"غدي نيوز"
تعتبر المكسيك من المقاصد السياحية العالمية، حيث تزخر بكنوز من الآثار التاريخية والشواطئ الرملية الرائعة، فعلى سبيل المثال تضم منطقة الغابات المطيرة في شبه جزيرة يوكاتان العديد من الشواهد الفريدة لحضارة شعب المايا، التي لا يزال يكتنفها الغموض والأسرار حتى اليوم.
ويعتبر هرم المعبد المعروف باسم كوكولكان من أشهر الآثار التي خلفها شعب المايا، ويوجد على كل جانب من جوانب الهرم 91 درجة تقود الزائر إلى أعلى وصولا إلى قمة الهرم. ومن الألغاز العجيبة بهذا الهرم أن مجموع عدد الدرجات على جوانبه الأربعة بالإضافة إلى قاعدة الهرم يبلغ 365، وهو عددٌ يتطابق مع عدد أيام السنة.
وعند تساوي الليل بالنهار، وهي الظاهرة المعروفة باسم الاعتدال الربيعي والخريفي، تحدث بعض الظواهر الخاصة. فمثلاً عند غروب الشمس يتحرك ظل منصات الهرم مثل الثعبان أسفل الدرجات ويلتقي مع رؤوس الثعابين الحجرية عند قاعدة الهرم. ويدل هذا الهرم على قمة الإعجاز المعماري وروعة الإبداع الرياضي التي وصل إليها شعب المايا.
وتعتبر مدينة تشيتشن إيتزا المكسيكية أشهر موقع للتعرف على حضارة المايا وأكثر المقاصد التي تشهد إقبالاً من السياح الراغبين في الإطلاع على أسرار هذا الشعب.
شواهد صامتة
ولا يزال شعب المايا لغزاً عصياً على الفهم حتى اليوم، لأن كل ما تركه لا يعدو كونه بعض الشواهد الصامتة. وقد اندثرت حضارة المايا نتيجة قيام الغزاة الإسبان بإحراق كل مخطوطات هذا الشعب تقريباً.
وتشع مدينة أوكسمال سحراً خاصاً يجعل السياح يتوافدون عليها من كل حدب وصوب. كما أن ساحة الراهبات تأسر ألباب الزوار بفضل ما تزخر به من نقوش رائعة وواجهات فريدة من نوعها. فإذا جلس السائح فوق المنصة العليا لقصر الحاكم وأرسل ناظريه عبر الموقع الأثري، فلن يرى سوى قمة الهرم التي تعلو بمقدار 35 متراً وسط هذه السجادة الخضراء الكثيفة من الغابة المطيرة.
وتتجلى قمة الإبداع البشري الغابر في مدينة بالينكي، الواقعة بولاية تشياباس المكسيكية، وتبعد حوالي 400 كيلومتر عن مدينة تشيتشن إيتزا.
وتعتبر هذه المنطقة من أكبر المواقع الأثرية لشعب المايا، لكن لم يتم الكشف سوى عن 5 بالمئة فقط من المباني التاريخية فيها، في حين ترقد الآثار الباقية تحت أشجار الغابة المطيرة. وفي معبد النقوش اكتشف علماء الآثار حوالي617 نقشاً من الكتابات القديمة، التي ساعدت كثيراً في فك طلاسم الكتابة عند شعب المايا.
قرد المولول
ويصل السياح إلى المدينة الغارقة "ياكسشيلان" الواقعة على الحدود بين المكسيك وغواتيمالا بعد مسيرة ثلاث ساعات على طرق وعرة ورحلة بالقارب لمدة ساعة، وكما هو الحال في مدينة بالينكي فقد انتهى وجود شعب المايا في المنطقة بالفعل خلال القرن التاسع عشر.
أما اليوم فقد اغتصب قرد المولول العاصمة السابقة لشعب المايا. وترحب هذه القرود بالزوار الذين لا يخشون وعورة ومتاعب الطريق من خلال إطلاق صرخات مرعبة.
ويخوض علماء الآثار وعشاق الغابات المطيرة صراعاً مفتوحاً مع الطبيعة عند الكشف على المواقع الأثرية، حيث تنمو في كل مكان نباتات السرخس والشجيرات والأشجار الضخمة. وتزخر هذه المنطقة بمناظر رائعة تظل عالقة بالذاكرة.
وعندما تشرق الشمس في مدينة "كالاكمول" يتضح للسياح المعنى الحقيقي للغابة المطيرة، لكن بمجرد أن تختفي الشمس خلف الغيوم الكثيفة يهبط البعوض مثل مصاصي الدماء على الزوار. وتعتبر مدينة كالاكمول حالياً أكبر مدن المايا في المكسيك، حيث تحوي ما يقرب من 5 آلاف مبنى ويقطنها حوالي 60 ألف نسمة.
وتنتهي رحلة اكتشاف حضارة المايا في مدينة "تولوم" الساحلية التي تعتبر واحدة من آخر المعاقل الكبيرة لشعب المايا، حيث تظهر ريفيرا المايا وما تزخر به من منتجعات سياحية، ويطغى على الصورة السياح من جميع أنحاء العالم وأصحاب البازارات والمتاجر السياحية.