"غدي نيوز"
طالب بعض دول الكاريبي بالحصول على تعويضات من أوروبا عن نشاط الإتجار في العبيد في منطقة دول المحيط الأطلسي في السابق. لكن العبودية ما زالت قائمة حتى يومنا هذا.
وقال المخرج السينمائي ستيف ماكوين خلال حفل توزيع جوائز الأوسكار هذا العام إن ثمة 21 مليونا من العبيد في شتى أرجاء العالم. فهل هذا الرقم صحيح؟
استقى ماكوين الرقم الذي ذكره خلال كلمته بمناسبة حصول فيلمه (12 عاما من العبودية) على عدد من جوائز الأوسكار، من بيانات منظمة العمل الدولية التابعة للأمم المتحدة، المنوطة بتقديم أرقام عالمية بهذا الشأن منذ نحو 10 سنوات.
وتقدم قصة فيلم ماكوين نوعا من العبودية انقضى عهده منذ فترة طويلة، لكن إرث تلك الفترة المتعلقة بتجارة العبيد مازال حيا. وتوجد مطالب تقدمت بها 15 مستعمرة سابقة ضد ثماني دول أوروبية من أجل الحصول على تعويضات من تلك الدول.
ويعتقد خبراء أنه لا يوجد في أي مكان في العالم أناس رهن القيد ويتعرضون للضرب والبيع بشكل قانوني وكأنهم عقار. غير أن تقريرا لمنظمة العمل الدولية تحت عنوان "تقديرات 2012 العالمية للأعمال القسرية" يقدر عدد من يصفهم بضحايا الأعمال القسرية بـ 20.9 مليون شخص.
ويعرف التقرير العمل القسري بأنه "كل عمل أو خدمة يُجبر أي شخص على تأديته تحت تهديد العقوبة أو أي عمل لا يؤديه الشخص طواعية."
وتشير المنظمة في تقريرها إلى تقديرات تشمل مناطق مختلفة في العالم. ويعتبر التقرير أن منطقة آسيا بها أكبر عدد من العبيد في العالم، مقدرة العدد بـ 11.7 مليون شخص.
الرق المعاصر
يشير المؤشر العالمي للرق، أحد المؤشرات القياسية التي تقدم بيانات عن العبيد في أنحاء العالم، إلى زيادة العدد إلى 29.8 مليون شخص، نصف هذا العدد في الهند.
وقال كيفين بيلس، أستاذ دراسات الرق المعاصر في جامعة هل البريطانية: "هناك نوع من الإتجار بالنساء الشابات والصبية لأغراض الاستغلال الجنسي تجاريا، كما أن هناك عبودية في أعمال نسج السجاد والمناجم وتفكيك السفن بهدف إعادة تدوير مكوناتها."
وأكثر أشكال العبودية شيوعا هو ما يطلق عليه الرق للعجز عن سداد الدين، إذ يضم هذا النوع أشخاصا اقترضوا مالا وتعهدوا بسداده بأنفسهم وأسرهم وإلا فرضت عليهم أعمال لدى صاحب القرض أو المستعبد، وهو أمر قد يمتد لأجيال حتى سداد الدين.
ويضع المؤشر، الذي يضم 162 دولة، الهند في صدارة القائمة تليها الصين وباكستان ونيجيريا كأكثر أربع دول تضم أكبر عدد من العبيد في العالم. أما أكثر الدول التي يوجد بها أكبر عدد من العبيد قياسا بعدد السكان فهي موريتانيا في منطقة غرب أفريقيا يليها هاييتي.
حتى الولايات المتحدة مازال يقدر عدد العبيد بها بنحو 60 ألف شخص، من بينهم حاملو تأشيرات مؤقتة وخدم.
وفي بريطانيا، التي يناقش برلمانها حاليا مشروع قانون مناهض للعبودية، يقدر عدد العبيد بها بنحو 4426 شخصا.
ويقول أليكس بالتش، من مركز دراسات الرق الدولي بجامعة ليفربول، "يدفعنا المؤشر العالمي للعبودية إلى فكرة ضرورة إعادة النظر في الإتجار والأعمال القسرية وأن نصف هذه الممارسات بالرق المعاصر. ويهدف توصيف هؤلاء الأشخاص بالعبيد و توصيف ذلك بالعبودية إلى الدفع باتجاه اتخاذ موقف سياسي منها".
ويبدو أن هذا النهج حقق بعض النتائج. فالرئيس الأمريكي باراك أوباما حرص في خطاب ألقاها عام 2012 على شرح وجهة نظره بشأن الموضوع. وقال :"أتحدث عن الظلم، والغضب، والإتجار بالبشر، والذي لابد أن نصفها بمسماها الحقيقي، الرق المعاصر."
أرقام مقبولة
لكن كيف توصل بيلس وزملاؤه إلى هذه الأرقام؟ يستعين المؤشر العالمي للرق ومنظمة العمل الدولية بما يطلق عليه مصادر ثانوية.
هذه المصادر يمكن أن تكون أرقاما حكومية وبحوث منظمات غير حكومية وتقارير إعلامية. غير أن بيلس يقول إن هناك أداة رئيسية أخرى تتمثل في إجراء مسح باستخدام عينات عشوائية تشمل لقاءات يجريها باحثون مع أناس حقيقيين بغرض جمع بيانات عن العبودية.
وقال بيلس: "أعتقد أن ذلك معقول. لقد اتصلنا بعدد كبير من الإحصائيين درسوا منهجنا البحثي على نحو مستقل قبل نشرنا (الأرقام) علنا واتفقوا أيضا على أن ذلك مقبول."
بيد أنه يعترف بأن إجراء لقاءات مع الناس لجمع الإحصاءات طريقة لا تخلو من مخاطر إزدواجية عملية الفرز لاسيما بالنسبة لأناس يواجهون العبودية في دول غير تلك التي جاءوا منها.
لذا هل يمكن أن نثق بهذه الأرقام؟ أم أن هناك قدرا كبيرا من التخمين عندما نأخذ مأخذ الجد؟
يقول بيلس "لا يمكنني أن أنكر أنه ربما نكون غير واقعيين تماما." غير أنه أضاف "عندما تواجه أزمة وتخرج بأفضل أرقام تستطيع الحصول عليها، فإنه من الصائب بالطبع أن تطرح هذه الأرقام".
عن الـ BBC