"غدي نيوز" -*المهندسة رفاه رومية -
استطاعت السيارات الكهربائية أن تجذب إليها الأنظار، وتصبح محط اهتمام الكثير من العاملين بمجال الطاقة الخضراء بشكل خاص، والمتابعين لكل ما هو جديد في عالم السيارات بشكل عام، فخلال عقد من الزمن بدأت تسلط عليها الأضواء مؤكدة أهميتها وقدرتها على فرض مكانتها في مجال النقل، فبرغم التحديات التي تواجهها ما زالت تحقق تقدما واضحا وبخطوات متسارعة، خصوصا في السنوات القليلة الماضية، مع ازدياد الاهتمام بموضوع التغيرات المناخية وأهمية الحفاظ على البيئة من خلال خفض الانبعاثات الكربونية، فكما نعلم، يعتبر قطاع النقل من أهم القطاعات المسببة لهذه الانبعاثات الخطيرة على صحة الإنسان والنظام البيئي، والسعي نحو تقليل وإزالة الكربون من منظومته والاعتماد على البدائل النظيفة خطوة مهمة وضرورية نحو نقل أخضر مساهم في تطبيق مفهوم الاستدامة البيئية، والتي تحتاج إلى تضافر الجهود العالمية من دول ومنظمات، لأن مشكلة الاحتباس الحراري والتلوث البيئي تخص كل فرد في هذا الكوكب.
لقد سجلت أسواق السيارات الكهربائية منذ العام 2010 مبيعات متزايدة حتى العام 2015، وبالرغم من تجاوز حجم المبيعات 750 ألف سيارة في كافة أنحاء العالم لعام 2016، إلا انه يعد تراجعا في نمو الأسواق لأول مرة بالمقارنة مع الأعوام الماضية، وتعتبر الصين ذات الرصيد الأكبر لعام 2016 بـ 336 ألف متجاوزة الولايات المتحدة الأميركية، وتمركزت 95 بالمئة من هذه المبيعات بالإضافة للدولتين السابقتين واليابان وكندا في ست دول أوروبية ( ألمانيا، بريطانيا، فرنسا، السويد، النرويج وهولندا).
إن هذا التوسع الجيد للسيارات الكهربائية لما يأتِ محض الصدفة، بل كان نتيجة سياسات داعمة ومدروسة اتبعتها العديد من الدول لتستطيع من خلالها تشكيل أرضية قوية لانطلاقة هذه التقنية الخضراء، فكما نعلم لنمو وازدهار أي صناعة جديدة لا بد من جذب الأنظار إليها من قبل المستثمرين وحتى المستهلكين من حيث رفع موثوقيتها وأدائها، بالإضافة لتوفيرها بأسعار معقولة، لذلك تم إعطاء أهمية كبيرة لدعم الأبحاث العلمية في هذا المجال للمساعدة على خفض التكاليف وتحسين الأداء، خصوصا في ما يتعلق بالبطاريات، فمشكلة التخزين هي العائق الأكبر التي تواجه السيارات الكهربائية، وبطء إعادة الشحن، لكن نتيجة العديد من الدراسات والأبحاث المستمرة ساعدت في رفع الكفاءة والأداء.
ومن الأمور المهمة التي لا بد من أخذها بعين الاعتبار أيضا، الاهتمام بمسألة توفير منصات إعادة الشحن بحيث تكون في العديد من المناطق وبمتناول الجميع، فذلك يكبسها الثقة من قبل مقتني هذه السيارات، فقد عزمت الحكومة في الصين على سبيل المثال على بناء 800 ألف محطة شحن خلال عام 2017 من أجل تلبية الطلب المتزايد على اقتناء السيارات الكهربائية.
وهناك تطلعات لزيادة مبيعات السيارات الكهربائية في السنوات القادمة بحيث يصل حجم المبيعات إلى 40-50 مليون سيارة بحلول عام 2030، وأن تصبح السيارات المهيمنة على الأسواق بحلول عام 2040، ولقد اتخذت العديد من الدول ومنها الأوروبية إجراءات عدة للحد من الانبعاثات الكربونية المنطلقة من مركبات ذات محركات الاحتراق الداخلي، من خلال وضع خطط مستقبلية لحظر السيارات التي تعمل على مصادر الطاقة التقليدية، كما تتطلع شركة "تويوتا" بالآونة الأخيرة إلى جعل مركباتها صديقة للبيئة بحلول العام 2040، وذلك من خلال تصنيع المركبات الكهربائية والعاملة على الوقود الهيدروجيني أو حتى السيارات الهجينة.
*ماجستير أنظمة قدرة كهربائية في جامعة "تشرين (سوريا)