"غدي نيوز" – أنور عقل ضو -
أقل ما يقال عن رش كيماويات في الغلاف الجوي للأرض لمواجهة الاحتباس الحراري أنها فكرة "خرقاء" لا أكثر ولا أقل، وهي تبدو كمن يستجلب طوعا كارثة مناخية أشد خطرا وفتكا من الاحتباس الحراري عينه، وثمة ضرورة لوقف تدخل الإنسان في ما بات يعرف بـ "هندسة المناخ"، ولينصرف العلماء إلى ما يجعل خيار الطاقات البديلة سبيلا وحيدا للحد من تبعات تغير المناخ، والأرض قادرة على التكيف واستعادة نظمها في ما لو توقفنا عن إطلاق الانبعاثات في غلافها الجوي.
الهندسة الجيولوجية غير مجدية
وفي هذا المجال، أفادت مسودة تقرير للأمم المتحدة تم تسريبها أمس الجمعة، أن فكرة رش كيماويات تخفف من أشعة الشمس في الغلاف الجوي للأرض كوسيلة سريعة لإبطاء الاحتباس الحراري، تواجه عقبات كثيرة لدرجة أنها قد لا تكون قابلة للتطبيق.
وتجري الأمم المتحدة تقييما لفكرة إنشاء مظلة للكوكب تحاكي الطريقة التي يمكن أن تخفف بها ثورة بركانية كبيرة من حرارة الأرض بنشرها غطاء من الركام في الجو، وهذا التقييم جزء من دراسة أوسع نطاقا لتقنيات مناخية أمرت بإجرائها نحو200 دولة مشاركة في اتفاقية باريس للمناخ المبرمة في 2015.
واقترح بعض العلماء رش كيماويات مثل الكبريت في الغلاف الجوي باستخدام طائرات، ولاقت هذه الاقتراحات اهتماما متزايدا منذ توقيع اتفاقية باريس باعتباره حلا رخيصا قد يتكلف ما بين مليار وعشرة مليارات دولارات سنويا.
لكن مثل هذه الهندسة الجيولوجية قد تكون "غير مجدية اقتصاديا واجتماعيا ومؤسسيا"، وذلك وفقا لما ذكرته المسودة التي حصلت عليها "رويترز" وتضم مئات الصفحات التي تتحدث عن مخاطر الجفاف والسيول وموجات الحرارة والعواصف الأشد.
ووضعت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ هذه المسودة المتعلقة بسبل الحد من ارتفاع الحرارة كي لا يتجاوز 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الفترة الصناعية. ومن المقرر نشر المسودة في تشرين الأول (أكتوبر)، وقالت الهيئة إنها قد تتغير كثيرا.
مشكلة إدمان
وتقول المسودة إن هذه التكنولوجيا "ستؤدي إلى (مشكلة إدمان) فبمجرد البدء يصعب التوقف". كما أن التوقف عن استخدم التقنية بعد عدة أعوام قد يؤدي إلى قفزة في درجات الحرارة لأن الغازات المسببة للاحتباس الحراري ستواصل التراكم في الغلاف الجوي.
وقال ديفيد كيث المدير ببرنامج أبحاث الهندسة الجيولوجية الشمسية بجامعة هارفارد، وهو برنامج يعمل على تجربة محدودة لتخفيف أشعة الشمس، إن هناك "تحريما" مضلَّلا لاختبار هذه التكنولوجيا.
وأضاف في رسالة بالبريد الإلكتروني "نحتاج إلى جهود بحثية جادة لفهم مخاطرها وفوائدها المحتملة وبعدها سيكون بمقدورنا أن نكتب تقييما مبنيا على فهم".
لكن الكثير من العلماء متشائمون. وقال مايلز ألين أستاذ علم النظام الجيولوجي بجامعة أوكسفورد والذي شارك في كتابة المسودة "نشره بأمان... سيستغرق عقودا كثيرة".
وتقول المسودة أيضا إن ارتفاع درجات الحرارة قد يتخطى 1.5 درجة مئوية بحلول منتصف القرن ما لم تقم الحكومات بتحركات غير مسبوقة.