بركان كرافلا... بوابة الجحيم في آيسلندا

wowslider.com by WOWSlider.com v8.6

Tuesday, March 17, 2015

"غدي نيوز"

في جزيرة تضطرب فيها الأرض، وتغلي فيها الينابيع الطبيعية بغضب شديد، تعود الأساطير القديمة لتصبح حية من جديد، فمنذ قرون، كان سكان آيسلندا يعتقدون أن الحمم البركانية ما هي إلا أرواح بشرية ألقي بها من الجحيم. وحتى اليوم، تسرد الحكايات الشعبية قصصاً عن الجان الذي يتوارى بين حقول الحمم البركانية لحراسة الأرض بغيرة شديدة.
تأخذ هذه الأساطير شكلاً خاصا في الجزء الشمالي الداخلي من آيسلندا، حيث ينبعث من البرك الراكدة هناك الغاز الكبريتي والحطام البركاني الذي يتناثر عبر السهول.

المكان الذي هبط فيه الشيطان

وتصف هذه الحكايات الخيالية التي تتناقلها الأجيال عبر السرد الشفهي بركان "كرافلا" Krafla بأنه بوابة الجحيم، فهو المكان الذي هبط فيه الشيطان بعد طرده من الجنة، كما تقول تلك الحكايات.
واليوم، تنبعث حمم بركان كرافلا بهدوء، وتبلغ فوهة ذلك البركان عشرة كيلومترات، وتقع على طول الأخدود المتوسطي الأطلسي، الذي يقسم آيسلندا بين أميركا الشمالية والصفائح التكتونية الأوراسيوية.
لكن كرافلا ليس دائما على هذا النحو من الهدوء، ويصادف هذا العام الذكرى الأربعين لاندلاع الحرائق في بداية عام 1975، وهي فترة تسع سنوات من النشاط الجيولوجي غير العادي، إذ وقعت خلاله تسعة انفجارات ضخمة.
كما تفجرت أعمدة من الحمم وأحدثت شقوقا بعمق 1.138 مترا، مما أدى إلى تشكل غرفة هائلة من الحمم المنصهرة.
وعلى الرغم من سمعة كرافلا الجهنمية - أو ربما بسببها - يسهل اكتشاف البركان. وفي شمالي آيسلندا، يبدو أن الطريق إلى جهنم مفروش بمسارات خشبية.

اعتقاد بوجود الجان والأشباح والأقزام

على طول الممرات التي تدور حول فوهة بركان كرافلا، التي يتصاعد منها الدخان الأسود، يمكن أن يشعر المء بحرارة الأرض، وأزيز البخار يصدر من الشقوق التي تحمل مسحة الجمر من الحديد.
وتعتبر الفوهة البركانية هذه موطنا لاثنين من الحفر البركانية، هما ليرينجوكور، وفيتي، وهذه الأخيرة تترجم مباشرة إلى "الجحيم".
وفي اتجاه فوهة ليرينجوكور، أحدثت الفقاعات الضارة تموجات في البرك الطينية بلون حجر اليشم، ورائحتها الكبريتية تجعل العين تسيل بالدموع. وكان يعتقد ذات مرة أن مثل هذه الحقول البركانية بمثابة ساحات معارك تقودها الآلهة.
وحتى اليوم، يربط الفولكلور المحلي المناظر الطبيعية البركانية بالأقزام الخرافية، وهي كائنات مولعة بالقتال تختبئ تحت الأرض.
وقد تحولت إلى أحجار جراء تعرضها لأشعة الشمس، وتشبه العديد من الصخور الموجودة حول كرافلا تلك الاقزام الخرافية التي تحرس باطن الارض، وفقا لتلك الاساطير.
يقول تيري غانيل، أستاذ علوم الفولكلور بجامعة آيسلندا: "توجد الخرافات والمعتقدات لدى جميع المجتمعات، على الرغم من كل الذي يصفها به ريتشارد دوكينز في نظرياته". ويضيف: "آيسلندا تقع على أطراف المحيط، والطبيعة هنا تعج بالحياة".
وأظهر آخر استطلاع أجراه غانيل حول الخرافات الايسلندية أن حوالي نصف المشاركين يعتقدون في وجود الجان، والأشباح، والأقزام التي تحرس باطن الأرض في تلك المنطقة.
وعلى ما يقرب من 18 كيلو متر جنوبي كرافلا، لا يزال المشهد يضمر شرا، حيث يوجد بركان "ديموبورجير" الذي يترجم إلى "القلاع المظلمة" التي تعج بحقول الحمم التي تأخذ شكل "مملكة الجن"، وهي أعمدة من الغرانيت تنبت من الأرض، وكهوف تحت الأرض.

عملية جيولوجية لا تنتهي

والأكثر لفتا للانتباه هو كنيسة ديموبورجير، التي تشبه قوسا مدببا من مدخل الكنيسة القوطية.
ويحيط بها ممر متفحم، وأكوام من الركام البركاني التي تشكلت بفعل الطبيعة قبل 2.300 سنة، حيث بردت تلك الحمم وسقطت فوق المستنقعات.
وقد وثق الباحث الجيولوجي أودور سيجوردسون تلك المنطقة والتقط لها صورا خلال حرائق كرافلا في الفترة ما بين 1975 إلى 1984.
ومن خلال فحص منطقة بركان كرافلا والمناطق المحيطة بها، مثل ديموبورجير، كان يشاهد انفجار الحمم وخروجها من فوهات البركان وقوتها التي تهز الأرض على مسافة ثمانين كيلومترا، فتتشكل قشرة أرضية جديدة بعد يوم واحد من اندلاع البركان.
وبعد كل هذا، يظل التغيير الدرامي جزءا لا يتجزأ من عملية تحول وتجدد تحدث في آيسلندا بشكل مستمر إلى ما لا نهاية جراء ذلك الحراك البركاني.
وقال سيجوردسون: "الوافد الجديد إلى المنطقة اليوم لن يرى المشهد بطريقة مختلفة عن الشخص الذي رأه منذ نصف قرن". وأضاف: "تعتبر حرائق كرافلا حلقة واحدة في تلك العملية الجيولوجية التي لا تنتهي".
وبالنسبة إلى الغرباء، فإن حقول الحمم البركانية مثل "كرافلا" و"ديموبورجير" لها شعور مروع، ولكن بالنسبة إلى الباحث الجيولوجي سيجوردسون، هناك مزيج بين الروعة والدراما والخطر.
يقول سيجوردسون: "لقد أصابتني الدهشة عندما شاهدت نمو طحلب بشكل سريع في حفرة بركانية جديدة. لم يسبق لى أن رأيت نمو هذا الزعتر البري". وبعد هدوء هذه العاصفة البركانية، سرعان ما تُبعث الحياة في آيسلندا من جديد.

بتصرف عن "بي بي سي"
 

اخترنا لكم

قرّاء غدي نيوز يتصفّحون الآن