خاص "غدي نيوز" – سوزان أبو سعيد ضو
"الكارما" Karma كلمة سنسيكريتية، معناها الحرفي العمل أو الفعل، ولكنها تحتمل معانٍ أكبر، فهي تعني أيضا أحد المبادئ الروحية حول السبب والنتيجة، لجهة أن أفعال الفرد وهي السبب، تؤثر على مستقبله أو النتيجة، والكارما في بعض الأحيان سريعة للغاية، خصوصا في الطبيعة، فالنمل النفاث Jet ants الذي يبني أعشاشه داخل أعشاش أنواع النمل الأخرى، وفي نهاية المطاف يستولي عليها، فتصيبه آفات خاصة به.
خنافس العصارة
ويعرف النمل النفاث بالإسم العلمي "لاسيوس فوليجينوسوس"Lasius fuliginosis، كما يشار إليه باسم "النمل الأسود الساطع" shining black ants، ويعيش في أوروبا وآسيا.
عندما يذهب النمل من هذا النوع للبحث عن الغذاء، فإنه يميز مساراته بإفرازات تحتوي على مزيج خاص من الفيرومونات، ويتبع العديد من النمل هذه الممرات، كما ينقل العسل التي تم جمعه من المن والحشرات الأخرى في المعدة الخاصة تسمى "الحوصلة" التي تستخدم لتخزين المواد الغذائية.
وتتبع الخنافس من نوع "خنافس العصارة" sap beetles اسمها العلمي Amphotis marginata هذه المسالك وتخدع النمل المحمل بالغذاء وتدفعه إلى "تقيوء"regurgitating ما جمعه، وهو تعبير معروف باسم kleptoparasitism، فالقسم من التعبير klepto أي سارق وparasitism أو الطفيلي أي الحيوان الذي يسرق طعام جمعه آخر.
وقد وجد الباحثان بيرت هولدوبلر Bert Hölldobler وكريستينا كوابيتش Christina Kwapich من "جامعة ولاية أريزونا" في مدينة تيمبي أن الخنافس تحصل على معظم طعامها بهذه الطريقة.
سرقة الغداء!
وقد درس الباحثان هذه الخنافس التي تعيش بالقرب من مستعمرات النمل في البرية، وجمعا كلا النوعين للتجارب في المختبر، وقالت كوابيتش: "يغذي النمل بعضه من الغذاء الذي يتم جمعه من بعض الحشرات الأخرى من خلال التقيؤ في أفواه بعضها البعض"، وأضافت: "استفادت الخنافس من هذا السلوك، نحن نسميها رجال الطريق السريع highwaymen تشبيها لهم بقطاعي الطرق، لأنها تسلب غذاءها على حركة مرور النمل في مسارات البحث عن الطعام".
للقيام بذلك، تقترب الخنفساء من النمل وتضغط على ساقي النملة الأماميتين والهوائيات، وبعد ذلك يلعق النمل رأس الخنفساء لفترة وجيزة، ثم تضغط الخنفساء على أجزاء الفم الخاصة بالنملة، وتدفعها لتقيوء قطرة كبيرة من المواد الغذائية.
وقالت كوابيتش: "إنه نوع من المصافحة السرية، يلي ذلك بأن تضع الخنافس أصابعها أسفل حلق النمل".
خنفساء مخادعة
وتعقب هولدوبلر وكوابيتش توزع المواد الغذائية بين المخلوقات عن طريق تغذية النمل بمزيج المياه والعسل المشع، ووجد الباحثون أن الخنافس الموضوعة بين النمل حصلت على 1.8 أضعاف الغذاء الذي حصل عليه النمل من مجموعة النمل الخاص به، ولم تنقل الخنافس الغذاء إلى النمل الآخر أو إلى الخنافس الأخرى، وبالتالي فإن العلاقة هي في اتجاه واحد.
كما وجدوا أن خنافس A. marginata لديها غدد على قمة رؤوسها تفرز سائلا، وأوضحت كوابيتش أن "هذه الإفرازات قد تكون جاذبة للنمل، وعندما تقترب النملة للاستطلاع والتحقق، فإن الخنفساء تلمس فمها وتدفعها للتقيوء".
يدرك النمل أحيانا أن الخنفساء دخيلة ويهاجمها، ولكن الخنفساء لديها خدعة: فإنها تخبئ زوائدها بتغطيتها الجناح الواقي وتسطح نفسها ملتصقة تماما بالأرض، ولا يمكن للنمل مواجهة الخنافس عندما تفعل ذلك.
وقال جوزيف باركر Joseph Parker من جامعة كولومبيا في نيويورك: "هناك تنوع ضخم في عدد المفصليات Arthropods المتخصصة بمستعمرات النمل، والعديد من أنواعها طفيليات kleptoparasite"، لكنه أضاف أن "الأنواع الأنواع مثلA. marginata، التي تتغذى من فم إلى فم من قبل النمل، هي الأقل شيوعا"، وأضاف: "إن هذا يتطلب كسر النظام السلوكي للنمل في التماس الغذاء، ولذلك فمن الصعب تحقيق فائدة تطورية في هذا المجال".
رابط الدراسة:
http://journals.plos.org/plosone/article?id=10.1371/journal.pone.0180847