fiogf49gjkf0d
''غدي نيوز''
كرمت الحركة الثقافية -انطلياس السفير خالد زيادة في احتفال اقيم في مسرح الاخوين الرحباني، في اطار تكريم اعلام الثقافة في لبنان وفي العالم العربي، في المهرجان اللبناني للكتاب الذي تنظمه الحركة للسنة الخامسة والثلاثين، في حضور حشد من الدبلوماسيين واهل الفكر والثقافة.
ادار الحفل هيكل درغام الذي اشار الى انه "منذ ثمانينات القرن الماضي والحركة بوتيرة تصاعدية في خدمة الثقافة والمثقفين، من غير كلل بغية ترسيخ ما ارتضته نهجا وميثاقا لذاتها في برامجها المتنوعة وأخصها تكريم اعلام الثقافة من لبنان ودنيا العرب هم على صورة الوطن، آملين في ان نفيهم بعضا من حقهم لأنه بأمثالهم يستقيم المجتمع وينتصر في معركة البقاء والتقدم والحرية. انهم رمز لحضارتنا في صون قدرات الوطن وبث روح الوحدة الوطنية في وجه مشاريع التفتيت والانهيار".
وقال: "الحركة الثقافية إذ تكرم السفير زيادة كعلم ثقافي فإنها تؤكد على الجانب الثقافي المركزي في إنجازاته المتنوعة. معه نرتقي بالكلمة والمعنى، بعدما سيطر الجهل، والفساد على الشأن العام. فهو يعرف تاريخ وطنه في ماضيه وواقعه فهو ابن مدينة طرابلس وراوي مسيرتها وسيرة أهلها، بإيمان راسخ بوحدة الناس والأرض والمؤسسات".
متري
ثم، قدم الوزير السابق طارق متري المحتفى به، فتحدث عن خالد زيادة السفير والباحث والكاتب، ورأى انه "لم تغب عن عمله الدبلوماسي صعوبات المهنة التي لا بد من تجديد معناها في عالم الاتصالات الحديثة وتسارع الازمنة والميل المتعاظم الى كشف المستور وتضييق مساحات العمل الكتوم، وهو من شروط الدبلوماسية قديما، ولم يتجاهل زيادة المشكلات اللبنانية الاضافية التي تحاصر قيامه بدوره ممثلا للبنان في مصر ولدى جامعة الدول العربية الا انه واجه الاولى بفتح المسالك الجديدة امام عمله الدبلوماسي وتعامل مع الثانية بواقعية دون ان يخرج مرة عن مسؤوليته اللبنانية المتعالية على صغائر الخلافات والمصالح والباحثة عن المشتركات بين اللبنانيين حتى في قلب تناقضاتهم واختار الى جانب عمله العادي ما لم يستطعه الكثيرون من اقرانه عانيت به ما بات يسمى اليوم الدبلوماسية العامة".
اضاف: "صحيح انه كان سفيرا للبنان لدى دولة مصر وممثلا له في الجامعة العربية غير انه رأى نفسه سفيرا لدى المصريين وبخاصة لدى نخبهم السياسية والثقافية، فعمل على استثمار ما بقي من رصيد عندهم للبنان من الود والفضول الفكري او على تفكيك افكار مسبقة وتصورات تختزل بلدنا الى وجه من وجوهه او مشكلة من مشكلاته وعند فئة ثالثة الى اثارة الاهتمام بمعرفة احواله بين الذين غاب بلدنا لسوء الحظ عن حقلهم البصري وعن حوافزهم المعرفية. وعلى هذا النحو وضع خبرته تحت علامة التأليف بين الواجب الدبلوماسي وحرية المثقف، بين العمل التقليدي والمبادرة الخلاقة التي تعيد اختراع المهنة كل يوم".
واعتبر "ان زيادة فتح طريقا يسعى بعض الدبلوماسيين الشباب الى سلوكه وبين لاصحاب القرار ان اختيار سفراء للبنان من خارج الملاك ليس تبخيسا لقدر السفراء الآخرين ولا هو مجرد تعويض عن نقص او خلل في التوازنات الطائفية التي نسميها تهذيبا مقتضيات الوفاق الوطني بل اغناء لوزارة الخارجية بطاقات من نوع مختلف تحتاجها الدبلوماسية العامة".
واشار متري الى "ان زيادة اثناء اقامته في مصر لم يتوقف عن الكتابة فنشر كتابا جديدا واعاد نشر كتب اخرى في دور مصرية وجاء الحديث عن مؤلفاته في الصحافة المصرية مدخلا لا للحديث عن المؤلف فحسب بل للحديث عن الحياة الثقافية اللبنانية ايضا ما يعني في حقيقة الامر ان المصريين المتابعين في استقبالهم لخالد زيادة الكاتب لم يفرقوا بينه وبين سفير لبنان".
وتناول متري شخصية زيادة الباحث والكاتب متوقفا عند مؤلفاته ومسيرته البحثية مشيرا الى "ان مؤلفاته تنوعت من جهتي الموضوع والمنهج الا انها انشغلت جميعها بمحاولة فهم تاريخنا الحديث في ضوء التراث وانشغلت ايضا بأسئلة الاصلاح والنهضة قديمها وجديدها".
شهادات
وتخلل الاحتفال شهادات بالمحتفى به اجمعت على انه مثل لبنان في القاهرة باعلى مستوى من الرقي الفكري والدبلوماسي والاجتماعي والاخلاقي، تاركا اثرا طيبا بين اقرانه الديلوماسيين العرب لمواقفه الوطنية والعربية المرتكزة على مبادئه الفكرية والاخلاقية وعلى ثوابت الادارة في الخارجية اللبنانية، وان اصداء صوته وفكره وكتبه ستبقى ابد الدهر في مكتبة الاسكندرية لا بل في المكتبات اللبنانية والعربية والعالمية تنهل منها الاجيال والامة.
زيادة
وفي الختام، كانت كلمة شكر لزيادة متناولا الحياة الايديولوجية والحزبية التي عاشها وانتقاله من بعدها الى مؤلفات التنويريين ومحاولات الكتاب النقدية التي كانت تسهم في اعادة النظر بالتجارب النهضوية والاصلاحية والثورية، متوقفا عند ثلاث اشكاليات استغرقت منه سنوات، الاولى هي العلاقة مع اوروبا، والثانية تتعلق بثنائية المؤسسات والافكار، اما الاشكالية الثالثة فتتعلق ببروز المثقف التنويري ودوره في الحياة العامة ثم انحسار هذا الدور"، معتبرا "ان دراسة احوال المثقف تقضي الى التمييز بين الوظيفة والدور، فاذا كان المثقف مدرسا واعلاميا وكاتبا فان ما يجعله مثقفا هو الدور الاجتماعي وان ما نشهده اليوم هو انحسار الدور الاجتماعي والسياسي للمثقف ليس في لبنان فقط، ولكن في كل البلدان العربية".
ورأى زيادة "ان ما يجري في العالم العربي هو نتيجة مباشرة لانقطاع مسار التحديث والاخفاق في انتاج خطاب عقلاني معاصر يتصدى للانظمة الاحادية وان ما آلت اليه الثورات من صراعات داخلية وتدخلات خارجية، وما اصابها من تعثر، انما يعزى الى غياب الافكار فلا يمكن ان نصنع تغييرا دون ان تكون لنا رؤية منسقة مع متطلبات الانخراط في العالم المعاصر".
واشار الى "ان مفكري النهضة عملوا على تمثل افكار التنوير بما تعنيه من فصل الدين عن السياسة والاحتكام الى القوانين والاقرار بالتعدد الاجتماعي والدستوري وحرية الفرد، وليس امامنا سوى ان نضع مشاريعنا بناء على هذه المبادئ وان ننتج افكارنا الملائمة لظروفنا وان نعوض ما فاتنا من تأخر في ميدان العلوم والانسانيات".
وختم: "لقد انقضى عصر التنوير ولم نعد في عصر الرواد والمعلمين وانتهى عصر النخب التي كانت تؤثر في مجتمعاتها، ودعاة الحداثة الذين كان المتعلمون يسمعون دعواتهم وينشرونها بين كافة فئات المجتمع. فالحداثة المرجوة ينبغي ان تتحول الى مشروع مجتمعي وسياسي واذا كانت الافكار التي دعا اليها النهضويون والاصلاحيون تشكل اساس المشروع التحديثي فان المطلوب هو صياغتها على نحو راهن على ضوء النجاحات والاخفاقات التي اظهرتها تجربتنا خلال قرن مضى".