"غدي نيوز"
أنور عقل ضو -
يبدو واضحاً أكثر من أي وقت مضى أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يقود بلاده نحو الهاوية، فعلى الرغم من أن الولايات المتحدة بسياساتها البراغماتية وتغليب مصالحها على حساب مصالح العالم، شعوبا ودولا وحكومات، منذ الحرب العالمية الثانية، مع احتلال دول وتنصيب ديكتاتوريات (تشيلي، السفادور، نيكارغوا ومعظم دول أميركا الجنوبية والوسطى)، ومع استغلال خيرات الدول في سائر أنحاء الأرض، إلا أنها تعيش اليوم عصراً يَسِمُ إدارتها بـ "الجنون"، والمسألة تخطت المعايير الأخلاقية في علاقاتها الدولية، التي ما التزمت بها يوما بغيرِ عَيْنِ مصالحها، حتى بعلاقاتها مع الدول الحليفة، ولا سيما دول أوروبا الغربية.
ما يؤكد "جنون" إدارة ترامب أنها ما تزال تعيش عقدة التفوق، وهذه نزعة بدت واضحة كـ "حالة مرضية" لدولة عظمى ظن منظروها من فلاسفة الفكر النيوليبرالي أن التاريخ توقف عند النموذج الرأسمالي بنسخته الأميركية، خصوصا بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، وأبرزهم فرنسيس فوكوياما في كتابه "نهاية التاريخ (1992)"، لتأتي المتغيرات الدولية وتكشف عمق أزمة الرأسمالية الأميركية، وأنها كانت عبارة عن بناء من ورق، بعد الأزمة المالية العالمية في 2008، واعتبرت الأسوأ من نوعها منذ زمن الكساد الكبير سنة 1929، وعاش العالم بعضا من فصولها، في ما عرف بالولايات المتحدة بـ "الفقاعة العقارية"، بالرغم من أن لهذه الأزمة أسبابا كثيرة ومتشعبة.
ويبدو أن عقدة التفوق الأميركي هي أحد أسباب جنوح ترامب نحو عدم الاعتراف بتغير المناخ، ليبقي أميركا قوة اقتصادية عظمى ولو حساب المناخ، أي على حساب حياة الملايين من البشر، وعلى حساب الكوكب.
وقد تأكد ذلك مع قرار إدارة الرئيس ترامب حلّ لجنة استشارية فيدرالية حول تقييم المناخ القومي، وهي مجموعة تهدف إلى مساعدة صانعي السياسة ومسؤولي القطاع الخاص على دمج تحليل الحكومة للمناخ في خطط طويلة الأمد.
وذكرت صحيفة (واشنطن بوست) الأميركية في تقرير على موقعها الإلكتروني، صدر يوم أمس الأحد أن "ميثاق اللجنة الاستشارية المؤلفة من 15 شخصا لإجراء تقييم مستدام للمناخ الإقليمي، والتي تتضمن أكاديميين ومسؤولين محليين وممثلين شركات، تنتهي صلاحيته اليوم (أمس).
وأضافت أن المدير بالنيابة للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي بين فرايدمان أبلغ ، الجمعة الماضي ، رئيس اللجنة الاستشارية بأن الإدارة لن تجدد عمل الفريق.
وقالت الصحيفة إن تقييم المناخ القومي من المفترض أن يصدر كل 4 أعوام، لكنه صدر فقط 3 مرات منذ تمرير قانون عام 1990 يطالب بتحليل المناخ في الولايات المتحدة، لافتة إلى أن الإصدار القادم المفترض صدوره في 2018 أصبح بالفعل قضية مثيرة للجدل لإدارة ترامب.
وأضافت أن مسؤولي الإدارة حاليا يراجعون التقرير العلمي الذي يعد مفتاح الوثيقة النهائية، موضحة أن الوثيقة المعروفة باسم (التقرير الخاص للمناخ العلمي) يعمل عليها علماء و13 هيئة فيدرالية حكومية مختلفة، ونقلت الصحيفة عن مديرة الاتصالات في الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي بأميركا جولي روبرتس قولها "إن هذا التحرك لا يؤثر على إنهاء التقييم الرابع للمناخ القومي الذي يظل أولوية قصوى"!
في رد فعل أولي، رأى محللون أميركيون، أن هذا القرار ستكون له نتائج أكثر سلبية على الولايات المتحدة بالمقارنة مع قرار انسحابها من اتفاقية باريس للمناخ، وقد أقر كثيرون سابقا واليوم بأن سياسة ترامب تمثل كارثة على البيئة والمناخ ومستقبل الولايات المتحدة والعالم.
فأي جنون هذا؟!