صغار السلاحف عبرت البحر من "حِمى المنصوري" في جنوب لبنان

wowslider.com by WOWSlider.com v8.6

Tuesday, July 25, 2017

أيادٍ رعت وحمت أعشاشها وأمنت مسالك آمنة إلى عالمها الرحب

"غدي نيوز" - أنور عقل ضو

 

ليست سلاحف صغيرة فقست من بيوضها تضجّ فرحاً وحياة، لا بل هي لآلىء رصعت بالأمس شاطىء بلدة المنصوري في قضاء صور، وزينت فضاء محمية بحرية رعتها بالتعب والسهر على مدى عقدين من الزمن وأكثر "أيقونة البيئة" في لبنان، منى خليل القابضة على جمر الوجع، مناضلة في سبيل هذا الشاطىء الساحر، عذريّ الملامح إلا من "فيلتها" المطلة على المتوسط الكبير، وقريبة من هذا المدى المضرج بالجمال.

هذا الموقع كان ثمة من يريد الانقضاض عليه بالأمس القريب ليبني منشآت اسمنتية "سياحية"، ليحرم سلاحف البحر أحد الشواطىء القليلة المتبقية ملاذا وموئلاً، فهذه الكائنات الرائعة، الغريبة في طبائعها وفي سر جيناتها، انطلقت إلى البحر في رحلتها الأولى، ولن تعود إليه إلا لتبني أعشاشها وتضع البيوض بعد 25 سنة، فكيف تهتدي بعد كل هذه السنين إلى موطنها الأول؟

 

رعاية وحماية أعشاش السلاحف

 

       في بلاد العالم تحظى السلاحف البحرية بعناية ورعاية دائمين، حتى أصبحت موائلها معالم لجذب السياح، فيما نحن ندمر موائلها لصالح "سياحة" تدمر وتخرب وتقضي على سمات شواطئنا أو ما بقي منها، "سياحة" تتقصد الربح السريع لتحرمنا هذا التنوع الحيوي الرائع، حتى ليتبدى سؤال: بعد عقدين من الزمن، وإذا ما تحول الشاطىء عينه كتلا اسمنتية أين ستضع هذه السلاحف بيوضها؟ وكيف ستستمر دورة الحياة الطبيعية؟

       من هنا، تأتي هذه الخطوة الرائدة في حمى المنصوري التي تشرف عليها السيدة منى خليل، مع فريق عمل متطوع، وما كان لهذه السلاحف الصغيرة أن تجد طريقها إلى البحر لو لم تجد يدا ترعى وتحمي أعشاش السلاحف، وتنتظر أوان خروجها من البيض وتبقيها في منأى عن المفترسات (الكلاب والقطط واللواحم)، لتؤمن لها مسالك آمنة إلى عالمها الرحب، إلى المتوسط الذي يشهد تراجعا في أعداد السلاحف، حتى باتت مهددة بالاندثار والانقراض، ما يرتب على فقدانها تبعات خطيرة بدأنا نعيش بعضا من فصولها مع الانتشار الكبير و"غزوات" قناديل البحر المستمرة.

 

رسالة إلى المسؤولين في الدولة

 

تمكنت خليل بنضالها اليومي، وعلى مدى عشرين عاما من إعلان هذا الشاطىء حمى بحرية باعتراف وإقرار رسمي، لا بل دربت ناشطين للعناية بالسلاحف، زودتهم بما اكتسبت من خبرات، وهي التي لم تدخر فرصة للمشاركة في مؤتمرات دولية حول سلاحف البحر.

نحو مئتي سلحفاة صغيرة من نوع caretta caretta  تم إطلاقها تباعا في اليومين الماضيين، في أجواء سادها الفرح، بعيدا من الصخب.

بالأمس بعثت خليل برسالة إلى الأطفال والأولاد عبر إصرارها على مشاركتهم ليتربوا على حب هذه الكائنات وحماية موائل السلاحف في المستقبل، ورسالة إلى من يريد اغتصاب الأرض البكر ليبني ويشوه ويدمر، ورسالة إلى البيئيين أن في مقدورهم تحقيق الكثير من الإنجازات، ورسالة إلى المسؤولين في الدولة أن بادروا للعمل ولا تتركونا وحيدين في مواجهة سماسرة دأبهم عقد الصفقات ولو بات الشاطىء اللبناني كتلا إسمنتية لا أثر فيها لحياة. 

اخترنا لكم

قرّاء غدي نيوز يتصفّحون الآن