fiogf49gjkf0d
"غدي نيوز"
افتتح مركز "فينيكس للدراسات اللبنانية" في جامعة الروح القدس - الكسليك ومعهد "يونس إيمرة" في بيروت، بالتعاون مع رئاسة الأرشيف العثماني في تركيا وسفارة تركيا في بيروت، مؤتمرا ومعرضا للوثائق العثمانية المتعلقة بتاريخ لبنان الحديث تحت عنوان "اكتشف: لبنان في الأرشيف العثماني"، بحضور سفير تركيا في لبنان تشاتاي إرتجي، النائب فريد الياس الخازن، الملحق العسكري في السفارة التركية في لبنان إردجان أيايدين، نائب رئيس جامعة الروح القدس - الكسليك وعميد كلية الآداب الأب كرم رزق ممثلا رئيس الجامعة الأب الدكتور هادي محفوظ، أمين عام الجامعة الأب ميشال أبو طقة، رئيس دائرة الأرشيف العثماني في اسطنبول أوندر باير، مدير معهد يونس إيمرة في بيروت جنكيز أروغلو، مديرالمكتبة العامة ومركز فينيكس الأب جوزيف مكرزل بالإضافة إلى عدد من المؤرخين والباحثين والأساتذة والشخصيات العسكرية.
مكرزل
بعد النشيدين اللبناني والتركي وكلمة تقديم لروديكا عجيل من مركز فينيكس، تحدث الأب مكرزل عن أهمية الأرشيف والمحافظة عليه ودراسته ونشره. ثم تطرق إلى التاريخ العثماني للمناطق اللبنانية، معتبرا أنه "بالرغم من كل ما كتب استنادا إلى الأرشيف العثماني فإن مجموع ما استعمل منه يبقى ضئيلا جدا أمام هذا الكم الهائل الذي تحويه مستودعات الأرشيف العثمانية"، متسائلا "كيف استطاع البعض كتابة تاريخ لبنان من دون الرجوع إلى الوثائق الأصلية المحفوظة في دور الأرشيف العثمانية؟"، لافتا إلى "أن مركز فينيكس للدراسات اللبنانية أخذ على عاتقه منذ تأسيسه محاولة جمع الأرشيف اللبناني في الوطن والمهجر. بعد العمل على الأرشيف الفرنسي والإنكليزي والنمساوي والأميركي كما العمل على الأرشيف المحلي من محفوظات شخصيات فكرية وسياسية وفنية وتاريخية، كان مشروع الاتصال بالمسؤولين عن الأرشيف التركي بغية البحث في إمكانية الحصول على بعض من الأرشيف اللبناني المحفوظ في مراكز الأرشيف العثماني في تركيا".
وبعدما تحدث عن الزيارة إلى تركيا والاطلاع على بعض الوثائق الأساسية في الأرشيف والحصول على بعض النسخ عنها لحفظها في مكتبة الجامعة، أشار مكرزل إلى "القرار الذي اتخذ بإقامة هذه الندوة التي تهدف إلى تعريف الباحثين اللبنانيين على تركيبة الأرشيف العثماني ومراكز المحفوظات التابعة له، التعريف بأرشيف لبنان في مراكز حفظ الأرشيف في تركيا والتعارف وتبادل الخبرات والمعلومات بين المتخصصين الأتراك والباحثين اللبنانيين".
كما تطرق إلى نشاطات مركز فينيكس الحالية المتمثلة ب"محاولة البحث في كيفية الحصول على نسخ من الأرشيف العثماني المتعلق بلبنان وفي هذا السياق يتم دراسة مشروع مع الجهات المختصة في اسطنبول من أجل الحصول على نسخ من 250 ألف ورقة كمرحلة أولى توضع في مكتبة الجامعة، دراسة إمكانية فتح صفوف لتعليم اللغة التركية في حرم الجامعة تكون مدخلا لتعلم اللغة العثمانية بغية تمكين الباحثين اللبنانيين من الاستفادة عمليا وعلميا من الأرشيف العثماني الذي سيتم شراء نسخ منه ووضعها في مكتبة الجامعة".
أورغلو
ثم ألقى مدير المركز الثقافي التركي "يونس إيمري" في بيروت جنكيز أورغلو كلمة شدد فيها على "أهمية هذا المؤتمر الذي يعقد لأول مرة في لبنان"، معتبرا أن "الوثائق والمخطوطات في الأرشيف العثماني هي من أهم عناصر القوة الكامنة لتركيا بعد أن خطت خطوات ثابتة للوصول إلى القوة العالمية في الآونة الأخيرة. فإن الأرشيف العثماني هو من أكبر الأرشيفات في العالم، وعدد الباحثين في هذا الأرشيف يأتي في المراتب الأولى. وهذا الأرشيف ليس فقط للدولة التركية، بل أرشيف لما يقارب الأربعين دولة مستقلة موجودة في جغرافيا الدولة العثمانية، تستطيع الاستفادة منه".
أضاف: "إن إهمال أو عدم الاهتمام بالأرشيف العثماني لكتابة تاريخ المنطقة أو حتى تاريخ العالم لا بد أن يكون تاريخا ناقصا وبدون أسس علمية، لأنه باعتمادنا على وثائق الأرشيف العثماني يمكن أن نصل إلى حلول لكثير من القضايا المثيرة للجدل مثل المجاعة والتهجير في الحرب العالمية الأولى".
وختم : "للأسف الشديد يعتبر علم التاريخ من أكثر العلوم تعرضا للتضليل السياسي في العالم والسبب يعود إلى عدم استخدام الوثائق التاريخية، أو استخدامها بطريقة غير علمية وغير موضوعية خاصة بعد النصف الثاني من القرن التاسع عشر، بعد أن ازدادت نماذج المؤرخين المتسيسين في العالم وبالأخص في أوروبا".
إرتجي
من جهته، نوه السفير التركي إرتجي بأهمية المؤتمر البالغة من الناحية التاريخة. ثم تحدث عن العلاقة التاريخية الغنية التي تربط بين البلدين، مبديا "الاستعداد لتطوير العلاقات، خصوصا في مجال العمل والبحث في الأرشيف العثماني".
كما هنأ "مركز فينيكس" على هذه المبادرة الأولى من نوعها لناحية "الاهتمام بالمحفوظات المتعلقة بلبنان في الأرشيف العثماني"، مؤكدا أن "أبواب السفارة مفتوحة أمام جميع الباحثين في العالم"، وداعيا "الباحثين اللبنانيين بصورة خاصة للاستفادة من الوثائق المتوفرة في هذا الأرشيف".
وشدد على "أنه لا يمكننا أن نتعمق بتاريخ لبنان دون العودة إلى هذه الوثائق. ونحن نقدم الدعم في هذا المجال، مع العلم أنه هناك العديد من الآراء الخاطئة. ولهذه الندوة أهمية بالغة في إزالة هذه الأحكام المسبقة".
الأب رزق
وألقى نائب رئيس الجامعة وعميد كلية الآداب الأب البروفسور كرم رزق كلمة باسم رئيس الجامعة أثنى فيها على هذا التعاون، وشكر من مهد له، ووثق عراه، لافتا إلى أن "السلطنة العثمانية ورثت أمبراطوريات قديمة وعريقة. وشكلت القوة العظمى الأولى بلا منازع في العالم، زهاء قرنين ولا سيما في الخامس والسادس عشر. وحافظت على موقعها بين الدول الكبرى خلال حقبة تزيد على الخمسمائة سنة. بسطت خلالها نفوذها على مناطق واسعة، تتعلق بثلاث قارات: آسيا وأوروبا وأفريقيا. وحكمت الشرق الأوسط مدة أربعمائة سنة ونيف. خضعت لها بلادنا، وعرفت عدة أنواع من الأنظمة. تصدرتها الإمارة بدعاميتها المعنية والشهابية. وتلتها القائمقاميتان وملابساتها. وختمتها المتصرفية بمستقراتها وتغيراتها".
وأضاف: "تميز كل نظام بخصائص معينة، ولكنها قامت جميعها على روابط معقدة حيكت بين السلطة المركزية والسلطة المحلية، وأنتجت هذه العلاقات تارة نشازا وانحرافا وفوضى، وطورا انضباطا وانتظاما وانسجاما. والسر كل السر يكمن في تدبيرها تأرجحا بين مساومة وتوازن وقطعِ دابر. غير أن شبكة العلاقات لم تنحصر ضمن الأطر الرسمية المعهودة. ولم تستأثر فيها الطبقات العليا. ولم تقتصر على صنف واحد من أصناف الاجتماعيات، كاللياقات مثلا. ولم تتسمر أو تتجمد في رقعة واحدة بل انفتحت جميع بقاعِ الأمبراطورية وأصقاعها على بعضها البعض. وساعدت المواصلات الحديثة على انفتاحها واتساعها وتحركها منذ منتصف القرن التاسع عشر".
وتابع: "لعل أفضل ما ورثناه من عمق هذا التاريخ السحيق هو احترام التعددية وحب الحرية والديموقراطية وهي ما يميز دستورنا الذي قام بين الممكن والمستحيل. لا يوغل في التعصب الديني، ولا يتيه في معميات الدهرية البراقة. كما أنه لا يدع جماعة تطغى على أخرى ولا أفرادا على آخرين. ولعل صموده في وجه صواعق الربيع العربي ومخلفاته الداعشية هو خير دليل على صحته. وبالمناسبة ومرة جديدة نحيي عبقرية واضعيه ونبوغهم".
واختتم كلمته لافتا إلى أن "جامعة الروح القدس لم تتخلف عن واجباتها، فأسست كرسيا للدراسات العثمانية ضمن معهد التاريخ منذ إنشائه. وسعت إلى تجديد أدوات تلك الدراسات مثل المعاجم والغراماطيقات، وما شابهها من اللوازم. ويشكل هذا المؤتمر خطوة متقدمة، نعلق عليها الآمال الكبار، ونشكر مجددا المبادرين إلى تنظيمه، والمشاركين فيه، ونتمنى لهم خيرا وبركة في أعمالهم".
المؤتمر والمعرض
ويشارك في المؤتمر عدد من الباحثين والمؤرخين القادمين من تركيا ولبنان ليناقشوا المواضيع التالية: الأرشيف العثماني، لبنان في وثائق وزارة الدفاع الوطني التركي، تاريخ إدارة لبنان استنادا إلى مصادر الأرشيف العثماني في بيروت وجبل لبنان، بين القرنين 16 - 19، دفاتر التحرير في القرن السادس عشر كأحد أهم مصادر أرشيف طرابلس، بيروت في دفتر التحرير رقم 430، السجلات الوقفية للبنان في الأرشيف التركي، المسيحيون واليهود المكلفون بدفع الجزية في ولاية الشام في العام 1107 هجري/ 1695 - 1696 ميلادي) (بحسب دفتر الجزية رقم 1292).
كما يلي المؤتمر معرض للوثائق العثمانية يستمر حتى 9 تشرين الأول في متحف الجامعة ويضم مجموعة من الأوامر السلطانية والرسائل والكتابات والقرارات الرسمية والاتفاقات ومجموعة من النحاسيات والصور والخرائط.
تجدر الإشارة إلى أن أهمية هذا الارشيف تكمن في كونه يتناول حقبة من تاريخ لبنان السياسي، الاجتماعي، الاقتصادي، القضائي. (1516-1918) كما ونشوء المؤسسات التي سبقت قيام دولة لبنان الكبير.