أنور عقل ضو
تؤكد كل المعطيات العلمية وخلاصات الدراسة والأبحاث الصادرة تباعا من مراكز أبحاث دولية، أن كوكب الأرض سيشهد ارتفاعا في درجات الحرارة سيصل إلى مستويات خطيرة، وغير مسبوقة، وسيطاول ثلاثة أرباع سكان العالم، وستكون لهذا الأمر تبعات خطيرة على كل مظاهر الحياة، أي على الإنسان والبيئة التي يعيش بين ظهرانيها، بمعنى التأثير على النظم الإيكولوجية البرية والبحرية، وكل مظاهر الحياة على الكوكب.
وفي هذه السياق، يؤكد علماء البيئة والمناخ، أن منطقة الشرق الأوسط، ومن ضمنها لبنان لن تكون في منأى عن الأخطار المقبلة، ولا دول منطقة الخليج وأفريقيا ومناطق آسيوية وأوروبا الغربية، ولا الأميركيتين، وحتى المناطق القطبية وإن لم تطاولها موجات حر شديد، إلا أنها لن تكون بدورها بعيدة عن هذه الظاهرة، ما يعني ذوبانا أسرع للكتل والمسطحات والأنهر الجليدية، يرافقها ارتفاع في منسوب البحار والمحيطات ما يهدد دولا ومدنا في مختلف أنحاء العالم.
أي مصير ينتظرنا؟
في دراسة حديثة نشر ملخص عنها في صحيفة "الإندبندت" The Independent البريطانية، خلص الباحثون إلى حقيقة مرعبة، إذ أشاروا إلى أن "التغير المناخي يحدث بسرعة كبيرة جدا لدرجة أنه من غير المرجح أن يتمكن البشر من تطوير مقاومة أفضل لدرجات الحرارة العالية"!
ووجدت الدراسة البحثية - بحسب المصدر عينه - أن أكثر من 1900 مكان حول العالم توفي فيها أشخاص نتيجة للطقس الحار والرطب منذ عام 1980، مثل موسكو في العالم 2010 عندما توفي أكثر من 10800 شخص، وباريس في العام 2003 عندما توفي نحو 4900 شخصا، وشيكاغو الأميركية في العام 1995 عندما توفي نحو 740 شخصا، فضلا عن مناطق أخرى من العالم.
وجاءت تقديرات العلماء والباحثين لتشير إلى أن نحو ثلث سكان العالم تعرضوا لعشرين يوما أو أكثر من الظروف القاتلة المحتملة في عام 2000، ما يعني أنه مع ارتفاع نسب درجات الحرارة، سنكون في العقد الثاني والثالث من القرن الحالي أمام سيناريوهات ليس ثمة من يمكنه التنبوء بما ستحمله من مخاطر.
أسرع بـ170 مرة من القوى الطبيعية
وحذر العلماء من أن ثلاثة أرباع سكان العالم تقريبا قد يتعرضون لموجات حر قاتلة خلال فترة حياتهم، إذا ما واصلت الغازات المسببة للاحتباس الحراري معدلات تزايدها في الغلاف الجوي، وما يثير المخاوف حقا أن الإجراءات المفترض أن تتبعها وتلتزم بها الدول الموقعة على "اتفاق باريس" لن تكون كافية لتجاوز الكارثة.
وحذر الباحثون من أنه مع أكثر برامج الحد من انبعاث غازات الدفيئة صرامة، فإن العالم سيشهد تأثر أكثر من 47 بالمئة من سكانه بموجات حر قاتلة بحلول عام 2100، وفقا لتقديراتهم.
والمعدل السريع لاحترار الأرض يتسبب بالفعل في مشاكل للعديد من أنواع النباتات والحيوانات، وقد وجدت إحدى الدراسات أن النشاط البشري يتسبب بتغير المناخ بصورة أسرع بـ170 مرة من القوى الطبيعية.
وأكدت الدراسة التي نشرت نتائجها في دورية "نيتشر كلايمت تشينج" Nature Climate Change على التهديد الحالي والمتزايد للحياة البشرية الذي يتسبب به الاحترار العالمي.
وقال كبير معدي الدراسة البروفسور كاميلو مورا Camilo Mora من "جامعة هاواي" University of Hawaii في مانوا University of Hawaii at Manoa إنه لن تتبقى لنا خيارات للمستقبل.