fiogf49gjkf0d
"غدي نيوز"
اطلق وزير الثقافة ريمون عريجي والمديرة العامة لليونسكو إيرينا بوكوفا رسميا حملة "متحدون مع التراث في لبنان"، خلال احتفال ثقافي أقيم في المتحف الوطني، في إطار جهود اليونسكو لحشد الدعم وتشجيع الشباب العربي على المشاركة في نشر الوعي وحماية التنوع والتراث الثقافي، المهدد من جراء أعمال العنف والخطاب الطائفي.
وتخلل الحفل عرض للأنشطة التي قام بها مكتب اليونسكو في بيروت في إطار هذه الحملة ولقاء حواري مفتوح مع شباب وطلاب من المدارس المنتسبة لليونسكو، إضافة إلى مؤتمر صحفي عقدته بوكوفا وعريجي.
عريجي
وألقى عريجي كلمة استهلها بالترحيب بـ "المديرة العامة لليونسكو إيرينا بوكوفا في لبنان، في إطار جولتها في الشرق الأوسط كجزء من حملة Unite4Heritage لحماية تراث البشرية العالمي، والتي أطلقتها المديرية العامة للآثار، بالتعاون مع مكتب اليونسكو الإقليمي، ضمن إطار مشروع ARCHEOMEDSITES 18 في 18 نيسان (أبريل) 2015"، وقال: "نرحب بك في وطن الثقافة لبنان، منارة وبوابة الشرق. ففي هذه الأوقات العصيبة التي يمر فيها العالم، وخصوصا منطقتنا، يجد مسعاكم، في إطار الحفاظ على التراث المادي وغير المادي للشعوب، كل معناه وأهميته. وبالفعل، من غير المجدي بذل جهود لتحديد وتصنيف المواقع والتحف الأثرية ضمن تراث البشرية، إذا لم نقم بشيء بعد ذلك لضمان حمايتها واستدامتها".
أضاف: "نواجه حاليا أسوأ أشكال التوحش العازم على القضاء على قرون من الحضارة وتطور الفكر لإعادة الإنسان الى حاله البدائية الأولى، وفكره الى العصور المتحجرة. وبالتالي، يتم القضاء على المنجزات التاريخية الرائعة من أجل الحرية والكرامة الإنسانية، التي بدأت منذ عصر التنوير، مع كل وثيقة تحرق ويتم نكرانها مع كل تحفة أثرية تهدم. ومن الضروري أن نتحد لمواجهة هذا التوحش، لأننا نتأثر بهذه الهجمات التي تستهدف إنسانيتنا وتراث البشرية قاطبة. ومن خلال صون وحماية جذور هوية المجتمعات المحلية المتضررة من هذا التطهير العرقي القائم، يمكننا مكافحة الاستراتيجية الشيطانية الهادفة إلى تحويل منفى هذه المجتمعات القسري إلى منفى دائم".
وأشار إلى "تطبيق إتفاقية مكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية، التي نظمتها اليونسكو في عام 1970 بطريقة صارمة وعلى نحو متزايد، بالتعاون مع الإنتربول والجمارك الدولية، ولا يسعني إلا أن أصفق لهكذا مسعى واضح وثابت العزم، فهذا أمر يدعو الى التفاؤل".
وتابع: "لطالما أعربت عن قلقي، وخصوصا خلال خطابي الأخير في القاهرة منذ يومين فقط، حيال هذه الممارسات والمخالفة للقوانين في نهب تراث الشعوب التي تتعرض للابادة والقهر وبيعها في السوق السوداء الدولية. ونلاحظ أن من خلال أيديولوجياتها المتطرفة، تجد دائما هذه الفصائل المجرمة وسيلة لتحقيق مبتغاهم وأهدافهم التجارية".
وأردف: "لقد شددت على ضرورة تعزيز التعاون بين إدارات مختلف البلدان على كل المستويات عبر تكثيف الرقابة الجمركية وانتشار تبادل المعلومات وتشديد العقوبات سواء بحق من يقوم بتهريب القطع الأثرية والتراثية المعنية أو بإخفائها. وكذلك، تتطرقت إلى أهمية التواصل في شأن إخفاء القطع الأثرية، من خلال حملات توعية إعلامية تسلط الضوء على خطورة هذه الجريمة التي تساعد على تغذية وتمويل هذه الجمعيات الإرهابية الخطيرة بطريقة غير مباشرة".
وشدد على أن "الاونيسكو يمكنها الاعتماد على تعاون لبنان الكامل من خلال حملة Unite4heritage، التي نؤيدها تماما"، وقال: "خيارنا واضح، ونحن منحازون إلى الحرية والديموقراطية. ويشكل مثال التعددية الثقافية والدينية في لبنان نموذجا للتعايش، وهو الضمان الوحيد للحداثة والتقدم والتطور".
وختم عريجي: "أشارك يوميا في إفتتاح مختلف مناسبات ثقافية عديدة، فلبنان مركز ابداع متجدد بارادة بنيه وأحاول كل يوم دعم وتشجيع هذه المبادرات التي تنير وجه لبنان الحضاري والمتقدم الذي أحب. إنني أقوم بذلك بحماس واقتناع، لأنني أعتبر أن الأعمال تمثل مقاومة حقيقية ورفضا قاطعا للفكر الظلامي الذي يسعون لفرضه. لقد اعتمدت المقاومة الثقافية عقيدة ونهج عمل. إن الرسالة التي يبعث بها لبنان إلى المجتمع الدولي من خلال زيارتكم هي رسالة إنفتاح بقدر ما هي دعوة إلى التوعية العاجلة حول الوضع الدقيق الذي مر به، فلبنان يمثل المعقل الأخير ضد هجمة تطرف الجماعات المحشودة على حدوده.علينا أن نعمل وألا نبقى مكتوفي اليدين لكي يظل ويبقى لبنان "البلد - الرسالة،" رسول الحوار بين الثقافات ورسول الديمقراطية والحرية".
بوكوفا
من جهتها، أشارت بوكوفا الى أنه "لطالما كانت هذه المنطقة نموذجا للتعايش الديني والتنوع الثقافي"، ورأت في "المجموعة المتنوعة التي يحتويها المتحف الوطني كتابا مفتوحا ودليلا واضحا على المزيج الثقافي لهذه المنطقة، وهو يذكرنا بأنه ليس هناك ثقافة نقية: فعلى عكس ذلك، تتأتى عظمة هذه المنطقة من تنوعها".
اضافت: "لم نشهد في التاريخ الحديث على تدمير متعمد وممنهج وبهذه الدرجة من الوحشية للتنوع الثقافي، كما نشهد اليوم في العراق وسوريا. إنه تطهير ثقافي يجري من خلاله اضطهاد الأقليات وتخريب التراث، وكل ما يجسد التنوع وحرية"، مشيرة إلى أن "هؤلاء المتطرفون العنفيون يعلمون أن التراث مصدر للهوية وللتماسك، وبالتالي لأمن الشعوب، وهم يتخذونه هدفا لهم لهذا السبب".
وتابعت: "لا يمكننا أن نبقى صامتين: علينا تنبيه الضمائر، علينا أن نتضامن ونحشد قوانا. هذا الوضع يذكرنا جميعا بمسؤولياتنا"، مضيفة أن "لبنان تحمل مسؤولياته، وهو يشكل نموذجا للعالم في التضامن".
وحيت بوكوفا "الشعب اللبناني لاستقباله مئات آلاف اللاجئين"، مجددة دعم اليونسكو في "إعطاء لبنان الوسائل اللازمة لتمكينه من حسم مسؤولياته على المدى المنظور".
وأشادت ب "الدور الحيوي الذي يلعبه لبنان في مكافحة الاتجار غير المشروع بالتحف والممتلكات الثقافية، وقد تم اختيار بيروت لتكون مقرا لعدد من المبادرات التي أطلقتها "اليونسكو" بهدف حماية التراث الثقافي السوري، ومن أبرز هذه المبادرات إنشاء مرصد دولي للتراث الثقافي السوري".
وتحدثت بوكوفا عن "دور لبنان في حملة "متحدون مع التراث" بنسيجه الاجتماعي الفريد، ودفاعه المستمر وغير المشروط عن حرية التعبير، وبالتزام وإخلاص شبابه المثقفين والمتعلمين" مشيرة الى ان "اليونسكو تعتمد على لبنان في القيام بدور ريادي في هذه الحملة"، داعية إلى وجوب "أن نقف معا للرد على التطرف العنيف، وعلينا إظهار أن جميع الثقافات تترابط وتتكامل، علينا أن نشرح ونوضح قيمة التراث، وعلينا أن نقاوم الأكاذيب والحقد".
وكان تم إطلاق حملة "متحدون مع التراث" في مدينة بغداد، العراق، في آذار الماضي، بهدف استغلال قوة وإمكانيات شبكات التواصل الاجتماعي لنشر الوعي، وحشد الدعم، وتشجيع مشاركة الشباب في حماية التراث الثقافي المهدد جراء الخطاب الطائفي والعنف.