"غدي نيوز"
أنور عقل ضو -
لم تعد الأمور خافية على أي لبناني بأن إقامة منشأة صناعية ضخمة في أعالي عين دارة (قضاء عاليه)، تعني تدمير ما بقي من نظم بيئية في هذه المنطقة المصنفة - قبل أن تحتلها المقالع والكسارات - منطقة تزلج، خصوصا وأنه كما بات واضحا، وفقا لطلب الترخيص، فهذه المنشأة تتضمن "بناء وتشغيل واستثمار جبالات باطون مركزية، ومعامل ومطاحن إسمنت، على أنواعها والإسفلت وأحجار الباطون وغيرها من تجهيزات مخصصة للصناعات الإسمنتية والبلاط والأرصفة والجسور والجفصين والكلس على أنواعه، ومواد البناء والمصبوبات الإسمنتية على أنواعها".
في عرف السيد بيار فتوش (شقيق النائب نقولا)، فإن هذه الصناعات غير ملوثة! ولا يني يضخ إعلانات عن "معمل إسمنت الأرز" رصد لها موازنة خيالية، ظناً منه أن الشعب اللبناني ساذج ليصدق ادعاءات لا تمت إلى الحقيقة بصلة، خصوصا وأن الصرخات تعلو منذ سنوات عدة في مواجهة معامل الإسمنت وملحقاتها في شكا، حيث تسجل أعلى نسب من أمراض السرطان في لبنان، هذا فضلا عن رشى وعطايا طاولت وتطاول دائرة كبيرة من المستفيدين والأزلام، إضافة إلى كل من سهل الحصول على الترخيص في كل مواقع السلطة، ومن وافق على دراسة الأثر البيئي!
الكل متهم حتى إثبات العكس، وإلا ما معنى تحويل ضهر البيدر إلى جزيرة أمنية وسط "جيش" من الأتباع يحمل السلاح جهارا نهارا، ولا يتوانى عن مواجهة عناصر شرطة بلدية عين دارة والأهالي الرافضين لـ "مصنع الموت"، خصوصا عندما حاول هؤلاء الأتباع تهريب جبالة إلى أرض المصنع المزمع إنشاؤه.
وتستمر حملة الإعلانات بتشويه الحقائق، مشوهة الأرز رمز لبنان، فيما المصنع الموعود سيقضي على المياه الجوفية تلوثا أو هروبا لمساراتها، لا سيما وأن هذه المنطقة تضم خزان المياه الجوفية الذي يغذي أربعة أقضية (عاليه، الشوف، بعبدا والبقاع الأوسط), وهذا ما أكدته دراسات الأمم المتحدة أشارت فيها إلى وجود تجمع كبير من الينابيع، دون أن ننسى أن "مصنع الموت" لا يبعد عن "محمية أرز الشوف" والمناطق السكنية أكثر من كيلومترين.
كما أن توظيف "الأرز" لصالح مشروع تدميري مفترض أن يعاقب عليه القانون، والأمر يقتضي إصدار قرار من أولي الأمر بوقف الحملة الدعائية، إذا ما أردنا فعلا أن نكون بلدا يحترم الرمز الذي يتوسط علمه، فمن يعرف منطقة ضهر البيدر – عين دارة، يدرك جيدا أن هذه المنطقة تعتبر "ميتة" بفعل الكسارات، ولا يمكن استعادتها خضراء إلا في عصر جيولوجي جديد بعد مئات ملايين السنين.
ومن ثم يجب الإشارة إلى أن لبنان قدم إلى الأمم المتحدة تعهداته لجهة الحد من الانبعاثات المسببة لظاهرة الاحترار العالمي، والكل يعلم أن المنشأة التي ستقام في اعالي ضهر البيدر تعتبر من أكثر الصناعات المسببة لظاهرة الاحترار، ويبدو أن السيد فتوش ينسجم مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأن تغير المناخ "خدعة" والله أعلم!