"غدي نيوز"
سيكون النمساوي فيليكس بومغارتنر، هو ومنطاده الخاص به، من بين أبرز القطع التي ينتظر أن يتم تقليدها وتقديمها في عيد الهالوين المقبل من جانب كثيرين من المولعين بروح المغامرة. بل ستصبح القفزة مصدر الهام للعلماء والمغامرين للوصول الى ذات النقطة بالمناطيد، والمرور الى سياحة الفضاء.
فقد فصلت مدة زمنية قدرها 4 دقائق و20 ثانية، وهي المدة التي احتاجها المغامر النمساوي فيليكس بومغارتنر لكي يقطع مسافة قدرها 24 ميلا من الطبقة العليا في الغلاف الجوي إلى الأرض، لكي يتحول بين عشية وضحاها إلى واحد من الأبطال الأسطوريين.
وقد تحول بومغارتنر بالفعل إلى بطل، ولم لا، وقد تمكن من تحقيق إنجاز تاريخي، بقفزته التي تجاوزت فيها سرعة جسده سرعة الصوت، وحطم معها القواعد الفيزيائية.
كما كسر بومغارتنر الرقم القياسي العالمي لأعلى وأسرع قفزة من السماء، ليصبح أول رجل في العالم يخرق حاجز الصوت دون أن يحصل على أي مساعدة من الطائرات، وسط حالة من الترقب والاهتمام من جانب العلماء والمهندسين بتداعيات القفزة، التي انتقلت الحمى الخاصة بها إلى عالم التدوين عبر موقع تويتر.
وانتظر المشاهدون حول العالم 4 دقائق و19 ثانية ليروا ماذا سيحدث لبومغارتنر بعد تلك الثانية الحاسمة التي انطلق من خلالها ليخوض تلك القفزة بأسلوب السقوط الحر.
ولم تخف صحيفة واشنطن بوست الأميركية مدى أهمية تلك القفزة من الناحية العملية، شأنها شأن الهبوط المثير في آب (أغسطس) الماضي لمركبة كيروسيتي على المريخ.
وبما يتسق مع حجم التحدي المهول الذي خاضه بومغارتنر، تكهنت الصحيفة من جانبها بأن يصبح هو ومنطاد الجو الخاص به من بين أبرز القطع التي ينتظر أن يتم تقليدها وتقديمها في عيد الهالوين المقبل من جانب كثيرين من المولعين بروح المغامرة.
وقال مايكل لوبيز أليغريا، رئيس اتحاد رحلات الفضاء التجارية ورائد الفضاء السابق في وكالة ناسا، إن الفريق الذي طور بدلة بومغارتنر يتعاون مع شركات تقوم بتصنيع مركبات مدارية وشبه مدارية.
أشار أليغريا إلى أنه سيكون بمقدور الناس خوض مغامرات عبر المناطيد إلى حافة الفضاء، مثلما فعل بومغارتنر، من دون أن يقفزوا.
وأكد أليغريا في الإطار عينه أنه شعر بإثارة على تلك القفزة الرائعة من جانب بومغارتنر، وإن كان لديه بعض التحفظات، حيث أوضح أنه لم يرغب مطلقا في فعل ما فعله بومغارتنر، وتابع «لقد شاهدت هذا المنظر، ومن الجنون تنفيذ فكرة القفز».
وفي سياق متصل، لم تجد مجلة التايم الأميركية كلمات تصف بها تلك القفزة سوى القول إنها كانت «عملا فذا بعيد الاحتمال» و«عملا شجاعا جميلا على نحو غريب ورائع»، ونوهت كذلك إلى أنه لا يسع الجميع سوى إبداء إعجابه ببومغارتنر ورفاقه.
وتابعت المجلة بقولها إن المهندسين العاملين في وكالة ناسا يحاولون إيجاد طرق لرواد الفضاء كي ينفصلوا من خلالها عن مركباتهم بنفس الطريقة التي فعلها بومغارتنر منذ أيام برنامج غيميني في ستينيات القرن الماضي لكنهم لم يفلحوا في جهودهم، ومن أبرز أسباب ذلك هو أن بومغارتنر قام بتنفيذ قفزته من داخل بالون ثابت. ونظرا لما حققته تلك القفزة من أصداء واسعة حول العالم، سواء على الصعيد العلمي أو الجماهيري، فإنها قد جاءت أيضا لتبقي على حلم إرسال سياح إلى الفضاء.
وقال جورج وايتسايدز من شركة فيرجين غالاكتيك الخاصة العاملة في مجال سياحة الفضاء، والتي تلقت 500 حجز لرحلات الفضاء بكلفة قدرها 200 ألف دولار للمقعد الواحد «فيليكس مستكشف شجاع بالفعل، وستفيد قفزته سبل استكشاف الفضاء».
...وتسهم في رفع مستوى السلامة الجوية
ويرى خبراء ان قفزة فيليكس بوغماتنر يمكن ان تساهم في رفع مستوى السلامة في الرحلات الجوية.
ويقول برنار كومي الذي عمل على مدى اكثر من عشرين عاما طبيبا لرواد الفضاء في المركز الوطني للدراسات الفضائية في فرنسا «هذا النوع من التجارب مفيد للرحلات التجريبية على ارتفاعات شاهقة» وهو يثبت انه يمكن القفز من ارتفاعات عالية جدا وهو امر لم يكن مجربا من قبل.
ويعمل هذا الطبيب اليوم في معهد الطب وعلم الأعضاء في الفضاء في تولوز. ويقول ميشال فيزو المسؤول عن برنامج علم الأحياء في الفضاء في المركز الوطني للدراسات الفضائية «هذا الامر يمكن ان تكون له نتائج عملية في الرحلات الفضائية المأهولة اذ يمكن القول انه في حال حصول اي مشكلة يمكن قذف الركاب من ارتفاعات شاهقة بواسطة سترة واقية ومظلة».
ويوضح فيزو ان شرطا أساسيا لا بد من توافره لنجاح قفزات كهذه، وهو ان تكون السرعة لدى بدء القفزة ضعيفة جدا، على غرار قفزة فيليكس بوغمارتنر التي بدأت من سرعة تساوي صفرا.
ويقول «اذا دخل الإنسان الى الغلاف الجوي للأرض بسرعة سبعة كيلومترات في الساعة، كما هو حال المركبات الفضائية التي تعود الى الأرض، فانه سيحترق هو والسترة الواقية».
ولكن الدخول الى الغلاف الجوي بسرعة واهية، في ظل ترتيبات محددة، يزيد من امكانية إنقاذ رواد الفضاء. ويضيف «انا على ثقة انه يمكن للمهندسين ان يأخذوا هذا الأمر بعين الاعتبار للتوصل الى حلول انقاذية». وبحسب الخبراء فإن كثافة التمارين وآلاف القفزات التي أجراها المظلي النمساوي كانت عاملا حاسما في نجاح قفزته.