"غدي نيوز"
رعى البطريرك الماروني الكردينال مار بشاره بطرس الراعي حفل العشاء الذي أقامته جمعية "أصدقاء المدرسة الرسمية في المتن"، في مطعم "برج الحمام" - برمانا، الذي يعود ريعه لدعم المدرسة الرسمية في المتن، في حضور وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب ولفيف من المطارنة والآباء ورؤساء بلديات وشخصيات.
بعد النشيد الوطني، ألقت رئيسة الجمعية راغدة يشوعي كلمة شكرت فيها "البطريرك الراعي على حضوره ورعايته الشخصية لا سيما وانه كان صاحب الفكرة والمشجع الأول لإنطلاقها"، كما شكرت وزير التربية الذي "شجع الجمعية واستقبلها وحضر لمتابعتها ودعمها".
وتحدثت عن "حرمان منطقة المتن من المدارس الرسمية اللائقة خصوصا وان ست مدارس رسمية فقط هي ملك للدولة فيما الباقي كله إيجارات أو هبات من البلديات والأوقاف التي تغطي التكاليف"، مشيرة إلى دور البلديات "الداعم للمدرسة الرسمية والمحتضن لها".
بعد ذلك، عرض فيلم وثائقي عن المسح الميداني الذي قامت به الجمعية ويظهر الحاجات الملحة للمدرسة للمباني المناسبة وللترميم والتجهيز والمحروقات والمعلمين المتخصصين.
بو صعب
ثم تحدث بو صعب فقال: "بفرح كبير، وبمسؤولية واندفاع، وبمحبة غامرة، يرتفع إسم المدرسة الرسمية في المتن عنوانا في حجم مستقبل وطن، يحظى بالرعاية والحضور والمتابعة والمباركة من جانب صاحب الغبطة والنيافة مار بشارة بطرس الراعي الكلي الطوبى، الذي شرفنا بحضوره ورعايته حفل العشاء الخيري المخصص لدعم المدرسة الرسمية في المتن والذي تنظمه مشكورة جمعية دعم المدرسة الرسمية في المتن برئاسة السيدة النشيطة غادة يشوعي ومعها هيئة إدارية ناشطة ومتحركة، تحمل في قلبها وعقلها قضية التعليم الرسمي من خلال دعم المدرسة الرسمية".
أضاف: "لقد نصت دساتير الأمم المتقدمة وقوانينها وأنظمتها على أن التعليم مسؤولية مشتركة بين الدولة والبلديات والمؤسسات الحية في المجتمع، ويقيني أن المدرسة الرسمية في المتن تستحق الرعاية والعناية والمتابعة لكي تلعب دورها الوطني والتربوي والإجتماعي في خدمة أبناء هذا الوطن. وأنتم يا صاحب الغبطة تحملون هذه القضية في قلبكم وعقلكم وتعبرون عن حرصكم على المدرسة الرسمية من خلال حضوركم شخصيا هذا الحفل، وتطلقون من خلال هذه المبادرة الكريمة الرهان على المدرسة الرسمية لكي تكون خيارا صالحا وفعالا ومتاحا أمام جميع اللبنانيين، من أجل تأمين التعليم لأولادهم بالمستوى المطلوب وبالجودة التي نرجوها جميعا لهذه المؤسسة الوطنية الكبيرة والتي تستحق هذا الإهتمام".
وتابع: "إنه توجه نتوقف عنده بإعجاب وتقدير كبيرين يا صاحب الغبطة، ونعتبره مؤشرا تاريخيا يرسم سياسة جديدة من جانب البطريركية المارونية الكريمة، هي سياسة مساندة لجهود وزارة التربية ومرشدة ومنصفة للأهالي خصوصا في مناطق جبل لبنان حيث كانت المدرسة الرسمية شبه غائبة عنها لسنوات طويلة. إن إجتماع الأحباء من أهلنا في المتن برعايتكم يا صاحب الغبطة والنيافة بدعوة من جمعية دعم المدرسة الرسمية في المتن، يؤسس لمرحلة إستنهاضية للقوى الحية في المجتمع من بلديات وجمعيات وافراد قادرين لكي يوفروا الإحتضان والدعم والمؤازرة للمدرسة الرسمية لكي ترفع حملا ثقيلا عن كاهل الأهل وعن المؤسسات الخاصة التي باتت تتحمل عددا كبيرا يفوق طاقة بعضها من التلامذة غير المقتدرين على سداد أقساطهم المدرسية وهم يطرقون الأبواب لكي يحفظوا لأولادهم مقعدا دراسيا في أي مدرسة خاصة، فيما يتوجب علينا أن تكون مدارسنا الرسمية الخيار الأول الصالح والقادر على تقديم العلم للجميع من دون طبقية ولا تمييز في الجودة والمستوى".
وقال: "إنني منذ تسلمي لمسؤولياتي في الوزارة أتولى نفض الغبار عن الهبات والقروض الميسرة النائمة في الأدراج لكي يتم تأمين المدارس الرسمية اللائقة في مناطقنا على غرار المناطق الأخرى في لبنان. كما أن على الأهالي أن يشاركوا في انتخاب لجان الأهل في المدارس الرسمية وأن يرسلوا اولادهم إليها لكي لا تتحول مؤسساتنا مأوى للغرباء وحدهم فيما يغيب عنها أبناء الوطن ويدفعون من ضرائبهم بدلات الإيجار ورواتب المعلمين".
أضاف: "إنني حريص على مصلحة الأساتذة وأهمية العناية بهم ليحققوا الفرق في المدرسة الرسمية. ولقد شكرت السيدة راغدة يشوعي السيد سركيس سركيس لتبرعه بـ 25 مليون ليرة لبنانية للمدرسة الرسمية، وأنا أعرف قيمة دعم المدرسة الرسمية منذ كنت رئيس بلدية ضهور الشوير حيث تمكنت المدرسة بفضل الدعم الذي قدمناه من تجهيز أول صف رقمي في لبنان. ويسعدني الان أن أبلغكم أنني قد أمنت لكم 4 مرات 25 مليون ليرة، الأولى من السيد كمال قاعي والثانية من السيد جان أبو جودة، والثالثة من السيد جورج عبود والرابعة مني أنا شخصيا فيصبح المجموع مائة مليون ليرة تضاف إلى الـ 25 مليون التي تبرع بها السيد سركيس وأشكرهم جميعا".
وذكر بو صعب بقراره في أول العام الدراسي الحالي الذي "أوقف تسجيل غير اللبنانيين في المدارس الرسمية لكي يحفظ الحق للتلامذة اللبنانيين لأن عدد النازحين بعمر الدراسة بلغ نحو 400 ألف تلميذ"، لافتا الى أنه وقع "قرارات لبناء 7 مدارس بالمتن و 4 مدارس في كسروان و 3 مدارس في البترون يضاف إليها عدد من المدارس في جبيل وفي بعبدا من القرض الفرنسي. وهناك هبة ألمانية ستغطي بناء عدد من المدارس في المتن وكسروان والبترون، يضاف أليها قرارنا ببناء مدرسة في بيت مري".
وقال: "الإهمال هو الذي يجعل الأهالي يبتعدون عن التسجيل في المدارس الرسمية لذا علينا تأمين مدارس لائقة لتشكل المدرسة الرسمية خيارا صالحا وعلى المستوى المطلوب. ان المساعدات التي تصلنا من الجهات المانحة أصبحت توضع في المكان الذي نقرره نحن لأننا محرومون أكثر من أي مكان آخر في لبنان".
الراعي
بدوره، قال الراعي: "بداية نهنىء أنفسنا بالوزير بو صعب ونهنىء المتن ولبنان به، لأنك أظهرت قدرة الشباب وعزمهم كما أظهرت أنك صاحب القرار والرؤية الواضحة والمسؤولية والجدية، ونتمنى لك الخير والنجاح والتوفيق من أجل خير لبنان وخير المدرسة الرسمية والتعليم المهني والتعليم العالي. كما نشكر رئيسة الجمعية النشيطة السيدة غادة كاوركيان يشوعي والهيئة الإدارية على هذا النشاط وأتمنى لها وللجمعية ولأصحاب الأيادي البيض كل الخير والتوفيق".
أضاف: "يسعدني أن أشارك في الاحتفال الأول الذي تقيمه جمعية "أصدقاء المدرسة الرسمية في المتن"، حول مائدة المحبة هنا في برمانا، بحضور سيادة راعي الأبرشية المطران كميل زيدان والسادة المطارنة ومعالي وزير التربية والتعليم العالي الأستاذ الياس بو صعب، ومسؤولين تربويين وأصدقاء. فإني أحيي رئيسة هذه الجمعية السيدة راغده كاوركيان يشوعي وسائر أعضائها، وأشكرهم على هذا اللقاء، وعلى حمل هم المدرسة الرسمية في المتن، وأشجعهم على السير قدما في تحقيق الأهداف المقررة بموجب بيان العلم والخبر رقم 968 الصادر عن وزير الداخلية بتاريخ 29 أيار 2014، وهي على الأخص "المساهمة في دعم وتشجيع المدرسة الرسمية ورفع شأنها وإنمائها من أجل تأدية دورها الرسالي والثقافي والتربوي، من خلال توثيق التعاون مع أجهزة وزارة التربية والتعليم العالي، ولجان الأهل، والمدارس الخاصة".
وتابع: "إننا نبارك من صميم القلب هذه المبادرات بإنشاء جمعية "أصدقاء المدرسة الرسمية في المتن"، التي قامت بها مجموعة من السيدات والسادة من أبناء المتن. وكنت قد شجعتهم كثيرا على هذه الخطوة، التزاما منا بتطبيق مقررات المجمع البطريركي الماروني (2003-2006) وهي اهتمام الكنيسة بالمدرسة الرسمية في ما يختص بتطوير برامج دعم للمدارس الرسمية، وتأمين التجهيزات الضرورية لتحقيق الأهداف التربوية، وتجهيز المختبرات اللازمة، وتشجيع الهيئات الإدارية والتعليمية في المدارس الرسمية على القيام بواجبهم الكنسي والاجتماعي والوطني من خلال رسالتهم التربوية".
وأشار الى أن "الكنيسة تلتزم من جهتها بتوفير الإرشاد الروحي والتعليم المسيحي في هذه المدارس. وتطالب الدولة اللبنانية القيام بواجبها كاملا تجاه دعم التعليم الرسمي وإصلاحه، وإيقاف الهدر، وتحديث الأبنية والأجهزة التربوية، وتأهيل الهيئة التعليمية حيث يجب، وتعزيز تعليم اللغات العربية والأجنبية ضمانا للجودة والملاءمة. والمجمع الماروني يشجع قيام جمعيات أهلية تضم نخبا من الإكليروس والعلمانيين، مهمتها دعم المدارس الرسمية حيث يلزم (النص 16: الكنيسة المارونية والتربية: في التعليم العام والتقني، فقرة 52-53)".
ولفت الى أن "الكنيسة معنية بدعم المدرسة الرسمية وتطويرها وتقدمها، انطلاقا من واجب المحافظة على حرية التعليم التي تقرها المادة العاشرة من الدستور اللبناني. وتقتضي هذه الحرية قيام توازن ومساواة بين المدرستين الرسمية والخاصة، بحيث تتاح للأهل إمكانية الاختيار الصحيح والأنسب والمسؤول لمدرسة أولاده. فالدولة مسؤولة عن توفير مجانية التعليم، والتشريع لإلزاميته، ووضع المناهج التربوية الرسمية والتشريعات التي يلحظها الدستور في شأن التعليم. والكنيسة في المقابل تنشىء المدارس وتؤمن تعدد تعليم اللغات فيها، والانفتاح على الثقافات المتنوعة، وإغناء المناهج الرسمية بمواد تعليمية من شأنها أن تنمي الطاقات الجمالية والفنية والمواهبية لدى كل تلميذ. إن حرية التعليم، واختيار المدرسة المناسبة، يسهمان في المحافظة على المجتمع التعددي الثقافي الذي يميز لبنان، وفي تنمية الفكر النقدي، وتحفيز الإبداع، والتمرس على حمل المسؤولية، وإنتاج المعارف (راجع المرجع نفسه الفقرة 25)".
وقال: "في هذا الإطار تندرج جمعية "أصدقاء المدرسة الرسمية في المتن"، ونحن إذ نباركها وندعم نشاطها نرجو لها النجاح الكامل في دعم المدرسة الرسمية ونموها وتطويرها. إن قيمة لبنان هي في مدرسته الحرة من الإيديولوجيات والألوان والتدخلات السياسية، فتبقى هذه المدرسة الأمل الأساس في خلاص لبنان، طالما هي تربي وتخرج أجيالا جديدة حرة ومسؤولة، غنية بالمعرفة والأخلاقية والتطلعات المستقبلية".
وختم: "على هذه المدرسة الحرة، أكانت رسمية أم خاصة، ينطبق القول المأثور: إن المستقبل هو في أيدي الذين يزرعون بذور الرجاء في قلوب الأجيال الطالعة".