"غدي نيوز" - أنور عقل ضو -
تبدو الملصقات واللافتات الإنتخاية أشبه ما تكون بحملات ترويجية لمنتج ما، حتى لنشعر وكأننا في سوق تجاري، كل ينادي فيه على بضاعته، مع فارق بسيط، وهو أن التاجر الحقيقي لديه سلعة ملموسة لها قيمة مادية للمشتري، أما جلّ المرشحين فيبيعوننا وعودا لا تصرف في "بورصة المواقف"، وهذا حالنا منذ سنوات طوال!
"تجار المواقف" يحاولون اليوم ترويج "بضائع" لا يملكونها، كالشفافية، والمساءلة والمحاسبة، ضمان الشيخوخة، الاستقرار الاقتصادي، الرفاه الاجتماعي، الضمان الصحي... الخ، وعود اعتدنا سماعها في مواسم انتخابية، ولما تزل تستحضر مشهدا فولكلوريا يقارب الابتذال، أو يكونه أحيانا عندما ينادي نائب مرشح بقيم لا يملكها، وهو لم يتوان يوما عن ممارسة كل ألوان الفساد.
أما زعماء الطوائف فينتقون الأزلام وحملة الحقائب وكتبة التقارير، وهؤلاء طيِّعون، مجرد أرقام لا طعم ولا لون، تماثيل مبرمجة لصالح ولي الأمر، يسكتون عن شتيمة صاغرين، فيكف يبعوننا ما لا يملكون من قيم وكرامة وأنفة وكبرياء؟!
وثمة بين المرشحين من يشترون النيابة بمالغ طائلة فيحظون بنعمة أن يستقلوا حافلة حماة الطوائف والمذاهب، وهذه تجارة رائجة تدر الملايين على من أمسكوا بزمام قيادة مجموعة تتاجر بالدين استغلالا يعيدنا إلى زمن العصبيات القاتلة.
تجارة وأصوات دلالين وسماسرة، ونحن "الشعب العنيد" لا نملك إلا أن نردد مع الرحابنة "طلع المنادي ينادي... ما فيهاش إفادة... القطعان بوادي... والرعيان بوادي"!
أما البيئة فمآلها الدمار، لأن من يديرون الدولة، وسيديرونها ليسوا سوى "تجار شعارات ومواقف"، فهذه انتخابات سنشهد فيها التجديد لمن استباحوا جمال لبنان ومعالمه، ونهبوا أمواله، وقوضوا دعائمه.