"غدي نيوز" - أنور عقل ضو -
كلنا عين دارة، كنا وسنبقى، صوتها ضميرها ووجع أبنائها، ويخطىء من يظن أن هذه البلدة المتاخمة للغيم سترضخ وتنساق إلى مسلخ مصالح من يرون أنفسهم أكبر من الدولة، وأكبر من القانون، متحصنين بـ "دويلة الكسارات"، هناك، حيث تسود شريعة الغاب وسط الحضور البوليسي لـ "ميليشيا" النافذين المستأثرين بكل مرافق الدولة من مجلس الوزراء إلى المجلس النيابي وبعض السلطة القضائية، لا بل، وبعض الإعلام.
نعلم أن المال يشتري الذمم ويشلّ الضمائر، ويخلق فسحة للعب والتذاكي على القانون، ونعلم أكثر أن ثمة متورطين بـ "مال الكسارات" فكم بالحري ونحن على أعتاب انتخابات نيابية؟
إن إقامة منشأة صناعية ضخمة في أعالي عين دارة (قضاء عاليه)، يعني تدمير ما بقي من نظم بيئية في هذه المنطقة المصنفة - قبل أن تحتلها المقالع والكسارات - منطقة تزلج، خصوصا وأنه كما بات واضحا، وفقا لطلب الترخيص، فهذه المنشأة تتضمن "بناء وتشغيل واستثمار جبالات باطون مركزية، ومعامل ومطاحن إسمنت، على أنواعها والإسفلت وأحجار الباطون وغيرها من تجهيزات مخصصة للصناعات الإسمنتية والبلاط والأرصفة والجسور والجفصين والكلس على أنواعه، ومواد البناء والمصبوبات الإسمنتية على أنواعها".
لا نبالغ إن قلنا أن مصداقية العهد على محك معاناة عين دارة، وأن هذه القضية سياسية بامتياز، قبل أن تكون قضية بيئية وصحية وقضائية، وحده رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قادر على أن يضع الأمور في نصابها، ليس في منع إقامة منشأة ملوِّثة فحسب، وإنما في وقف كسارات الموت وهي تنهش ما بقي من جبال وتدمر من بساتين مجاورة، ولا سيما بساتين التفاح.
بلدية عين دارة
وفي جديد المسرحية المهزلة، والضغط من أجل إطلاق العمل في معمل الموت، علق أهالي وبلدية عين داره في بيان أمس الأربعاء، على "أسلوب التهويل والترهيب الذي يعتمده السيد بيار فتوش لتمرير ترخيص معمل الموت المرفوض من اهالي عيندارة والجوار، لآثاره السلبية على البيئة عموما، وصحة الناس خصوصا، من جراء تلويث الهواء والمياه الجوفية، وهو ذاته الأسلوب الفولكلوري في التعاطي مع تطبيق الإجراءات القانونية التي لا تخفى على أحد، وعدم تطبيق المخطط التوجيهي للمقالع والكسارات في ظل هذا الإمعان في الاسلوب المعتمد".
أضاف البيان: "بتاريخ اليوم 6 كانون الأول (ديسمبر) الحالي، حضرت بلدية عين دارة بناء على الموعد المحدد سابقا من قبل لجنة الخبراء المكلفة من قبل مجلس شورى الدولة، لتفاجأ برفض هذه اللجنة تدوين حضورنا بالموعد إلى موقع الكشف، وأصرت على إكمال المهمة من دون تبيان حضور البلدية في محضر الكشف، ما يثبت حضورها قانونيا. مع العلم ان هذه اللجنة خالفت ما تم الاتفاق عليه خطيا بالمحاضر السابقة في ما يتعلق بحضور الفرقاء عملية إظهار الحدود لتتمكن من إنفاذ المهمة بشكل قانوني وسليم".
وإذ استغربت بلدية عين داره "هذا التصرف من قبل اللجنة"، اعتبرت "هذا البيان بمثابة تأكيد على إمتثالنا وحضورنا وفقا للاجراءات المطلوبة، وتطلب من الجهات المعنية التحقيق والتحقق من هذه الواقعة".
عين دارة الآن في معركة الدفاع عن سيادة دولة القانون والمؤسسات، هناك عند تلال وجبال قضمتها الكسارات والمقالع ونهشت أجزاء منها المرامل، سيتحدد مصير لبنان الدولة التي تحترم وتقدس مصالح أبنائها!