولم يهتم بالمرسوم الصادر في العام 2009 بموضوع التصنيف، بل استندوا على قرار مجلس الوزراء الصادر في العام 1994، في ظل الوصاية السورية، بأن هناك ترخيصا استثنيائيا بإقامة مقلع ومرامل وكسارات لآل فتوش في منطقة عين دارة".

 

بدر: مؤشر خطير في دولة المؤسسات

 

       وقال المهندس جان بدر أحد أبناء عين دارة، وهو من المشاركين في تحضير نص الطعن من الناحية العلمية والفنية: "بالنسبة للقرار الصادر عن مجلس شورى الدولة ومفاعيله، فقد أصدر المجلس قرارا أساسيا في قضية الترخيص لمعمل الإسمنت في عين دارة، هذا القرار هو غير قابل للطعن، ويعتبر قرارا مبرما على السلطات والوزارات المعنية الالتزام به وبكافة بنوده، لكن ما جاء في القرار، لاقى ردودا متفاوتة في وسائل الإعلام وصفحات التواصل الاجتماعي، فاستعجل البعض اعتبار القرار انتصارا له، وذلك عبر بيان وزع خلسة على موقعين الكترونيين واعتبر الترخيص صحيحا وقانونيا"، وأضاف: "في حين وبعد وضوح الرؤية، خرج القرار ليؤكد أن المواد المقبول بها في الطعن، تنسف الترخيص من أساسه، وتضعه في موقع غير قابل للتنفيذ".

       وأشار بدر إلى أن "النقاط الأساسية التي وضعت في نص الطعن قد حققت أهدافها المرجوة كاملة، وجعلت الترخيص لمعمل الإسمنت في عين دارة ترخيصا على ورق، إن الهدف الأساسي للطعن كان اعتبار وزارة الصناعة أنها تجاوزت حد السلطة المعطاة لها، فهي أعطت ترخيصا صناعيا من صلاحياتها ولكنها تجاوزت حد السلطة عندما سمحت به، دون الرجوع إلى الوزارات والهيئات المعنية الأخرى، ببنود من صلاحيات هذه الوزارات والهيئات".

وقال: "أما الوزارات الأخرى المعنية فهي وزارة الطاقة والموارد المائية عندما يتعلق الأمر باستعمال الكهرباء والمياه، والمجلس الوطني للمقالع والكسارات عندما سمحت بمقالع لاستخراج المواد الأولية على مساحة ما يقارب ٨٠٠ ألف متر مربع، وبلدية عين دارة عندما يتعلق الموضوع بتشييد الأبنية والانشاءات اللازمة من مستودعات ومكاتب وسكن عمال الخ، ووزارة الأشغال عندما يتعلق الأمر باستعمال الطرقات العامة من وإلى المرافق البرية والبحرية، والتنظيم المدني والدوائر العقارية، عندما يتعلق الأمر بضم عقارات وزيادة وتغيير تصنيفها خدمة للإنتاج".

ولفت بدر إلى أن "الطعن بموضوع التلوث البيئي والصحي يرتبط بالدراسة التي حضرتها (شركة جيوفلنت) لصالح وزارة البيئة التي وافقت على نتائجها بتحفظ، والتي ما زالت تحجب تفاصيلها عن العموم خلافا للقانون، لا سيما قانون (الحق في الحصول على المعلومات)، فحقيقة لقد جرى التطرق في الطعن المقدم،  إلى التلوث البيئي لا سيما تلوث الهواء والمياه الجوفية والمزروعات وتأثير ذلك على صحة الإنسان، والضرر الذي قد يلحق بمحمية أرز الشوف الطبيعية والثروة النباتية والحيوانية، والإشارة إلى هذا التلوث قانونيا لا يلزم وزارة الصناعة عند إصدار أي ترخيص، ما دامت وزارة البيئة قد ارسلت موافقة على تقييم الأثر البيئي، وبالتالي لا يمكن لأي قاض إبداء الرأي العلمي دون الاطلاع على دراسة الأثر البيئي كاملة وعرضها على الاختصاصيين والخبراء".

       وقال بدر: "لقد اعتبر مجلس الشورى أن التلوث والمواد المتعلقة به هي ضمن النسب القانونية المسموح بها عالميا، وذلك باطلاعه فقط على الجداول المأخوذة من التقييم وليس على دراسة الأثر البيئي وكيفية إجرائها، وكيفية الوصول إلى هذه الجداول حسب الطرق العلمية المتعارف عليها"، مؤكدا على: "إنه من حقنا الاطلاع على دراسة الأثر البيئي كاملة وكيفية إجرائها، وكيفية جمع البيانات والمعلومات Data وما هي الطريقة العلمية التي اعتمدتها شركة جيوفلنت لاستصدار جداول المقاربة والتي أوصلت إلى تقييم ربما يكون خاطئا، اعتمد عليه مجلس شورى الدولة في رد الطعن بهذا البند"، ثم أضاف: "عند التحضير لأي دراسة أثر بيئي هناك ما يسمى الجمع المخطط والمنهجي لبيانات البيئة، وهو أمر تحتاج إليه الدراسة لتبني مصداقية عند صدور التقييم".

       وأضاف بدر: "إن وزارة البيئة مدعوة لا بل مجبرة حسب القانون في الإفصاح عن كامل تفاصيل الدراسة لكي ندرسها وبالتأكيد سنطعن بها، إن رفض الإفصاح عن هذه الدراسة يثير الريبة وهو مؤشر خطير في دولة المؤسسات".

 

اخترنا لكم

قرّاء غدي نيوز يتصفّحون الآن