"غدي نيوز": ترجمة وإعداد سوزان أبو سعيد ضو
توصل عدد من الباحثين من "جامعة الكلية في لندن" University College London UCL، ومعهد التعليم Institute of Education وجامعة ليفربول the University of Liverpool لنتيجة مفادها بأن الفتيات أكثر عرضة للاكتئاب في عمر الـ 14 سنة.
الدراسة
وقد بينت الدراسة أن فتاة من أصل أربع عرضة للإكتئاب، وقد وجد الباحثون أن 24 بالمئة من الفتيات و9 بالمئة من الصبيان في هذه الفئة العمرية يعانون من الإكتئاب.
وكجزء من دراسة للبيانات المتعلقة لأكثر من عشرة آلاف طفل ولدوا ما بين العام 2000 و2001 وشاركوا في دراسة Millennium Cohort Study، وتم جمع المعلومات من الآباء من خلال مجموعة أسئلة بشأن الصحة العقلية لأطفالهم عندما كان صغارهم في سن الثالثة والخامسة والسابعة والثامنة عشرة والرابعة عشرة.
وعندما وصل المشاركون في الدراسة إلى سن 14، طرح الباحثون عليهم أسئلة تبحث في صعوبات تتعلق بالصحة العقلية، وأظهر البحث الذي نشر بالتعاون مع الجمعية الخيرية "المكتب الوطني للأطفال" the National Children’s Bureau، أن الفتيات والفتيان لديهم مستويات مماثلة من المشاكل العاطفية طوال مرحلة الطفولة حتى المراهقة إلا أن المشاكل تصبح أكثر انتشارا لدى الفتيات عندما يصلن إلى مرحلة المراهقة، ولكن وجد الباحثون أن ردود المراهقين حول المشاكل العاطفية كانت مختلفة عن تصورات الأهل.
معدلات اكتـئاب مرتفعة
كما وجد الباحثون أن الآباء يتعرفون على أعراض الاكتئاب لدى الصبيان أكثر بكثير من الفتيات، ما قد يعني أن بعض الآباء قد لا يكون على بينة من الاكتئاب الذي تعاني منه بناتهم، فضلا عن أن الصبيان من جميع الأعمار لديهم مشاكل سلوكية أكثر من الفتيات.
وفي بيان للصحافة قال العلماء: "الدراسات التي مولتها الحكومة البريطانية والتي شملت أكثر من 10 آلاف مراهق أظهرت أن الفتيات في عمر الـ 14 تظهر عليهن أعراض الاكتئاب أكثر بعشر مرات من أقرانهن من الفتيان، والخطير في الموضوع أن أغلب الآباء لا يدركون حجم الخطر الحقيقي الذي يهدد أطفالهم في هذه المرحلة من العمر".
من جانبها قالت برفيتا باتالاي Praveetha Patalay إحدى الكتاب الرئيسيين لهذه الدراسة: " سلطنا الضوء في دراسات سابقة على الصعوبات المتزايدة للصحة العقلية التي تواجهها الفتيات اليوم بالمقارنة مع الأجيال السابقة، وهذه الدراسة تسلط الضوء على معدلات الاكتئاب المرتفعة بشكل مثير للقلق لدى المراهقين ولا سيما الفتيات، فهن أكثر عرضة من غيرهم للاعتلالات والمشاكل النفسية".
نقطة مأزومة
وقالت المديرة التنفيذية لمكتب الأطفال الوطني آنا فوشتوانغ Anna Feuchtwang: "إن هذه الدراسة التي أجريت على آلاف الأطفال تعطينا الأدلة الأكثر أهمية والمتاحة حول مدى الصحة النفسية لدى الأطفال في المملكة المتحدة"، وأضافت:"مع وجود ربع الفتيات البالغات من العمر 14 عاما تظهر علامات الاكتئاب، فإنه الآن لا شك في أن هذه المشكلة تصل إلى نقطة مأزومة crisis point".
وأشارت إلى أن "ما يدعو للقلق أن هناك أدلة على أن الآباء قد يقللون من تقدير احتياجات الصحية العقلية لدى بناتهم. على العكس من ذلك، قد يتمكن الآباء والأمهات بصورة أكبر ملاحظة الأعراض لدى أبنائهم، والتي لا يبلغ الصبيان عنها بأنفسهم، من المهم للغاية أن يتمكن الأطفال وأولياء أمورهم من إسماع أصواتهم لزيادة فرص التعرف المبكر على المرض النفسي والحصول على الدعم المتخصص ".
عوامل متعددة
وعلق كبير مستشاري السياسات في مؤسسة "يونغ مايندس" YoungMinds الخيرية الدكتور مارك بوش Marc Bush على نتائج البحث: "نعلم أن الفتيات المراهقات يواجهن مجموعة كبيرة من الضغوط، بما في ذلك الإجهاد في المدرسة، وقضايا تتعلق بصورة الجسد Body image، والمضايقات في المدرسة (البلطجة) فضلا عن الضغط الذي خلقته وسائل الاعلام الاجتماعية"، وأضاف " كما أن التجارب الصعبة في مرحلة الطفولة، بما في ذلك الصدمات والألم والعنف المنزلي أو الإهمال، يمكن أن يكون لها تأثيرا خطيرا أيضا، وغالبا ما تمتد على فترة عدة سنوات"، وتابع: "لجعل الأمور أسوأ، قد يكون من الصعب للغاية على المراهقين الحصول على الدعم المناسب إذا كانوا يكافحون من أجل التعامل مع المصاعب التي تعترضهم".
وأشار بوش إلى أنه "لهذا السبب من الضروري أن يتم تمويل خدمات الصحة النفسية بشكل صحيح، مع التركيز على التدخل المبكر"، وقال:"كمجتمع، نحن بحاجة أيضا إلى بذل المزيد من الجهد لمنع مشاكل الصحة العقلية من التطور في المقام الأول، وبادئ ذي بدء، نحن بحاجة إلى إعادة التوازن في نظامنا التعليمي، حتى تتمكن المدارس من إعطاء الأولوية للرفاهية وليس فقط لنتائج الامتحانات".
وقالت مديرة الصحة النفسية الوطنية National Health Service في برييطانيا كلير مردوخ Claire Murdoch: "خدمات الصحة الوطنية للأطفال والشباب تتسع بمعدل أسرع خلال هذا العقد"، وأضافت "سوف نعالج هذا العام، 30000 حالة جديدة لدى المراهقين، بدعم 280 مليون جنيه استرليني إضافية من التمويل".
ولفتت مردوخ إلى أن " التقرير يوضح مدى أهمية أن تساهم جميع الخدمات - المدارس وخدمات الشباب وكذلك خدمات الصحة الوطنية - دورها في اكتشاف المشاكل في وقت مبكر وتقديم الحلول".
وأشار الخبراء إلى أن الدراسات أظهرت العديد من العوامل التي تؤثر على تلك الحالة عند المراهقات، فقد لاحظوا أن "الفتيات اللواتي ينحدرن من بيئات أكثر فقرا كن أكثر عرضة للاكتئاب، فضلا عن أن الخلفيات العرقية كانت لها تأثيراتها أيضا، فالفتيات ذوات البشرة الداكنة كن أقل عرضة للاكتئاب من ذوات البشرة البيضاء أو اللواتي ينحدرن من خلفيات عرقية مختلطة".
بالإضافة لتلك العوامل فقد تبين من البحث أن الفتيات، وخصوصا في هذا العمر، هن الأكثر استخداما للإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي التي تلهيهن عن الحياة الواقعية وتدفعهن نحو الاكتئاب الذي يزداد أحيانا بسبب الضغوط النفسية المتعلقة بالمشاكل الدراسية.
المصدر: BBC، The Independent، RT، غدي نيوز ووكالات.
لقراءة البحث الأصلي على الرابط التالي:
http://www.cls.ioe.ac.uk/page.aspx?&sitesectionid=851&sitesectiontitle=Welcome+to+the+Millennium+Cohort+Study