لوائح خضراء في انتخابات 2013

Ghadi news

Monday, August 27, 2012

هل سيتمكن البيئيون من الوصول إلى الندوة النيابية في لبنان؟ سؤال يقود لزاماً إلى إشكاليات تطاول البيئة السياسية لوطن لم يرتقِ يوماً إلى ما يتعدى الانتماءات الملتحفة أعلام وشعارات الطوائف والمذاهب، وتستحضر الفساد كحالة ثابتة مستقرة منذ أن ارتضى اللبنانيون نظاما يحمل على الدوام بذور الخلافات القابلة للتبرعم من خاصرة القبيلة والعشيرة، كلفت لبنان حتى الآن حروبا أهلية وصراعات أعاقت ولما تزل مسيرة تقدمه وتطوره.
المشكلة في لبنان أن ليس ثمة ما يمكن اعتباره انتماءاً واضحاً لدولة ونظام، فالدخول إلى الوطن يفترض أولا المرور إلى الطائفة كمؤسسة دنيوية، أي إلى هذا الفضاء البعيد عن أي معنى إيماني بعد أن تحولت الطوائف مؤسسات تدأب للحفاظ على مكتسباتها وتسجيل النقاط على الشريك المفترض في الوطن، ودائماً تحت ستار شعارات مقنعة بالموروث الاجتماعي والثقافي لكل مجموعة من المجموعات الطائفية التي يتشكل منها لبنان، ومزينة بشعارات التعايش والمصير المشترك وما إلى ذلك من عبارات، تؤكد أن لبنان لم يتطور اجتماعيا وثقافيا وسياسيا إلى مستوى كيان تخطى دائرة الالتباس.
في التجربة القريبة على مستوى الانتخابات النيابية، نجد أن أيا من الزعماء لا يملك مشروعا وطنيا واضحا بأهدافه – إلا من باب رفع العتب – والكل يتحصن خلف الطائفة، وتتشكل اللوائح لتكون قاطرات تقل من يمحضونهم الولاء في ما يعرف بظاهرة الاستزلام، والنتائج تقررها "المحادل" الانتخابية القادرة على الدخول تحت قبة البرلمان بقوة "الخوف على الطائفة" ومن الآخر المتربص بها شرا.
لسنا في وارد الدخول إلى تفاصيل مرتبطة بالواقع السياسي بخاصيته اللبنانية، وما يعنينا في هذا السياق أن البيئة كقضية وطنية وكونية لا تمثل حتى الآن لغة قادرة على اجتذاب الناخب اللبناني، ومن هم في مواقع السلطة يستسهلون خوض الاستحقاق النيابي من خلال استحضار الخوف على الطائفة، فهذه اللغة كفيلة بتغليب الغريزة على العقل، وإن تزينت اللوائح بشعارات لا تتعدى كونها "لزوم عدة الشغل" لا أكثر.
من الصعب أن تتمكن القوى الخارجة عن إرادة ممثلي الطوائف أن تصل إلى الندوة النيابية، ويبدو أن النخب الواعية والمثقفة مدعوة الآن إلى مراكمة رأي عام يمثل النقيض لحالة التشرذم والانقسام، ومن بين هذه النخب من التزموا البيئة خيارا ثابتا لاستعادة الوطن من دهاليز السياسة بمعناها النفعي، والمطلوب في هذه اللحظة حشد كل الطاقات لصوغ أفكار عابرة للطوائف.
كما أن على البيئيين الآن أن يصوبوا أولا مسارات تقود إلى تكريس مناخ ديموقراطي خارج الاصطفافات المذهبية، وهذه مهمة لا يمكن أن تتحقق في فترة زمنية قصيرة، لكن المهم الانطلاق في الخطوة الاولى، وثانيا، التحضير لخوض الاستحاقاق النيابي المقبل 2013 من خلال "لوائح خضراء"، بمعنى العمل على تظهير حضورهم كي لا تتقاذفهم مصالح المتسترين على تدمير البيئة الحقيقية للبنان!

أنور عقل ضو
 

اخترنا لكم

قرّاء غدي نيوز يتصفّحون الآن