"غدي نيوز"
يتيح فيلم "حجر الصبر" The Patience Stone لامرأة أفغانية شابة لم تحظ يوما بقبلة من زوجها، ولا نظرة حب أن تتحدث بصراحة مطلقة حين يقع الزوج في غيبوبة وتقول رأيها في عالم قاس يحكمه رجال مدججون بالسلاح والأيديولوجيا ولا يجيدون إلا صناعة الحروب لأنهم فشلوا في الحب.
يبدأ الفيلم بهمسات امرأة تدعو "يا قهار" وتمتد يدها بأدوية إلى رجل مفتوح العينين ويبدو في سن أبيها ثم يتضح أنه زوجها أحد المسلحين وقد أصابته رصاصة في إحدى المعارك واستقرت في رقبته وأصابته بموت سريري، وتخلى عنه رفاقه تاركين جسده المقبل على الموت بين يدي زوجته وابنتيه الصغيرتين.
والفيلم الذي يشارك في مسابقة "آفاق جديدة" بمهرجان أبوظبي السينمائي السادس يقول إن "حجر الصبر" في أسطورة أفغانية قد يكون مستودعا لأسرار وهذيانات. ولكن الزوج هنا يتحول إلى "حجر الصبر" تعترف له الزوجة بأسرار عن أسرتها وعن علاقتها به وبغيره من الرجال.
وعرض الفيلم مساء الاثنين (15-10-2012) بحضور بطلته الممثلة الإيرانية غولشفتي فراهاني ومخرجه الروائي الأفغاني عتيق رحيمي الذي ولد في أفغانستان عام 1962 وغادر بلاده عام 1984 ودرس في السوربون، وأصدر عام 2000 روايته "الأرض والرماد" باللغة الفارسية ثم رواية "حجر الصبر" باللغة الفرنسية ونال عنها عام 2008 جائزة غونكور الفرنسية.
ويلخص الفيلم في 98 دقيقة جوانب من آثار الحرب في أفغانستان حيث ينادي النذير في مكبر للصوت محذرا من قدوم "أعداء"، ويدعو الناس إلى التوجه إلى المسجد لحمل السلاح وتطوف دبابة في الشارع تقصف الحي وتصاب الزوجة الشابة بالفزع ولا تستطيع حماية زوجها من آثار القصف، ولكنها تترك ابنتيها عند خالتها التي أصبح بيتها مكانا للذة العابرة.
وتصبح الزوجة كأنها شهرزاد تجيد استعادة الحكايات منذ كانت طفلة ورأت كيف خسر أبوها المقامر كل شيء حتى إنه اضطر إلى "رهن" ابنته الكبرى التي تبلغ الثانية عشرة إلى رجل - زوج في الأربعين. أما في حفل خطوبة الزوجة التي تروي أحداث الفيلم فكان زوجها غائبا مع المقاتلين واحتلت مكانه صورة له في إطار وبجوارها خنجر.
وفي أحد المشاهد يقتحم المسلحون البيت وينتزعون خاتم الزوج من إصبعه والساعة من يده. وحين تعود الزوجة تفاجأ برجوعهم حيث يريدها "كبيرهم" لنفسه ولا تجرؤ على الدفاع عن نفسها بالخنجر ولا ينقذها إلا قولها "أبيع جسدي" حين يسألها عن عملها الذي تنفق منه على الطفلتين فيهرب خائفا من العدوى ويهددها بالرجم إذ كيف تبيع جسدها "والمسلحون يقتلون".
وتطمئنها خالتها قائلة إنهم لا يغتصبون عاهرة أما اغتصاب عذراء "فيجعلهم يشعرون بالفخر والثقة بالذات ويزيدهم قوة"، وتضحك الزوجة "ضحكا كالبكاء" وهي تصف هؤلاء الرجال بأنهم "لا يفكرون إلا بأعضائهم (التناسلية)"، وتروي عن خالتها أن هؤلاء "الذين لا يعرفون أن يمارسوا الحب يصنعون الحروب" ومن هؤلاء الزوج الذي لا يموت ولا يحيا، وتعتني به الزوجة من باب الشفقة إذ لم يحاول أن يقبلها خلال سنوات الزواج العشر ولا كان ينظر إلى وجهها ويعتبرها مجرد "قطعة لحم... إذا عدت للحياة فستعود الحيوان الذي كنت."
وتقيم الزوجة علاقة جنسية مع شاب من المسلحين وفي إحدى المرات يأتي فقط لإخبارها بهوانه إذ يحمل السلاح نهارا ويتعرض ليلا للتعذيب على يد "القائد" الذي يكوي جسده بالسجائر وبفوهة المسدس.
وفي المشهد الأخير تعترف الزوجة بأنها أنجبت ابنتيها من علاقة غير شرعية لكي يستمر زواجها بالمحارب العقيم الذي لم يقم معها خلال سنوات الزواج العشر إلا فترات قصيرة، وقبل إنهاء كلامها تتحرك يد الزوج وتقبض على رقبتها فتطعنه بالخنجر لحظة وصول الشاب الذي أيقظ أنوثتها ويمنحها المال حيث يطل على الزوجين الراقدين.
وينتهي الفيلم وإحدى عيني الزوج الميت مفتوحة تنظر إلى النافذة حيث يقف الشاب مندهشا في حين تحرك الزوجة عينيها نحو مجهول.
وأثار الفيلم جدلا يتنوع بين الفني والسياسي. وقال رحيمي بعد العرض إنه ليس باحثا في علم الاجتماع "ولكني مخرج... لا أبحث عن حلول" موضحا أنه يقدم قصة إنسانية من بين قصص "تحدث كثيرا."
وتعلن جوائز المهرجان الجمعة القادم في حفل الختام بقصر الإمارات.