"غدي نيوز"
*فادي غانم
استغرب بعض قراء "غدي نيوز" الأعزاء وأصدقاء ومتابعين لنشاط "جمعية غدي"، كيف أننا نولي أهمية للحياة البرية والحيوانات الأليفة، فيما يُستشهد جنود بواسل دفاعا عن تراب لبنان وشعبه ومؤسساته، وفيما يشهد العالم أيضا حروبا لا تبقي ولا تذر، مع ما تنقله لنا وسائل الإعلام من ممارسات وحشية لم يعرف العالم مثيلا لها حتى في الأزمنة الغابرة.
نتفهم معنى هذا الاستغراب، ونتلقى النقد برحابة صدر ومحبة، ولكن...
نحن لا ندافع عن حقوق الحيوان فحسب، وإنما ندافع عن منظومة الحياة التي أوجدها الخالق عزّ وجل، والإنسان جزء من هذه المنظومة، وأي اختلال في مكوناتها وعناصرها يرتد سلبا على الإنسان قبل غيره، ويكفي هنا أن نقدم مثالا سريعا، ونحن نواجه كوارث تهدد أحراج الصنوبر مع تعرضها لليباس، بسبب الصيد الجائر لطائر "الككو" الذي بات على شفير الانقراض، وهو يعتبر العدو الطبيعي لحشرات تتسبب بأمراض الصنوبر، فعندما نبيد الطيور يختل التوازن، ونضطر إلى استخدام المبيدات الحشرية الشديدة السمية، ما يؤدي إلى أمراض مميتة، وإلى تلويث الهواء والتربة ومصادر المياه الجوفية.
لقد خسر لبنان على مدى أربعة عقود وأكثر مساحات شاسعة من غاباته وأحراجه، وانقرضت معظم الطيور المقيمة، واختفت وتراجعت أعداد الحيوانات البرية، وفقد لبنان كل هذا التنوع الحيوي، بسبب الصيد الجائر وفوضى المقالع والكسارات، وعدم مراعاة الاستدامة في موارد الطبيعة، وبدأ مناخنا يتحول صحراويا مع ازدياد درجات الحرارة فوق معدلاتها الطبيعية، وتراجع كبير في نسبة المتساقطات، وغير ذلك من ظواهر مناخية متطرفة أثرت على القطاع الزراعي ومختلف أشكال الحياة.
ومن هنا، فإن البيئة باتت قضية وطنية، فنحن نناضل في قلب المعاناة، ولا ندعي ان نضالنا يوازي القليل القليل مما يبذله جنودنا البواسل، وهم يقدمون أرواحهم على مذبح الحرية، ولكن أعداءنا كثر، فإلى أولئك الذين يتربصون شرا بلبنان، هناك الجهل والفوضى وهما عدوان ساهما في تدمير وتشويه جبالنا وأنهارنا وشواطئنا، وعلى سبيل المثال النفايات تقتل أيضا، والتلوث كذلك.
إن المطلوب هو التكامل، فلكل منا دوره، الجندي والعامل والمزارع، وكلما أمعنا في تدمير بيئتنا وتعذيب وقتل الحيوانات بما فيها تلك الأليفة، كلما ابتعدنا عن إنسانيتنا، ومن يخسر إنسانيته يخسر كل شيء.
*رئيس "جمعية غدي"