"غدي نيوز"
مع عواصف الخريف يلفظ البحر على شواطئ شمال بولندا كنزاً يعود الى أزمنة غابرة وهو العنبر المعروف بـ"ذهب البلطيق" الذي تصنع منه المجوهرات والقطع الفنية المطلوبة جداً.
وفي هذه الفترة من السنة في ميكوسيفو (شرق غدانسك) يكثر "صيادو" العنبر على شواطئ بحر البلطيق الرملية التي تعصف بها رياح شمالية-شرقية حيث تتكدس قطع هذا الصمغ النباتي المتحجر العائد الى 40 مليون سنة.
في هذه المنطقة الواقعة بين بلدة شالوبوفو البولندية وجيب كالينينغراد الروسي، يوجد العنبر منذ العصر الحجري الأخير أي قبل حوالى خمسة آلاف سنة على ما يفيد خبراء.
واليوم مع انتشار مئات المحترفات الفنية المشهورة بابتكاراتها من المجوهرات والقطع الفنية المصوغة بحرفية ومعرض "ابريف" المهني الأهم في العالم ومتحف متخصص فريد من نوعه، باتت غدانسك من دون منازع عاصمة العنبر العالمية. وفي ميكوسيفو يشكل تمشيط الشاطئ بدقة متناهية للعثور على حبيبات "ذهب البلطيق" هذا، تقليداً يعود إلى مئات بل آلاف السنين.
وتم العثور في الماضي على قطع كبيرة من العنبر الخالص بحجم كرة قدم. أكبر هذه القطع وصل وزنها الى 75،9 كيلوغرامات وهي موجودة في برلين. وثمة طلب خصوصاً على القطع التي تحوي بداخلها أجزاء حشرات.
ويعود أصل العنبر إلى غابات الصنوبر التي كانت تغطي ما يعرف الآن بمنطقة اسكندينافيا. وكان الصمغ الذي يرشح عن جذوع الأشجار يتحجر عبر القرون ويجرفه البحر.
وفي بولندا يقدر مخزون العنبر بحوالي 650 ألف طن وهو من الأكبر في العالم إلا أن الكثير منها يقع على عمق كبير ويصعب استغلاله. أما مناجم كالينينغراند الأقل عمقاً فهي توفر مصدراً وافراً للحرفيين البولنديين.
وثمة إقبال كبير على الأساور والعقود وغيرها من الحلي المشغولة من هذه المادة التي تعود إلى فترة ما قبل التاريخ. بعضها يحوي على فقاعات هواء من العصر الحجري الأخير. أما البعض الآخر فيأخذ شكل العسل أو قطرات شراب أشجار القيقب. أما تلك التي تكون بلون "الأزرق-الأخضر" فهي الأكثر ندرة والأغلى ثمناً.