"غدي نيوز" – أنور عقل ضو -
وزراء ونواب مرشحون للانتخابات النيابية ينتقدون غياب الدولة طيلة السنوات الماضية، ويكيلون لها التهم، وقاحة ما بعدها وقاحة، ونسيوا أو تناسوا أنهم جزء من منظومة الفساد، ولم نسمع لهم صوتا يوم مُررت صفقة ردم البحر لصالح المطامر الشاطئية في الكوستابرافا وبرج حمود والجديدة، ولم يرف لهم جفن فيما الكسارات تنهش الجبال، وما تزال، ولم يبالوا بصحة الناس ولا بقاضاياهم الاجتماعية.
سلطة فاسدة تسعى لاستنساخ ذاتها لا أكثر ولا أقل، زعماء الطوائف شكلوا اللوائح من الأتباع وحَمَلة الحقائب وكتبة التقارير، ومن يصغِّرون أكتافهم كسبا لعطف المتسيد القابض على أمور الطائفة.
لا شيء تغير، من يدفع أكثر تنفتح أمامه الطرق المؤدية إلى البرلمان، فيدعم اللائحة ويمول حملتها الانتخابية، ومن يطأطىء رأسه خانعا ذليلا، فهذا غب الطلب، لأن المطلوب أرقام في معادلة الصراع على موارد الدولة، لا نواب يناقشون ويعترضون.
سلطة ستقضي على ما بقي من طبيعة لبنان وجماله، ولن تتوانى عن الإمعان في "قتل" المواطنين بالتلوث والأمراض، وستساهم أكثر فأكثر في زيادة الدين العام، والنهب سيستمر والصفقات لن تتوقف.
في مقابل هذه الكوميديا السوداء، نجد أن ثمة من قرروا خوض المعركة في مواجهة لوائح السلطة، وبعضهم يمثل بارقة أمل، وإن كانت حظوظ وصولهم إلى الندوة النيابية شبه معدومة، ذلك أن الخروقات بين اللوائح ستتركز على نحو كبير بين لوائح السلطة ذاها.
كل ذلك يشي من الآن أن لا سبيل ممكنا لتغيير واقع الحال، لكن ما يعزز الأمل أن كثيرين تخطوا حاجز الخوف، وترشحوا في وجه ذئاب السلطة والمتغولين ممن وضعوا اليد على مقدرات الدولة، وهذا يعني أن التغيير قادم، وإن كان ما يزال بعيدا، وكل ما نتمناه أن تكون الانتخابات محطة في مسار طويل، سيفضي لزاما إلى هدم نظام لم يجلب للبنان إلا الحروب والكوارث والويلات، ولو بعد حين.