"غدي نيوز" - سوزان أبو سعيد ضو

دعا وزير البيئة طارق الخطيب إلى "التأسيس للانتقال نحو اقتصاد دائري، بدءا بتحسين نسبة استرداد النفايات، واستخدام العوادم لتأهيل المواقع المشوهة من مقالع مهجورة ومكبات عشوائية".

جاءت هذه الدعوة خلال جولته البقاعية بدعوة من "نادي ليونز زحلة البردوني" بالتعاون مع بلدية زحلة المعلقة وتعنايل، لترفع منسوب الأمل الرسمي حيال أزمة النفايات وسبل مواجهتها بطرق سليمة، بعيدا من السياسات التي اعتمدتها الحكومات السابقة وأوصلت البلاد إلى ما نحن عليه، وسط مطامر غير صحية لحظت ردم البحر وتلويثه وتهديم النظم البيئية البحرية.

واستشرف الوزير الخطيب راهنا ومستقبلا واقع لبنان حيال الطاقة المتجددة، حين دعا إلى "تحفيز (العمل المناخي) بدءا بالكفاءة في استخدام الطاقة وصولا إلى الطاقة المتجددة في قطاعات توليد الكهرباء والصناعة والنقل وغيرها من القطاعات"، مشدداً على "المبادرات التي من شأنها الانتقال باقتصاد مدينتكم زحلة إلى اقتصاد منخفض الانبعاثات".

ولم تغب عن جولته هموم البقاع الأوسط، فتوقف في أكثر من محطة مطلعا على ما تواجه هذه المنطقة من تبعات التلوث وغيرها من مشاكل بيئية ستكون موضع متابعة من قبل الوزارة.

وقائع الجولة

بدأت جولة الوزير الخطيب في تعنايل، وكان في استقباله رئيس "نادي ليونز زحلة البردوني" كميل شديد وأعضاء من النادي، في إطار جولاته التفقدية الميدانية في المناطق يرافقه وفد من وزارة البيئة ضم المستشارين منال مسلم وجاك خليل، رئيسة دائرة حماية البيئة السكنية ألفت حمدان، رئيس دائرة حماية الموارد الطبيعية عادل يعقوب وعدد من موظفي الوزارة وإعلاميين.

وواكب ghadinews.net الجولة التي بدأت بزيارة لدير تعنايل ومركز جمعيةArc En Ciel، وكان في استقباله النائب السابق سليم عون، نائب رئيس بلدية زحلة المعلقة وتعنايل انطوان ابو يونس، واستمع الحضور إلى شرح من مدير الجمعية بيار عيسى حول نشاطاتها المتعددة، وكانت جولة على مركز دير تعنايل الذي تمتد مساحته على مليونين وثلاثمئة ألف متر مربع، ومنها مركز فرز النفايات، ومنشأة التسبيخ، ومعمل الكراسي النقالة، ومزرعة الأبقار، والبرادات الحديثة، وتنظيف مجاري المياه، فضلا عن محطة تكرير مياه الصرف الصحي التي تتضمن ثلاث برك تهدف إلى تنقية المياه للري بالإعتماد على الطاقة المتجددة، فضلا عن تشغيل أكثر من 1000 شخص بينهم عدد من ذوي الاحتياجات الخاصة ومدمني المخدرات والمساجين السابقين، وتمكنت الجمعية في العام الماضي من تزويد المشروع بالطاقة الكهربائية بنسبة 30 بالمئة، ومن المتوقع أن ترتفع النسبة هذا العام إلى 70 بالمئة، فضلا عن المشاكل التي تعترض سير العمل، خصوصا لجهة دراسة الأثر البيئي التي أعاقت مشروعا حيويا وهاما، وهو مشروع "المبيدات الحيوية" Biopesticides، بالتعاون مع الجامعة اليسوعية، وتم تقديم ترويقة قروية من منتجات الدير، وأثنى الوزير في نهاية الجولة على هذا المنتجع السياحي البيئي المتكامل، وتمنى أن يتم تكرار هذا النموذج في العديد من المناطق الأخرى.

مطمر زحلة للنفايات

       وفي المحطة الثانية، تفقد الخطيب مطمر زحلة للنفايات وشرح مدير المشروع راجي معاصري لسير العمل والمشاكل التي تعترضهم، وفي محطته الثالثة زار والوفد المرافق محطة تكرير الصرف الصحي الجديدة في سهل زحلة، وعن المشاكل التي تواجههم لجهة تزويد المحطة بالطاقة الكهربائية والتي تم تزويدها من قبل مجلس رئاسة الوزراء بوضع مولدات خاصة لحل هذه المشكلة والتي قد تمتد لفترة قد تصل إلى 8 أشهر، فضلا عن الضغط الكبير على المطمر ومعمل التكرير، خصوصا جراء النزوح السوري الى المنطقة والذي قدره وزير البيئة بنسبة تصل إلى 33 بالمئة من ناحية النفايات ومياه الصرف الصحي والبطالة.

وعاين الوفد بعدها مجرى نهر البردوني وتنقل بين المؤسسات السياحية على جانبي النهر، وعقد الوزير بعدها لقاء خاصا مع راعي ابرشية زحلة للروم الملكيين الكاثوليك المطران عصام درويش.

"بيئتنا... مسؤوليتنا"

وانعقد في أوتيل "مونتي البيرتو" وبحضور فاعليات زحلة لقاء حواري مع نادي ليونز البردوني تحت عنوان "بيئتنا... مسؤوليتنا"، تركز حول سبل تأمين التنمية المستدامة في مدينة زحلة.

وأكد الوزير الخطيب أنه "على الرغم من التحديات الأمنية والاجتماعية والاقتصادية التي واجهتها مدينة زحلة، فقد استرعى انتباهي عندما دخلت مدينتكم العريقة، محافظتها على تنظيمها المدني والمعماري وعرفتم مواجهتها والتغلب عليها بعناية السيدة مريم التي يحرس تمثالها مدينتكم"، وشدد على أن "الفضل يعود لتعاون الفعاليات السياسية والدينية والإقتصادية والاجتماعية على إدارة شؤون هذه المدنية، وحرصها على التوفيق بين التنمية الاقتصادية والاجتماعية من جهة، والمحافظة على الإرث التاريخي والثقافي والطبيعي والديني من جهة أخرى".

واضاف:" بيئيا، الدلالة الأبرز على مستوى الوعي في مدينتكم زحلة، تمثلت بالاستشراف المبكر للتحديات التنموية المستقبلية، بدءا بالنفايات الصلبة والصرف الصحي. فكانت زحلة المدينة الوحيدة التي عرفت كيف تضع نظاما متكاملا للنفايات الصلبة منذ أكثر من خمسة عشر عاما، مستفيدة بذلك من قرض خصصه البنك الدولي في التسعينيات لهذه الغاية، وذلك لجميع المدن في لبنان وإن انتهى المطاف بأن تكون زحلة المنطقة الوحيدة المستفيدة منه.

تحديات تقليدية

وقال الخطيب: "لا يقصد بكلامنا هذا أن نظام إدارة النفايات هذا لا يشوبه أي عيب، بل المقصود أن هناك نظاما متكاملا قائما على الجمع والنقل والفرز والطمر الصحي، تسعى البلدية بشكل مستمر إلى تطويره بغية زيادة نسبة استرداد النفايات وتحسين شروط الطمر الصحي. واللافت أيضا أن هذا النظام ليس متكاملا من الناحية البيئية فحسب، بل من الناحية المالية أيضا كون كلفة التشغيل والصيانة والتحسين مؤمنة محليا، أي بشكل لا يستدعي العودة إلى الخزينة، أما المثال الثاني على الرؤية البيئية لهذه المدينة فهو الاهتمام المبكر نسبيا بإقامة نظام صرف صحي متكامل، فصحيح أن محطة الصرف الصحي لا تعمل بطريقة منتظمة بعد، مع أن مشروع إنشائها بدأ منذ أكثر من خمسة عشر عاما، إلا أن الصعوبات التي واجهت عملية التشغيل لفتت النظر إلى التحديات المتصلة بهذا النوع من المشاريع:

-تحديات تقليدية متصلة بتأمين كلفة التشغيل والصيانة، وتوفير الكادر البشري اللازم، وضمانة نوعية المياه المبتذلة التي تصل إلى المحطة بعيدا عن المياه المبتذلة الصناعية غير المعالجة.

-تحديات أخرى خاصة بهذه المحطة بالذات، وتحديدا التغذية الكهربائية والأمور الحوكمية ذات الصلة بين مؤسسة كهرباء لبنان وشركة كهرباء زحلة، والتي إن شاء الله وصلت إلى خواتيمها".

التثقيف البيئي

 وتابع وزير البيئة: "ايها الزحليون، إذا كانت النفايات الصلبة ومياه الصرف الصحي وغيرها من التحديات التنموية التقليدية أمورا فكرتم بها وخططتم لها ونفذتموها منذ عقود، لعلكم الآن تتحاورون حول التحديات المستجدة، وتبحثون عن مستقبل مدينتكم العزيزة الذي تريدونه:

-مستقبلا يبنى على الموقع الاستراتيجي لهذه المدينة اقتصاديا.

-مستقبلا يبقي الشباب الزحلي في أرضه ويشجع من هاجر إلى العودة الكاملة أو الجزئية. 

-مستقبلا ينتقل بهذه المدينة من مدينة تحافظ على إرثها الطبيعي والثقافي والديني إلى مدينة تستخدم هذا الإرث لتحويل المدينة إلى مدينة بيئية تراثية اقتصادية نموذجية". 

وأضاف الخطيب: أما إذا أشركتموني في هذا النقاش، فإنني أنصحكم بيئيا بالتركيز على المحاور العشرة، وهي: 

 1-المساهمة في تأمين العودة الآمنة للنازحين السوريين إلى بلدهم الأم، والى أن يتم ذلك، التعاون في تقليص الانعكاسات البيئية السلبية لهذه الازمة.

2-تكثيف الدعم للإدارات المعنية في تنفيذ خارطة الطريق لمكافحة تلوث بحيرة القرعون ونهر الليطاني على الشكل السليم والسريع. 

3-حث أصحاب المؤسسات المصنفة، الصناعية وغير الصناعية، على الالتزام بالمعايير البيئية والاستفادة في هذا المجال من مشروع مكافحة التلوث البيئي LEPAP، الذي تنفذه وزارة البيئة مع عدد من الشركاء المحليين والدوليين والذي يؤمن الدراسات البيئية مجانا، وقروضا من دون فائدة لتنفيذ نتائج هذه الدراسات.

4-التأسيس للانتقال نحو اقتصاد دائري بدءا بتحسين نسبة استرداد النفايات، واستخدام العوادم لتأهيل المواقع المشوهة من مقالع مهجورة ومكبات عشوائية.

5-حماية الكروم والأراضي الزراعية والمساحات الخضراء والبيوت التراثية من ظاهرة الامتداد العمراني العشوائي التي تهدد كيان لبنان، ليس بهدف المحافظة على إرث لبنان الطبيعي والثقافي فحسب، بل ترقبا للأمن الغذائي والمائي أيضا.

6-التشدد في الرقابة ومنع التعديات، والصرامة في تطبيق القوانين والانظمة المرعية، لا سيما الوقائية منها كالمرسومين 8213/2012 و8633/2012 حول التقييم البيئي الاستراتيجي وتقييم الأثر البيئي، وذلك بالتعاون مع حضرة المحامي العام البيئي في البقاع القاضي محمد مكاوي وحضرة قاضي التحقيق في شؤون البيئة في البقاع القاضي خالد عبد الله اللذين تم تكليفهما استنادا إلى القانون 251/2014، والضابطة البيئية لدى بدء العمل بها تطبيقا للمرسوم 3989/2016.

7-تحفيز "العمل المناخي" بدءا بالكفاءة في استخدام الطاقة وصولا إلى الطاقة المتجددة في قطاعات توليد الكهرباء والصناعة والنقل وغيرها من القطاعات، والمبادرات التي من شأنها الانتقال باقتصاد مدينتكم زحلة إلى اقتصاد منخفض الانبعاثات.

8-العمل على تغيير أسلوب التواصل في المواضيع البيئية بغية ايصال الرسائل البناءة المرجوة لجميع المعنيين، وهذا أساسي لإنضاج عادات أكثر استدامة لدى الزحليين. 

9-التشديد على التثقيف البيئي ورفع حس المسؤولية لدى الزحليين، وتحفيز الاعمال اليومية الصغيرة التي من شأنها الحفاظ على الموارد الطبيعية، حتى تتحول إلى نمط حياة.

10-الانخراط بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في اللجنة الوطنية والمشكلة بموجب قرار مجلس الوزراء رقم 69 تاريخ 21/6/2017 لقيادة وتنسيق الجهود الوطنية لتنفيذ خطة الامم المتحدة للتنمية المستدامة لعام 2030 – اجندة 2030".

تهنئة الليونز

 وقال الوزير الخطيب: "قد يرى البعض أن المسيرة مستعصية. أما انا فأقول لكم: هي صعبة، نعم، هي طويلة، ربما... انما لا شيء يعصى على من أراد وثابر، خصوصا إذا كان ابن مدينة خرجت مبدعين في غير مجال".

 وأضاف: "إنني وإذ أشكر نادي ليونز البردوني – زحلة على تنظيمه هذا النهار المميز، فلا يسعني إلا أن أهنىء أعضاءه على جهودهم في سبيل التنمية المستدامة لهذه المدينة. كما اغتنم هذه الفرصة لتوجيه الشكر إلى الشركاء الدوليين الذين ساهموا ويساهمون في الحفاظ على الإرث الطبيعي والثقافي لجارة الوادي، وأخص بالشكر شركاء وزارة البيئة الحاليين في المشاريع البيئية في مدينة زحلة: الاتحاد الأوروبي والحكومة الايطالية".

واختتم اللقاء بتسليم نادي الليونز درعا تقديرية لوزير البيئة وعلم الليونز. وكان الخطيب قد زار مقر التيار الوطني الحر في زحلة حيث التقى منسق التيار قزحيا الزوقي وأعضاء الهيئة.