"غدي نيوز" – إيليسيا عبود
نشرت وكالة الصحافة الفرنسية (أ ف ب) تحقيقا يتناول توجهات فرنسا في المرحلة المقبلة حيال الوقود الأحفوري، والحد من التلوث والتخفيف من انبعاثات غازات الدفيئة المسببة لظاهرة الاحترار العالمي.
وتعرض الحكومة الفرنسية، بعد غد الأربعاء 6 أيلول (سبتمبر) الجاري، مشروع قانون لحظر إنتاج المحروقات في فرنسا مستقبلا، في إجراء يبقى رمزيا بشكل أساسي، يلقى ترحيبا من دعاة حماية البيئة، لكنه يثير غضب الصناعيين.
وأفادت وثائق عرضت مؤخرا على المجلس الوطنى للانتقال البيئي، أن مشروع القانون المتعلق بحظر استغلال المحروقات، الذى سيعرضه وزير الانتقال البيئي والتضامن نيكولا أولو، سيكون تجسيدا لوعود الرئيس إيمانويل ماكرون الانتخابية.
وأكدت الوثائق، أن الحكومة تريد الشروع في الخروج التدريجي من إنتاج المحروقات على الأراضى الفرنسية بحلول عام 2040.
خفض مخاطر التلوث
وعلى الصعيد العملي، ستتوقف الحكومة عن منح التراخيص للتنقيب، كما ستتوقف عن تجديد التراخيص الممنوحة، وبذلك تعتزم فرنسا الحد من استخدام هذه المحروقات المسببة لانبعاثات غازات الدفيئة، التزاما منها بالأهداف التي حددها "اتفاق باريس" لاحتواء ظاهرة الاحترار، كذلك يهدف هذا الإجراء إلى خفض مخاطر التلوث، ولا سيما في البحار، في حال وقوع حادث.
وفي ما يتعلق بالمحروقات غير التقليدية مثل الغاز الصخري، فقد سبق وحظرت الحكومة عام 2011 التنقيب عنه واستخراجه بفضل تقنية التصديع المائي، وهي التقنية الوحيدة المتاحة حاليا.
غير أن القانون المطروح يغلق الباب نهائيا أمام استغلال هذه المحروقات، إذ يعلن الحظر "أيا كانت التقنية المستخدمة".
لكن هذه القواعد الجديدة تتضمن استثناء، يتعلق بغاز المناجم الموجود داخل طبقات الفحم، والذى ستستمر عمليات استخراجه لأسباب تتعلق بالسلامة وحماية البيئة، إذ أنه خطير بسبب قابليته للانفجار، ويساهم بشكل قوى في ارتفاع حرارة الأرض.
رسالة سياسية
وتعتزم الحكومة إعطاء الشركات الناشطة في قطاع الطاقة مهلة للتأقلم، من خلال السماح بتمديد امتيازات التنقيب الممنوحة، ومنح أول امتياز للاستخراج في حال تم اكتشاف حقل.
ويثير مشروع القانون غضب القطاع النفطي في فرنسا. ورأى رئيس "الاتحاد الفرنسي للصناعات النفطية" فرانسيس دوزو "إنه مشروع رمزي، سياسي، ولا يجلب للبلد سوى المساوىء"، وتابع: "لن يكون له أى تأثير على استهلاك النفط وسيؤدى إلى زيادة انبعاثات الغازات المسببة للاحترار إذ أن ما لا ننتجه في فرنسا سيتحتم علينا استيراده".
في المقابل، تبدي الجمعيات البيئية ارتياحها للتدابير الجديدة، وقال رئيس اتحاد "فرنسا طبيعة بيئة" لجمعيات حماية البيئة ميشال دوبروميل أن "هذا الملف يحمل رسالة سياسية مهمة، فيه إشارة، وإننا مرتاحون".
وتابع: "ما يبدو لنا مهما هو التحضير للانتقال. وتاريخ 2040 يسمح للجهات الاقتصادية والاجتماعية بالاستعداد"، وثمة حاليا 63 امتيازا لاستغلال المحروقات قيد المصادقة عليها، تتركز بمعظمها في حوضي باريس ومنطقة الأكيتان.
ماذا عن غويانا؟
لم تنتج فرنسا العام الماضي سوى 815 ألف طن من النفط، أي حوالي 1 بالمئة من استهلاكها. وشركة "فيرميليون" الكندية هي المنتج الرئيسي للمحروقات في البلد، لكن فرنسا تستورد النفط والغاز بكميات كبيرة.
وأغلق حقل الإنتاج الوحيد الكبير، وهو حقل الغاز في "لاك" بمنطقة البيرينيه الأطلسية الذي تم اكتشافه في الخمسينيات من القرن الماضي، واستمر استغلاله حتى قبل بضع سنوات.
وقال الباحث في مكتب الدراسات "أو سي بي بوليسي سنتر" في الرباط فرنسيس بيران، إن فرنسا ليست بلدا كبيرا على صعيد النفط والغاز، وبالتالي فإن قرارها لن يبدل وجه العالم وتوازنات الطاقة الدولية.
على صعيد آخر، كانت الشركات النفطية وجهت آمالها إلى ما وراء البحار، وقال فرنسيس بيران بهذا الصدد "هناك نقطة استفهام حول غويانا الفرنسية".
وفي 2011 اكتشفت شركة "تولو أويل" البريطانية نفطا قبالة سواحل هذه المقاطعة الفرنسية، غير أن الآبار التي تم حفرها لاحقا للاستكشاف كانت مخيبة للآمال.
إلا أن هذا الاكتشاف اثار آمال الشركات النفطية وفي الوقت نفسه مخاوف البيئيين، لا سيما وأن شركة "إيكسون موبيل" الأميركية العملاقة اكتشفت كميات ضخمة في جمهورية غويانا المجاورة.