"غدي نيوز" -* فادي غانم -
في تأكيد فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أمس أن "من يؤجج المشاعر الطائفية والعصبيات يتلاعب باستقرار الوطن"، يتبدى الوجه القاتم للانتخابات النيابية، وقد استحضرت الغرائز بدلا من صياغة خطاب سياسي هادىء وعقلاني، على قاعدة التنافس لصالح برامج انتخابية ومشاريع وتوجهات ترسخ الاستقرار السياسي والأمني، وتمهد السبيل لحالة من الرخاء والازدهار، ذلك أن الناخبين يبحثون عن فرص عمل، لا عن شعارات جوفاء وخطاب متهور.
ما يؤسف فعلا، أن يتراشق المرشحون، معظم المرشحين، بلغة تعضد العصب الطائفي والمذهبي، وهذا إن دل على شيء، فعلى عدم قدرة مرشحي أحزاب السلطة على ما يبرر ترشحهم لمرة ثانية وثالثة، لا بل نراهم يكيلون التهم للدولة على تقاعسها وغيابها، وكأنهم قادمون من كوكب آخر، وليسوا جزءا من منظومة الفساد في الدولة، وبالتالي يتحملون تبعات سائر المشكلات التي نواجهها.
في مقاربة هادئة للمشهد الانتخابي، نجد أن الخطاب السياسي انحدر إلى مستوى يذكرنا بخطاب الحرب الأهلية، وهنا مكمن الخطر الذي حذر منه رئيس البلاد، والمشكلة أن من لا يملكون رؤية لبناء دولة عصرية، لا يجدون إلا الخطاب الطائفي والمذهبي سبيلا لتعزيز حظوظهم في الوصول إلى الندوة النيابية، وللأسف هذا "السلاح" على خطورته ما زال قادرا على حشد الأتباع والمناصرين، وهو يدل على خواء من يستخدمونه، ولا يقيمون اعتبارا للمخاطر المترتبة على لغة غرائزية تؤكد أن الوطن بكل مكوناته في خطر وليس طائفة بعينها.
ليس ثمة ما يبشر بأننا مقبلون على مرحلة جديدة تعيد لنا الأمل ببناء دولة القانون والمؤسسات، لا دويلات الطوائف والمذاهب، وللأسف لا نعول على أي من المرشحين باستثناء قلة لن يكون في مقدورها إحداث التغيير المطلوب.
في هذا السياق جاء تحذير الرئيس عون من أن "الشحن الطائفي هو اول خطوة على طريق الفتنة"، ليصوب مسار الاستحقاق وإبقائه ضمن أطره الديموقراطية، عسى أن يتعظ المرشحون، وإن كنا نعلم أن المفلسين لا يملكون إلا اللغة الغرائزية لتحقيق طموحاتهم ولو على حساب البلد وأمنه واستقراره.
*الحاكم السابق لجمعية أندية الليونز الدولية ورئيس "جمعية غدي"