"غدي نيوز"
فادي غانم*
ليسمح لنا بعض السياسيين، أو معظمهم، وليبتعدوا عن "التذاكي"، وليكفوا عن التنطح من وقت لآخر للمزايدة على المواطن وحقوقه الضائعة وكرامته المسلوبة، ففتح "البازار" الانتخابي لا يعني الإتجار بمعاناته، ومهما اندفعوا في مواقفهم كحماة للبيئة، فلا يعدو الأمر أكثر من "شراء" وجع الناس في توظيف مقيت لأغراض خاصة.
ليبتعدوا عن البيئة في خطابهم المستجد، وليريحوا أعصابنا في ما نواجه من واقع مأزوم، هم من ساهم في تلويثه وتدميره، فمن سرق ونهب الأملاك البحرية، ومن ارتضى أن يكون شاهد زور في ملف المقالع والكسارات والمرامل، ومن مرر مشروع ردم البحر لصالح مكبات النفايات، ومن زيّن لنا إقامة السدود السطحية وتدمير الطبيعة، لا يحق له أن ينبس ببنت شفة.
إن طبقة سياسية لم تتمكن من إنجاز "مجرور" ليست أهلا لتدافع عن البيئة، فمنذ نحو ثلاثين سنة ومياه الصرف تصب في الأنهر وتلوث البحر، ولم يتم إلى الآن ربط الشبكات إن وجدت بمعامل تكرير، فبأي وجه تلاقي هذه الطبقة الحاكمة، أو معظم أركانها، كي لا نظلم، ففي التعميم جورٌ وتجنٍّ، معاناة شعب مغلوب على أمره؟ ومن المفارقات في هذا المجال أن يكون البحر بين مدينة صور والناقورة بعيدا من أسباب التلوث، لسبب بسيط وهو أن قوات "اليونيفيل" بما لها من علاقات دولية وبإمكانيات بعض الدول المنضوية فيها، أبقت الشاطىء نظيفا، وهذا إنجاز يؤكد أنه مع وجود الشفافية لا مجال للسرقة وهدر المال العام، وثمة الكثير لا يمكن التحدث عنه على قاعدة أن "في فمي ماء"!
إن طبقة سياسية ارتضت تدمير جبال عين دارة وأبو ميزان في قضاء المتن ونهشها وقضمها على مدى ثلاثين سنة ونيف، لا تستحق أن تدير شركة، وغير جديرة بأن تكون في حاضرة العمل العام، وهذا غيض من فيض.
أريحونا من صخبكم كطبلٍ أجوف، ومن مناظراتكم ومزايداتكم وسجالاتكم، أريحونا من كل هذا الصراخ والعويل، فلقد بلغ السيل الزبى.
البيئة في لبنان شهيدة مؤامراتكم... دعوها ترقد بسلام!
*رئيس جمعية "غدي"