"غدي نيوز" – تنوع بيولوجي -
يبقى البطريق واحدا من الكائنات المحببة لدى ملايين الناس حول العالم، في طريقة مشيته، وجمالة، واحتضان صغاره، وهو يواجه مثله سائر الطيور والحيوانات القطبية خطر الانقراض مع تراجع مساحة المسطحات الجليدية الناجم عن ظاهرة الاحتباس الحراري.
لكن إلى جانب جمال البطريق الذي تصدر العديد من العلامات التجارية في العالم، كشف باحثون عن دراسة تفيد بأن روث طيور البحر يمثل مصدراً هاماً للعناصر الغذائية بشكل خاص في القارة القطبية الجنوبية والمحيط الجنوبي. وتعتبر طيور البطريق أكبر مصدر لهذه العناصر الغذائية المفيدة للنباتات، وفق ما ذكر أمس موقع "دويتشه فيله" الألماني.
وتكمن أهمية الدراسة في معرفة أهمية الطيور، ولا سيما البطريق، في تجديد التربة، ما يعني أن تراجع أعدادها يؤثر على مجمل مكونات التنوع الحيوي، في البيئات المختلفة، ولا سيما منها البيئة القطبية.
النيتروجين والفوسفور
فقد ذكر باحثون من بلدان مختلفة أن طيور البحر في مستعمرات احتضان البيض تخرج مع فضلاتها سنوياً نحو 99 مليون كيلوغراما من الفوسفور و591 مليون كيلوغراما من النيتروجين. وأوضح فريق الباحثين الدوليين في دراستهم التي نشرت الثلاثاء 23 كانون الثاني (يناير) الجاري 2018 في مجلة "نيتشر كوميونيكشنز" لأبحاث علوم الطبيعة، أن طيور البطريق هي أكبر مصدر لهذه العناصر الغذائية المفيدة للنباتات. وأشار الباحثون إلى أن هذه العناصر في مجملها سهلة التحلل ويسهل على النباتات - على سبيل المثال - امتصاصها.
وكشفت الدراسة، التي أشرف عليها خوسيه لويس أوتيرو من "جامعة سانتياغو دي كومبوستيلا" في إسبانيا، أن أغلب مستعمرات الطيور البحرية توجد في المناطق القطبية. وأشارت الدراسة إلى أن أكثر من نصف هذه المستعمرات توجد في القارة القطبية الجنوبية وأشباه جزر هذه القارة وحول جزيرة غرينلاند وأرخبيل سفالبارد النرويجي.
واستطاع الباحثون بشكل دقيق معرفة كمية النيتروجين والفوسفور التي تصل البيئة عبر فضلات الطيور على مستوى العالم، حيث قام الباحثون بإحصاء أعداد الطيور البحرية في موسم احتضان البيض ومعرفة عدد فراخها، وذلك باستخدام مصادر بيانات مختلفة. وخلص الباحثون إلى أن عدد هذه الطيور يبلغ على مستوى العالم 804 ملايين طائر تعود لـ320 نوعاً.
مستعمرات الطيور البحرية
وتضم ستة بالمئة من أنواع الطيور البحرية أعداداً كبيرة جداً تبلغ أكثر من عشرة ملايين طائر. من بين هذه الطيور ما يعرف بـ "بريون القطب الجنوبي"، التي حصر الباحثون 50 مليون طائراً منها، والأوك الصغير، التي يبلغ عددها 26 مليون طائر، والأوك القزمي، الذي حصر الباحثون منه 24 مليون طائر.
غير أن الباحثين أكدوا أن الأعداد الكبيرة من الطيور لا تعني تلقائياً وجود كميات كبيرة من العناصر المغذية، وذلك لأن حجم الطائر على سبيل المثال ومدة احتضانه البيض تؤثر على كمية مخلفاته. وباعتبار هذه العوامل، حاول الباحثون بعد ذلك حصر الكمية الإجمالية لفضلات هذه الطيور من النيتروجين والفوسفور خلال العام كله.
وأشار الباحثون - وفقا لوكالة الأنباء الألمانية (د. ب. أ) - إلى أن هذه العناصر الغذائية تغير التركيب الكيميائي للتربة والمياه في الوسط المحيط بمستعمرات تكاثر الطيور ويمكن امتصاصها من النباتات على سبيل المثال.
كما أكدوا أن نسبة تركيز النيتروجين والفوسفور في كل وحدة مساحية في مستعمرات الطيور البحرية تعتبر من أعلى نسب التركيز على مستوى العالم، حيث إن النيتروجين الذي يصل للبيئة عبر روث الطيور يزيد بنحو 500 إلى 1100 مرة عن النيتروجين الذين يصل المساحات الزراعية عبر وسائل التسميد الصناعي.