"غدي نيوز"
نظمت اللجنة الوطنية اللبنانية لليونسكو والأكاديمية الملكية الدولية للعلوم RASIT، لمناسبة الإحتفال باليوم الدولي للسلام، لقاء بعنوان "حوار الأجيال من أجل إرساء السلام"، في الرابطة الثقافية بطرابلس، بمشاركة فاعليات من المجتمع المدني ونشطاء وطلاب جامعيين.
حضر اللقاء رئيس إتحاد بلديات الفيحاء الدكتور نادر الغزال ممثلا بالمحامي جورج جلاد، نقيب المحامين بسام الداية، الأمينة العامة للجنة الوطنية اللبنانية لليونسكو الدكتورة زهيدة درويش جبور، المديرة التنفيذية للأكاديمية الملكية الدولية للعلوم الأميرة الدكتورة نسرين الهاشمي، مدير عام وزارة الثقافة فيصل طالب، رئيسة المنطقة التربوية في الشمال نهلة حاماتي نعمة، رئيس الرابطة الثقافية أمين عويضة وهيئات تربوية وجامعية.
رسالة بوكوفا
افتتاحا النشيد الوطني، فكلمة تقديم من كريستيان جعيتاني التي تلت رسالة المديرة العامة لليونسكو إيرينا بوكوفا لمناسبة اليوم الدولي للسلام وجاء فيها: "ان السلام إلتزام ببناء مستقبل أفضل يبدأ اليوم ويستند إلى قيم مشتركة قوامها الحوار والتسامح والإحترام والتفاهم وهو الأساس الذي نبني عليه السلام يوميا في محيطنا ومدننا ".
وأكدت أن "السلام الدائم والتنمية المستدامة هما وجهان لعملة واحدة، فالتنمية لا تكون مستدامة ما لم تنعم المجتمعات بالسلام الداخلي والسلام مع جيرانها وما لم تعش حالة من التوازن مع كوكبنا، والسلام لا يمكن أن يدوم في ظل وجود مليارات من الاشخاص المحرومين من العدالة الإقتصادية والإجتماعية والبيئية".
جبور
وألقت جبور كلمة لفتت فيها إلى "أن هذا اليوم هو مناسبة تتيح لجميع شعوب العالم فرصة مشتركة لكي ينظموا أحداثا وأعمالا تسهم في نشر ثقافة السلام بطرق واقعية ومفيدة، ومنظمة اليونسكو بوصفها معنية مباشرة بالتربية والثقافة والعلوم تضطلع بدور مهم في هذا المجال، ذلك أن بناء وترسيخ السلام داخل المجتمعات وبين الشعوب يتطلب نشر ثقافة ترتكز على الحوار وقبول الآخر وإحترام الحق بالإختلاف، كما يتطلب العمل على تحقيق العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص بين الأفراد وبين الشعوب للاستفادة من الثروات والموارد الطبيعية مع الإهتمام بالمحافظة عليها لكي تستفيد منها الأجيال القادمة بما يضمن مستقبل البشرية على هذا الكوكب".
أضافت: "لا يخفى على أحد أن عالمنا العربي الذي يعيش اليوم مرحلة إضطراب وتحولات كبرى لم تتضح نتائجها بعد، يشكل المنطقة الأكثر سخونة ربما، خصوصا مع إستعصاء إيجاد حلول ناجعة للقضية الفلسطينية تقوم على تحقيق السلام العادل".
وختمت: "إن وطننا لبنان الذي كان ولا يزال في قلب هذا الصراع نظرا لموقعه الجيوسياسي يحتاج اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى ضمان السلم الأهلي خصوصا وأن هناك من يسعى إلى إدخالنا في آتون الفتنة والفوضى. وان مجتمعنا يعاني من خلل التوازن بين مكوناته، إن ما شهدته طرابلس من أحداث ومظاهر عنف وإقتتال في الآونة الأخيرة يجد أسبابه الموضوعية في إنعدام الإنماء المتوازن وفي إفتقار المناطق الساخنة التي تعيش فيها الفئات الشعبية والأقل حظا لمشاريع تنموية تخرجها من الفقر والجهل والآفات الإجتماعية، مما يحتم على المسؤولين وعلى المجتمع المدني والمنظمات الدولية تنسيق الجهود من اجل إحلال منطق الحوار مكان الصدام والعنف وتعزيز الوعي بالقواسم المشتركة ومكافحة العصبيات العمياء".
الهاشمي
ثم تحدثت الأميرة الهاشمي حفيدة الملك فيصل الأول الإختصاصية في الوراثة البشرية وأطفال الأنابيب والسرطان والناشطة في مجال قضايا الإنسان، فأشارت إلى رسالة الأكاديمية في العمل من أجل السلام من خلال العلم والمعرفة والرقي بالإنسان منذ تأسيسها في العام 1968. وتناولت برامج الأكاديمية وأنشطتها منذ إنطلاقة مؤسسة RASIT على يد الأمير محمد بن فيصل الأول حيث تم رصد مبالغ مالية لتعليم الطلبة الفقراء الذين تمنعهم ظروفهم من متابعة التعليم الجامعي، ثم تنوعت هذه الرعاية لتشمل إعادة تأهيل ذوي الإحتياجات الخاصة.
أضافت: "لقد بدأنا مع اليونسكو منذ تسعينات القرن الماضي من خلال برامج الثقافة من أجل السلام، وإستطعنا أن نحقق جمع شعوب فرقتها الحروب، ولكننا تمكنا من جمعها من خلال الثقافة والفنون والآداب، كما إستطعنا أن نجمع الفئات المختلفة من النساء ذوي الإختصاص العلمي عبر الإتحاد الدولي للمرأة لتقليل الفجوة ما بين الدول المتقدمة والنامية. وفي لبنان إستطعنا تقديم مشروع على مدار خمس سنوات هو مشروع مقهى العلوم الذي يعتبر من أهم الإنجازات في الوطن العربي، وكان لي شرف المشاركة في وضع خطوات هذا البرنامج في العام 2007 حيث كان لبنان يشهد آنذاك إنقسامات كبيرة حتى ان إختيار المكان كان من أصعب ما واجهناه، ولكننا من خلال الثقافة والعلوم إستطعنا جمع فئات واسعة من الشباب تمكنوا من الجلوس مع بعضهم متحدثين عن اهمية العلوم لتنمية المجتمعات وتأثيرها على حياتهم اليومية، وأعقب ذلك قيامنا بدراسات ميدانية شملت بلدانا عربية عدة لتحديد حاجيات الشاب العربي ذكرا أو أنثى وقد أثبت المشاركون أن بإمكانهم أن يكونوا قادة إجتماعيين اليوم وفي الغد وهذه هي رسالتنا".
ثم جرى عرض فيلم وثائقي عن أوضاع مجموعة من الشبان الطرابلسيين ومعاناتهم من جراء البطالة وإنعدام فرص العمل، وهو من إعداد الشابين فادي برغل ومنى عبيد.
الداية
وأدارت الدكتورة أمل ديبو حلقة حوارية شارك فيها النقيب الداية الذي رأى أن العولمة بدل أن تشكل مصدرا للتفاهم كانت في كثير من الأوقات سبيلا للصراعات وحملت في ذاتها جانبا مدمرا يكمن في توحيد الهويات وإقصاء التنوع الثقافي. ودعا إلى ترسيخ قيم التسامح الديني والعرقي والطبقي في المجتمعات والأنظمة وقال: "إن أزمة الفيلم والرسوم المسيئة للرسول الأكرم إمتحان صعب أظهر مدى الحاجة إلى إبتكار آليات جديدة لإرساء أخلاقية عالمية تتناسب مع أحكام إعلان حقوق الإنسان وتحمي رسالة الجماعات الدينية من أي تعرض يطاولها أو ينال من كرامة ومشاعر المؤمنين".
أضاف: "إن سبيلنا لبلوغ السلام يكمن بداية وأساسا في عملية تربوية تؤصل مفاهيم التعاون والتعاضد والحوار والعدالة وتنتشر في كل مؤسسات المجتمع وأجياله، وبالتأكيد إن مفتاح كل سلام هو في رفع الظلم عن الشعوب المقهورة وأولها الشعب الفلسطيني، وان جيلنا يعول على الشباب لنشر ثقافة السلام وإخراجنا من عصر اللاإستقرار وترسيخ قيم الحوار والتسامح".
الجمالي
كما تحدث الرئيس السابق لبلدية طرابلس المهندس رشيد الجمالي، فأشار إلى أن العدل وإحترام حق الشعوب في تقرير مصيرها هي من أهم ركائز السلام، وإنعدام هذه الركائز هو من أهم عوامل عدم الإستقرار. ورأى أن العالم العربي من خلال الأنظمة الشمولية وحالة الإستبداد غيب دور الشباب كما غيب الحريات العامة. وتناول عوامل الفقر والبطالة وهي من أعلى النسب في العالم العربي، مشيرا إلى مسؤولية الأنظمة الطائفية والقبلية والعشائرية في إدارة شؤون الناس وخصوصا الفئات الشبابية، مؤكدا خطورة إرتفاع معدلات الفقر في بعض المناطق اللبنانية وبصورة خاصة في طرابلس.
صوفي
وتناولت الدكتورة هند صوفي أهم التحديات التي يواجهها أبناء المدينة من جراء الهجرة والبطالة وإستغلال هذه الأجواء من قبل البعض لشحن النفوس وإيقاع الفتنة. ودعت أبناء المدينة والشبان منهم بصورة خاصة إلى الإلتزام بالسلام ورفض كل ما من شأنه دفع المدينة نحو الإقتتال.
وتناول الإعلامي الياس عاقوري الأوضاع في لبنان والمنطقة العربية وتأثير إسرائيل في دفع المنطقة نحو مزيد من التخلف.
وأعقب ذلك حوار مع مجموعة من الشبان والشابات تمحور حول الأوضاع الراهنة وفرص إحلال السلام في المناطق اللبنانية كافة. وشارك في النقاش كل من جودي الاسمر، سمر نجار، عمر كبارة، فاتن راضي ومنار عبيد.
وأقيم للمناسسبة حفل كوكتيل.