خاص "غدي نيوز" – سوزان أبو سعيد ضو
على الرغم من أن العرق يخلف بقعا على الملابس ويحرج الناس في الأماكن العامة مع رائحته مزعجة، ولكنه حيوي للصحة، وللحفاظ على أجسادنا باردة أثناء ممارسة الرياضة، كما أن العرق ينتج كجزء من ردود فعلنا الطبيعية للإجهاد، أو عندما نتوتر أو نكون تحت الضغط، وفي الأيام المشمسة أو عندما نأكل بعض الأطعمة مثل الفلفل الحار وغيرها، ما يضفي على العرق المتصبب رائحة نفاذة مزعجة.
ويعتبر وضع مزيل العرق جزءا من روتيننا اليومي، فقليل منا لا يترك المنزل صباحا قبل استخدامه، وعلى الرغم من أن هذا الأمر قد يبدو من أبسط المهام، ولكن وفقا للباحثين في مجال الصحة، فمعظمنا يقوم بهذا الأمر بطريقة خاطئة.
مزيل العرق صباحا!
قالت مقدمة برنامج Embarrassing Bodiesالمختصة في صحة الأطفال وتنظيم العائلة الدكتورة دون هاربر Dawn Harper أن "الاستخدام الأفضل لمضادات التعرق الخاص بك ينطوي على أكثر من مسحة سريعة في الصباح"، وأضافت: "في الواقع يجب أن لا يتم وضعه صباحا على الإطلاق".
وأشارت هاربر إلى أنه "يجب وضع مزيل العرق ليلا قبل الذهاب إلى الفراش للسماح له بأن يجف تماما، وأن يترك بين عشية وضحاها، فضلا عن غسل أي بقايا في الصباح باستعمال الصابون والماء"، وأضافت: "تحتوي مضادات التعرق عموما على كلوريد الألومنيوم aluminium chloride، ويتم امتصاص جزيئات الألومنيوم من قبل الخلايا في الغدد العرقية، ما يتسبب في تضخمها وانسدادها حتى لا تخرج العرق، ويعتقد أنه من خلال وضع مضادات التعرق في الليل، فإنه يكون لديها الوقت لتستقر في المسام أثناء النوم".
مرة أو مرتين في الأسبوع
وأضافت هاربر أنه "من المهم السماح لمضاد التعرق بأن يجف تماما قبل مغادرة المنزل، وبالتالي فمن الأفضل تجنب وضعه على الجلد الرطب".
وبينما يتوهم معظمنا أن كمية أكبر من مزيلات العرق تعني احتمالا أقل لانبعاث الرائحة، كشفت هاربر أنه "مع مزيل العرق ذات النوعية الجيدة فلا نحتاج لوضعه سوى مرتين في الأسبوع"، وأضافت: "توضع مسحتان تحت كل إبط مرة أو مرتين في الأسبوع فقط".
تدريب الغدد العرقية
وقال أستاذ فيزيولوجيا البيئة وبيئة العمل environmental physiology and ergonomics البروفسور جورج هافنيث George Havenith، من "جامعة لاوبورو" Loughborough University: "لدينا ما يقرب من أربعة ملايين غدة عرقية في بشرتنا، تنتج ما يصل إلى 25 ميلليليترا من العرق كل ساعة لتنظيم درجة حرارة الجسم، وهذا يمكن أن يرتفع بين اثنين إلى أربعة ليتر كل ساعة أثناء ممارسة الرياضة".
وينصح هافينيث "للحد من التعرق المفرط خصوصا خلال العطلة، عليك إعداد جسمك قبل أسابيع كما يفعل الرياضيون"، وأضاف: "قبل الحدث وفي مناخ حار، فالعديد يعمل على تدريب الغدد العرقية للعمل بكفاءة في درجات حرارة عالية من خلال العمل في غرف ساخنة".
وقال هافينيث: "إن استخدام (الساونا) أو القيام بحمام ساخن بانتظام، يمكن أن يقوم بتدريب الغدد العرقية الخاصة بك لتكون أكثر كفاءة في الحرارة المرتفعة، ما ينتج عنه عرقا أكبر لتبريدك، ولكن يكون توزيعه أفضل في كافة أنحاء الجسم".
الشراب الساخن أفضل
ويوضح هافينيث أن "بعض الناس يتعرقون أكثر عند تناول بعض الأطعمة مثل زبدة الفول السوداني، ويعتقد أن هذا هو عبارة عن رد فعل تحسسي خفيفmild allergic reaction"، وأضاف: "قد ينظر الجسم إلى بعض المحفزات على أنها ضارة ويطردها من خلال العرق".
وقال: "كما أن القهوة الساخنة أو الشاي يمكن أيضا أن تجعل الشخص يتعرق أكثر، لأنها تحفز أجهزة استشعار درجة الحرارة في الجسم، لتطلق آلية التبريد في الجسم، فضلا عن أن الكافيين يمكن أن يحفز الجهاز العصبي لتفعيل الغدد العرقية".
وأشار هافينيث إلى أنه "في الواقع، قد تكون المشروبات الساخنة أفضل للتبريد من المشروبات المثلجة"، وأضاف: "ننتج عرقا أكثر استجابة لمشروب ساخن من المشروب البارد، الذي يمنع فعلا التعرق ولا يغير درجة حرارة الجسم".
وقال: "الفلفل يجعلنا نتعرق لأنه يحتوي على مادة كابسايسين capsaicin، وهي مادة كيميائية تحفز الأعصاب التي تكشف الحرارة في الجلد والفم"، ويوضح البروفيسور هافنيث "لا تغير الكابسايسين درجة حرارة الجسم، ولكن يتم (خداع) الجهاز العصبي من قبل هذه المواد الكيميائية".
زراعة بكتيريا التعرق
وقال الطبيب واستشاري الأمراض الجلدية في مستشفيات جامعةLeicester NHS Trust أنطون ألكسندروف Anton Alexandroff: "يعاني ما يقرب من مليوني شخص في المملكة المتحدة من التعرق المفرط أو فرط التعرق"، وأضاف: "كما أننا ننتج عرقا عندما نكون تحت الضغط، ولا بد لهؤلاء من تبديل ثيابهم كل ساعة أو لا يستطيعون مصافحة الناس، كما أن التعرق يأتي كجزء من استجابة للضغط، وبالنسبة للبعض، فالمسألة أكبر من مجرد العرق الزائد بل الرائحة الناتجة، ويعلل الباحثون السبب إلى نوع خاطئ من البكتيريا على البشرة تتسبب برائحة زائدة، وفي وقت سابق من هذا العام اقترح الباحثون في جامعة كاليفورنيا علاجا لهذا وذلك بـ "زرع البكتيريا".
وقد درس العلماء التوائم المتطابقة، أحدهما يعاني من رائحة الجسم، لذا فقد أخذوا مسحة من البكتيريا من التوأم ذي الرائحة الجيدة وتم مسحها على إبط ذي الرائحة الكريهة، وقد اختفت الرائحة، حتى بعد عام، وهذا يعني أن البكتيريا الجديدة تفوقت على تلك ذات الرائحة السيئة، وبالتالي قضت على الرائحة، وقال ألكسندروف: "إنه مثل البروبيوتيك لكنه يحسن الرائحة".
أسباب أخرى
وقال الكسندروف: "كما أن تناول بعض المأكولات يساهم بإنتاج الرائحة النفاذة مثل الثوم أو الهليون، لأن المواد الكيميائية في هذه الأطعمة لا يتم تكسيرها، بل يتم التخلص منها عبر التنفس والعرق، كما أن تناول الكثير من البروتينات يؤدي لإنتاج الأمونيا، خصوصا في حال افتقار الوجبات للكاربوهيدرات، حيث يتحول الجسم إلى استهلاك البروتين، كما قد يعني الأمر أن الكلى لا تعمل بشكل جيد".
وقال هافنيث: "مرض السكري والأمراض الأيضية الأخرى يمكن أن تغير رائحة الجسم، وذلك لأنها تؤدي إلى تراكم السموم في الدم التي تنتقل إلى العرق، والتي يمكن بعد ذلك أن تظهر عبر الروائح مثل رائحة التفاح الحمضية أو الفاسدة، كما أن إصابة الأعصاب الطرفية نتيجة هذه الأمراض يساهم بإنتاج هذه الروائح".