"غدي نيوز"
يارا المغربي-
قبيل إعلان الولايات المتحدة الأميركية الانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ، كانت ثمة 450 أميركيا وأميركية يستمعون ويتابعون بتوجس ما سيقوله الرئيس دونالد ترامب وكبار مسؤوليه في البيت الأبيض، وتساورهم مخاوف من غرق جزيرتهم القريبة من العاصمة واشنطن، إذ بدأت تغمرها المياه وتتلاشى، مع اشتداد ظاهرة الاحتباس الحراري.
ومن المتوقع أن تواجه هذه الجزيرة الصغيرة الغرق نهائيا، إذ لم يبق إلا ثلث المساحة التي كانت عليها في سنة 1850، وفي غضون نحو 40 سنة - بحسب خبراء - ربما ستختفي كلياً إذا لم تكن ثمة إجراءات وتدابير استثنائية من قبل السلطات المعنية.
على لائحة التراث العالمي
تعرف هذه الجزيرة باسم "تانجير" Tangier، وتبعد نحو 160 كيلومترا عن واشنطن، وأول من سكنها عائلة إسكريدج واستقرت فيها قبل حوالي 200 سنة، ولكن الأطفال في هذه الجزيرة قد لا يكون في مقدورهم العيش فيها خلال السنوات القادمة. فجزيرة تانجير بأكملها باتت مهددة بأن يلتهمها التصحر بسبب زحف المياه الذي زادت وتيرته بفعل الاحتباس الحراري وارتفاع مستوى سطح البحر، بحسب تقرير صحيفة La Depeche الفرنسية.
وبحسب ويليام إسكريدج، وهو صياد فإن "مساحة لا تقل عن 30 متراً اختفت من حديقته، بسبب تآكل التربة"، لافتا إلى أن "الأمر يزداد سوءاً وخطورة سنة بعد سنة".
لقد قرر سكان الجزيرة، البالغ عددهم 450 إنقاذ الأرض التي ورثوها عن أجدادهم، إذ أن تانجير مصنفة على لائحة التراث العالمي ضمن الأماكن التاريخية في الولايات المتحدة. أما بالنسبة للميناء الذي يمثل شريان الحياة الاقتصادية لكل العائلات التي تعيش من صيد السلطعون، فقد بات هو أيضاً مهدداً بشكل مباشر بفعل زحف المياه، إذ أن الجهة الغربية من الميناء قد تآكلت، وأصبحت أكثر عرضة للعواصف.
حل مؤقت
على ضوء ما تواجهه الجزيرة من مخاطر، يعتقد عمدة الجزيرة جيمس إسكريدج، أن بناء سد جديد قد يحمي الجهة الغربية، وقال: "ظل هذا المشروع محل جدل وأخذ ورد منذ حوالي 20 سنة، وخلال هذه المدة اتسعت رقعة تعرية التربة في الجزيرة بشكل جعل هذا المشروع في نسخته الأصلية غير قابل للتنفيذ في الوقت الحالي".
وبالتالي، أثارت هذه التعقيدات القانونية والعراقيل الإدارية غضب سكان الجزيرة، الذين نفذ صبرهم وهم يرون أرضهم تتآكل أمام أعينهم. ومؤخراً، تم الاتفاق على إنجاز هذا السد في سنة 2018، ولكن هذا المشروع سيكون فقط حلاً مؤقتاً.
وأشار أستاذ متقاعد من سكان الجزيرة إلى أن "ما نعاني منه لا علاقة له بارتفاع مستوى سطح البحر، أنا واثق من أن ذلك الأمر سيؤثر علينا في يوم ما، ولكننا اليوم، على المدى القصير، نعاني فقط من تآكل الأرض طيلة العقود الأخيرة الماضية".
بناء سد إضافي
عالم البيولوجيا البحرية ديف شولتي، الذي يعمل لحساب الجيش الأميركي، فإن الاحتباس الحراري يسرع من هذه الظاهرة بشكل خطير ويسبب ارتفاع مستوى سطح البحر، وحيال هذه المسألة أقر العالم بأن "مستوى المياه قد ارتفع بشكل كبير وبات التدخل صعباً، وفي أسفل الشاطئ هناك طبقة طينية من المستنقعات الجافة، وإذا اخترقت المياه هذه المنطقة فإنها ستغمر الجزيرة بأكملها وتقسمها إلى قطع صغيرة".
وفي هذا السياق، اقترح العالم أنه من أجل إنقاذ جزيرة تانجير على المدى الطويل، ينبغي بناء سد آخر إضافي وجهر أعماق البحر قرب الشاطئ، ذلك من خلال "الدخول إلى البحر والقيام بشفط المواد الرملية وضخها إلى الشاطئ".
بالإضافة إلى ذلك، يجب أن يمنح نواب ولاية فرجينيا في الكونغرس موافقتهم من أجل الشروع في إنجاز دراسة جديدة ستحدد الإجراءات المتخذة من أجل إنقاذ الجزيرة. وبعد ذلك، سيتوجب عليهم التصويت على تمويل هذا المشروع، الذي من المتوقع أن كلفته ستقدر بعشرات المليارات من الدولارات.
ولكن بالنسبة لجون بول، عضو لجنة الموارد البحرية في ولاية فرجينيا، فإن القرار يجب أن يتخذ بأسرع وقت ممكن، إذ أن التغيرات المناخية التي نشهدها اليوم تنبئ بأنه مع مرور الوقت ستصبح مهمة إنقاذ جزيرة تانجير أمراً مستحيلاً.
المصادر: غدي نيوز – هفنغتون بوست - صحيفة La Depeche ووكالات