"غدي نيوز"
تقع بحيرة "كيندوا" أو بحيرة الألف جزيرة في مقاطعة تشجيانغ في الصين، على بعد حوالي 150 كيلومترا من مدينة هانغتشو، وهي بحيرة اصطناعية تشكلت بعد الانتهاء من بناء محطة نهر شينان الكهرومائية.
ففي عام 1959، وبهدف بناء خزان (Xin'anjiang)، غمرت البحيرة بالمياه فتحولت إلى خزان يمتد على مساحة 573 كلم مربع وبسعة تخزينية قدرها 17.8 كيلومتر مكعب، ودفنت تحتها مدن وقرى.
وأطلق على البحيرة اسم "بحيرة الألف جزيرة" كونها تضم 1078 جزيرة كبيرة وعدد كبير من الجزر الصغيرة.
وتستخدم بحيرة كيندوا، المعروفة بمياهها الصافية والصالحة للشرب، لإنتاج مياه "Nongfu" وهي علامة شهيرة للمياه المعدنية العذبة.
وتعتبر البحيرة موطنا للغابات الخضراء والجزر الاستوائية، منها جزر الطيور وجزيرة الأفاعي وجزيرة القردة وغيرها، وتحولت هذه الجزر في السنوات الأخيرة إلى منطقة سياحية.
ولكن الجمال الحقيقي والثروة الحقيقية التي تملكها البحيرة ساكنة في قاعها، فقبل أن تغمر المياه بحيرة كيندوا كانت هناك مدينتان قديمتان رائعتان واقعتين على سفح جبل "شي وو" الملقب بجبل "الخمسة اسود" وهما مدينتي شى تشنغ وهي تشنغ.
بنيت المدينة الأولى عام 621 إبان حكم تانغ (618-907م) وكانت حينها مركزاً سياسيا واقتصادية وثقافيا هاماً. أما الجزيرة الثانية فهي اقدم، إذ تأسست عام 208 ميلادية في عهد "هان" (25 م-200) وكانت أهم مركز تجاري في جزيرة Xin'anjiang.
غرقت كلتا المدينتين شهر ايلول (سبتمبر) من عام 1959 عندما قررت الحكومة الصينية بناء محطة لتوليد الطاقة الكهرومائية وخزان لسد حاجة سكان مدينة هانغتشو من المياه، خاصة وأن عددهم يتزايد بشكل ملفت. فغمرت المياه المدينتين القديمتين إضافة إلى 27 مدينة أخرى و1377 قرية وحوالي 50 ألف فدان من الأراضي الزراعية والآلاف من المنازل السكنية. وتم حينها ترحيل حوالي 290 ألف شخص لإنجاز المشروع. والمثير للصدمة أن الحكومة الصينية لم تولِ أي اهتمام للمحافظة على المدن القديمة.
ودخلت مدينتا شي تشنغ وهي تشنغ عالم النسيان لمدة 40 عاماً إلى أن سلطت الأضواء عليها عام 2001، عندما قرر تشيو فنغ، وهو مسؤول عن السياحة المحلية، استثمار المدينتين الواقعتين في أعماق بحيرة "كيندوا" لأغراض سياحية، فتعاون مع ناد للغوص في بكين وطلب من الغواصين محاولة الغوص في المياه، وإلقاء نظرة على المدينة.
وفي 18 ايلول (سبتمبر) 2001، نجحت أول محاولة للوصول الى المدينة، وكانت المفاجأة أن المدن بقيت على حالها. فتم إعلام الحكومة المحلية بالاكتشاف الجديد، ومع إجراء المزيد من الأبحاث، تم اكتشاف أن جدران المدينة الغارقة منذ عقود، بقيت سليمة كما أن الأبواب الخشبية والسلالم بقيت على حالها.
وفي عام 2005، اكتشفت وزارة السياحة ثلاث مدن قديمة أخرى غارقة في قاع البحيرة، وفي السابع من كانون الثاني (يناير) 2011، تم تسجيل المدن القديمة رسمياً على أنها قطع اثرية، وفي الشهر التالي، نشرت مجلة "ناشيونال جيوغرافيك" الصينية صورا للمدينة الغارقة. وبعدها تحمست الحكومات المحلية لهذا الاكتشاف الجديد ولكنها اصطدمت بمشكلة حول كيفية الحفاظ على المدن القديمة.
واقترح البعض بناء جدران واقية وضخ المياه بعيدا عن المدن الغارقة، ولكن هذه العملية مكلفة كما ان الجدران وحدها لا تتحمل ضغط المياه.
فاقترح بعد ذلك فتح المدن الغارقة أمام السياح. وتم بناء غواصة طويلة بحجم 23.6 متر على ارتفاع 3.8 أمتار تتسع لـ 48 مقعدا بتكلفة قدرها 40 مليون يوان (6.36 مليون دولار) للغوص في قاع المياه. ولكن منذ الانتهاء من بناء الغواصة عام 2004، لم تستخدم ابدا بحجة أن القوانين المحلية لا تسمح للغواصات على الغوص في مياه الجزر، وفقا لمسؤولين محليين، كما أنه لا توجد قواعد تنظم الغواصات المدنية، وإن وجدت فقد تتسبب الغواصة في تدفق المياه بشكل قوي في قاع البحيرة مما قد يؤدي إلى تلف المباني.
ويعتقد بعض الخبراء ان افضل شيء يقوم به المسؤولون حيال المدن الغارقة هو تركها على حالها، لأن التكنولوجيا محدودة في هذا المجال ولم تتطور بما يكفي. ويقول فانغ مينغ هوا، المدير السابق لمركز التراث بمقاطعة تشونان أنه "قبل الاستفادة من الآثار التي نملكها، يجب علينا أولا ضمان حمايتها".
وفي نهاية عام 2002، اقترحت الاكاديمية الصينية للعلوم بناء جسر أرخميدس وهو ممر معلق فى المياه لكنه مشروع صعب. وتهتم حاليا سبع دول بإجراء ابحاث حول هذا المشروع، منها النرويج واليابان وسويسرا والبرازيل والولايات المتحدة. وإذا نجح مشروع جسر أرخميدس لبحيرة "كيندوا" فسيكون أول جسر أرخميدس حقيقي في العالم.