"غدي نيوز"
أقامت الجامعة اللبنانية احتفالا أكاديميا في مجمع الرئيس رفيق الحريري في الحدث، لمناسبة بدء العام الجامعي 2014- 2015، في حضور رئيسها الدكتور عدنان السيد حسين ومجلس الجامعة ومديري الكليات ورابطة الاساتذة المتفرغين وادارة صندوق تعاضد أساتذة الجامعة وحشد من الاساتذة والموظفين والطلاب.
بدأ الاحتفال بالنشيد الوطني ونشيد الجامعة، تلاه تقديم وثائقي لمدة 15 دقيقة عن الجامعة اللبنانية منذ تأسيسها والانجازات العلمية والأكاديمية التي تتحقق كل سنة.
ثم ألقى نقيب الممثلين اللبنانيين جان قسيس كلمة رحب فيها بالحضور، وشدد على أهمية "هذه المناسبة التي تعدنا بكل الخير والنجاح والتألق في جامعة الوطن". وأشاد برئيس الجامعة الدكتور السيد حسين "على دوره الكبير في تقدم الجامعة اللبنانية وريادتها الاكاديمية والعلمية، والانجاز الكبير الذي تحقق بعد أكثر من عشر سنوات من خلال التئام مجلس الجامعة".
السيد حسين
ثم كانت كلمة السيد حسين الذي قال: "قبل سنة وقفنا هنا لنعلن عام الدفاع عن استقلالية الجامعة اللبنانية. واستطعنا بعد عشر سنوات تكوين مجلس الجامعة الذي يشكل إلى جانب رئيس الجامعة، الإدارة الجامعية. فتحية لمجهوداتكم التي ما عرفت التراجع. في العام الجامعي الماضي تفرغ أكثر من ألف أستاذ جامعي بعد مطالبات مستمرة منذ ست سنوات. وفي هذا الحدث إضافة نوعية جديدة إلى سجل الجامعة الوطنية. مبروك للمتفرغين هذا الإنجاز الكبير، وكلنا أمل بدوركم الأكاديمي الرائد في تأكيد مكانة الجامعة الوطنية، رائدة عالية الأركان في العلوم والآداب والبحث العلمي الرصين".
وأضاف: "لن نتحدث في افتتاح العام الجامعي الجديد عن الإنجازات، فهي كثيرة وعميقة. سيأتي موعد يوم الجامعة في السابع عشر من نيسان المقبل لنزيد على ما عرضناه سابقا. نتحدث اليوم عن السلوك الجامعي، أساتذة وموظفين وطلبة في إطار المسؤولية لمؤسسة عامة هي الأكبر والأهم في الجمهورية اللبنانية. وبكل الصراحة وعميق الشعور بالمسؤولية نلج هذا الموضوع الأساس، ضنا بالجامعة وأهلها، وحماية للوطن ووحدته".
وتوجه الى الاساتذة: "الأستاذ الجامعي طالب علم ومعرفة مهما علا شأنه. هو باحث عن الحقيقة العلمية بغير ادعاء فارغ. هو متواضع بحق، الأستاذ الجامعي دمث الأخلاق، نظيف الكف، عفيف اللسان، مقبل على العلم بلا تصنع. لا يغتاب زميله، ولا يطعن بالظهر، ولا يلفق ما هو ضار بالجامعة وأهلها. النرجسية الشخصية المنطوية على عقد نفسية مريضة لا تصنع عالما رصينا، أما الانخراط في مصالح الجماعة فإنه طريق العلماء الذين نهضوا بالعلم والوطن والإنسانية. الأستاذ الجامعي باحث لا مزور. هو مجدد، أو مبتكر لما هو جديد. بحثه ليس نسخا أو تكرارا لما أعطاه غيره. السنة السابعة التي ينالها هي للبحث العلمي أولا، وإنتاجه المعرفي والعلمي مادة مفيدة للطلبة والدارسين. فلا يجوز والحال هذه بيع الكتب على قارعة الطريق أو في دكاكين العلم، فلدور النشر حقوقها، والملكية الفكرية محمية بموجب القانون، وكل أستاذ جامعي بإمكانه طرح مقرره الجامعي إلكترونيا Poly Cop بدون اتجار. الأستاذ المتفرغ هو من صرف ويصرف وقته وجهده للتدريس الجامعي الراقي والبحث العلمي ومساعدة الطلبة على التحصيل والنجاح. والتفرغ ليس مدخلا إلى نيل الراتب فقط، فالضوابط العلمية والإدارية التي نطبقها مكرسة في القانون:
أ - لا أستاذ جامعيا عصي على التقييم. وقد انخرطت جامعتنا في عملية تقييم الهيئة التعليمية منذ سنتين، وهناك خمس كليات كانت تجري سابقا مثل هذا التقييم.
ب - الأستاذ الجامعي منافس بشرف وفق قواعد نظام الجودة العالمي. وإذا كانت جامعتكم قد انخرطت في هذا النظام، فإنها مطالبة بالمضي قدما في هذا الطريق، طريق الإصلاح والتطوير.
قيل كلام كثير عن المتفرغين الجدد، بعضه صحيح، وبعضه مغرض، ويحمل افتراء على الأساتذة والجامعة، والصحيح الصحيح أن لا عقد للتفرغ بدون اكتمال الشروط القانونية، ولا تجديد لعقد التفرغ من غير تطبيق قانون التفرغ. وأبشركم بأن هذا القانون أخذ طريقه إلى التطبيق بعد تعثر. بسبب الأوضاع الأمنية والاجتماعية التي دخلتها بلادنا منذ عام 1975، إننا في مرحلة جديدة ووضع جديد يمكننا من المنافسة والتقدم".
وخاطب المتفرغين الجدد: "خذوا دوركم الرائد في مجالس الأقسام الأكاديمية، وفي تمثيل الأساتذة وصولا إلى الإدارة الجامعية على مختلف مستوياتها. أنتم تمثلون نصف الهيئة التعليمية تقريبا، فلا تقعوا في الخطيئة التي وقع فيها بعض من سبقكم، أي لا تقطعوا الطريق على من سيتفرغ لاحقا. وفي مطلق الأحوال، فإن عملية التفرغ سنوية، ويجب أن يأخذ مجلس الجامعة سبيله إلى التطبيق وفي حمى القانون الذي يعطيه صلاحية التعاقد والتفرغ. أطلب اليوم من العمداء والمديرين، كما طلبت سابقا في اجتماعاتنا الدورية، التقيد بأحكام القانون وقواعد العمل الإداري: التدقيق في الملفات والسجلات المالية والأكاديمية، واحترام المواعيد، وصون المال العام، وتسهيل الأعمال الجامعية لا تعقيدها. تذكروا أن القانون وحده هو المساعد الأول على إنجاز الأعمال الجامعية، وأن الشفافية مطلب دائم لإحقاق الحق. وعلى رؤساء الأقسام التعاون مع مجالس الفروع والوحدات لإنجاز البرامج الأكاديمية، وتوصيف المواد، وتعديل الأنظمة الداخلية للوحدات الجامعية. أنتم لستم في مواقع المناكفة أو العرقلة، أنتم في موقع المسؤولية الأكاديمية، فلا تجرنكم المنازعات الفئوية إلى غير مهماتكم الحقيقية".
ثم توجه الى الموظفين: "نعلم وجع الموظفين والعاملين في الجامعة. منهم من عمل لأكثر من ثلاثين عاما وراتبه الشهري لا يصل إلى مليون وأربعمئة ألف ليرة، وغالبيتهم تراوح رواتبهم بين تسعمئة ألف ومليون ومئتي ألف ليرة. صحيح أن الجامعة أعطتكم فرص تعليم أبنائكم، ولم تبخل بما تستطيع وفق أحكام القانون، لكن مطلبكم بتصحيح الأجور محق، وسعيكم للضمانات الاجتماعية والصحية، وخصوصا بعد بلوغ سن التقاعد، يستأهل كل الدعم والتأييد. لكن، لا يجوز ربط عمل الموظف وأدائه بالأجر أو التعويض فقط. لقد تعقدت ظروف لبنان ماليا واقتصاديا وسياسيا، وتدهورت أحوالنا الاجتماعية. ولا يجوز أن يقول موظف: أنا لا أعمل ما دام لا يعمل غيري من المدعومين. إن التهرب من واجبات الوظيفة مخالف لقانون الموظفين، ولا يمكن أن يساعد حتى على تحقيق المطالب المزمنة والعادلة. وحده العمل الصادق، والمسؤول، هو المنقذ لأشخاصنا وعائلاتنا. وفي مجمل الأحوال، ومهما كانت قاسية، لا يحق لأي موظف، وفي أي مرتبة كان، أن يفشي أسرار وظيفته، لا أثناء العمل ولا خارجه ولا بعد بلوغ سن التقاعد. إن هذا المسلك المنحرف خطيئة، ويعرض صاحبه للمساءلة والعقوبة لأنه يلحق ضررا بالمصلحة العامة في مرفق عام هو لجميع اللبنانيين. كما أن إثارة النعرات الطائفية والمذهبية عمل جرمي يعاقب عليه في القانون الجزائي. إنه تخريب للوظيفة العامة، بل تهديد لوحدة المجتمع. إلى ذلك، لا يجوز أن يبقى المدربون في عقد مصالحة يقبضون تعويضاتهم آخر السنة، إن عقد المصالحة مخالف للقانون من حيث الأصل والأساس، فلماذا يتأخر المسؤولون في استبدال عقود المصالحة بعقود عادية وفق الأصول، علما بأن المدربين في الكليات والمعاهد هم حاجة للجامعة وفق المراسيم النافذة. وبعدما تكون مجلس الجامعة، وقال كلمته بهذا الخصوص، نطالب مجلس الوزراء أن يوافق على مطلب الجامعة الخاص بالمدربين، ووضع حد نهائي لعقود المصالحة هذه".
وقال لطلاب الجامعة: "لا تستسهلوا العلم، فتحصلوا على شهادة زائفة: شهادة رخيصة لا قيمة لها في عالم الفكر، ولا في سوق العمل. لغتكم العربية مصدر معرفتكم، فلا تتخلوا عن علومها وقواعدها وآدابها. ولا يجوز لكم التفريط بها بعدما حماها أجدادكم ضد التتريك من وادي قنوبين إلى جبل عامل مرورا بأعلام الصرف والنحو في جبل لبنان وفي بيروت أم الشرائع. واللغات الأجنبية سبيلكم إلى العلوم والحوار والتعارف مع العالم. تذكروا أن جامعتكم من المؤسسين للوكالة الجامعية الفرنكوفونية (AUF)، وأن أكثر أساتذتكم هم من خريجي أعرق الجامعات الفرنسية على مستوى الدكتوراه. أما الإنكليزية فإنها لغة العصر الطاغية، ولا يمكن الدخول إلى عالم الأعمال والاقتصاد، بل والمشتركات العالمية، إلا عبرها. وعليه، فإن الدور الذي يؤديه مكتب تنسيق اللغات في جامعتنا هو دور محوري في تعزيز البنية اللغوية في زمن تتراجع فيه اللغة، أي لغة، أمام زحف العولمة الرقمية، وأمام تراجع الثقافة اللغوية في مراحل التعليم الأساسي والثانوي. إنخرطوا في تعلم اللغات بعد تعزيز علومكم في العربية والفرنسية والإنكليزية، لأن جامعتكم تدرس باللغات الثلاث، وهذه ميزة لها. شهاداتكم الجامعية معترف بها عالميا، ولطالما أثبت الخريجون أنهم الأكفأ والأعلم والأقدر في المنافسة العالمية من أوروبا، إلى أميركا وإلى بلاد العرب. دافعوا عن الثقافة الوطنية، لا ثقافة الإسفاف والانزواء في الزواريب. صحيح أن وطنكم صغير المساحة، ومحدود الإمكانات المادية، لكنه كبير بطاقاته البشرية، ودوره مشهود في الشرق الأوسط والعالم. تذكروا رموزكم الوطنية، واحفظوها في سجلاتكم ومتاحفكم وأمهات كتبكم. واعلموا جيدا من حقكم أن تتعرفوا إلى تفاصيل حياتكم الوطنية في السياسة والقانون والاقتصاد والاجتماع، وكل مسألة خلافية في الشارع أو داخل المجتمع، ردوها إلى حقيقتها العلمية، ولا تتنازعوا ولا تدْخلوا وطنكم في التجارب".