"غدي نيوز" – سوزان أبو سعيد ضو -   

       لا تقتصر الجرائم البيئية التي تطاول الحياة البرية على لبنان فحسب، وإنما تطاول محيطنا المتوسطي الأوروبي، ولا سيما إيطاليا واليونان وقبرص، فضلا عن الدول العربية المجاورة، وإن كان لبنان يمثل حتى الآن، ورغم القوانين الجديدة، الحلقة الأكثر فضائحية في مقارنة مع تلك الدول.

وفي هذا المجال، أرسل بعض الناشطين لموقعنا ghadinews.net من صور وفيديوهات توثق مثل هذه الممارسات الجائرة في المملكة الأردنية الهاشمية ، وهذا ما يؤكد على ضرورة التوعية لجهة الصيد وأنواع الطرائد ومعاقبة الفاعلين أينما وجدوا، للحفاظ على التنوع الحيوي، خصوصا وأن الطرائد المعروضة جلها من الأنواع المهددة بدرجات متفاوتة بالانقراض، وفقا لـ IUCN.

تفاخر وتباهٍ!

في التفاصيل، أرسل ناشطون صورا لصياد يتباهى مع زملاء له ليس بصيد طيور بأعداد كبيرة فحسب، بل بقنص طيور ممنوع صيدها مثل: الترغّل، الشْقُّرُق والحَجَل، وعرضوها على صفحاتهم الخاصة على موقع "فيسبوك" وهو ما دفعنا كـ "جمعية غدي" وموقع ghadinews.net لمتابعة الموضوع والتواصل مع المعنيين في الأردن الشقيق، والجمعيات العالمية التي تتخذ الأردن مقرا لها، للتدخل لمنع تكرار هذا الأمر، ومعاقبة الفاعلين.

       وما يبعث على الأسى فعلا، صيد طائر أزرق جميل للغاية، وقد ظهر "صياد" في إحدى الصور يحمله مع ثلاثة طيور أخرى تشبه اليمام.

جرادي: خطر انقراض الأنواع

وتواصلنا مع الخبير في الطيور Ornithologist البروفسور غسان جرادي لمعرفة أنواع هذه الطيور، وإن كانت ثمة مخالفة للقوانين والأنظمة الدولية حول صيد هذه الأنواع، فقال بدايةً: "يظهر في إحدى الصور طائر الشْقُّرُق وهو طائر جميل للغاية، يتميز باللون الأزرق، وكان بين 2005 حتى 2008 شبه مهدد، إلا أنه لم يعد مهددا الآن، اسمه العلمي Coracias garrulus أو بالإنجليزية European Roller، وهو من الطيور النادرة في الشرق الأوسط المميزة بالألوان الزاهية، لكنه من الحيوانات المفيدة جدا للمزارعين ويتغذى على الآفات الزراعية  والحشرات السامة وخصوصا العقارب والأم أربع وأربعين، إلا أنه من الممكن ونتيجة لضغط الصيد الجائر، لا سيما خلال فصل الربيع أن يعود وضعه قريبا إلى المهدد Near Threatened أو باختصار NT".

وأضاف: "أما الطيور الثلاثة الأخرى فاسمها العلمي turtur Streptopelia، وبالإنكليزية Turtle Dove وهو نوع من أنواع الترغّل، أو طائر الغّل (الغلة) وهو يتغذى على الحبوب، خصوصا تلك التي تحتوي حشرات، أي الحبوب غير الصالحة، لأنه يحتاج للبروتين الموجود في هذه الحشرات، ويتناول الحبوب السليمة ولكن بكميات قليلة، ولكن نظرا لتوزع المزارع في أوروبا وآسيا واستعمالها الجائر للمبيدات والأدوية والمزارع غير البيولوجية فقد أثرت عليه فضلا عن الصيد الجائر، وأصبح وضع الطائر (هش) Vulnerable، أي مهددا بالإنقراض، وهذا ما اكتشفناه في العام 2015، وقد شاركنا باجتماعات دولية لحمايته ومناقشة وضعه بهدف المحافظة على أعداده القليلة المتبقية، ولا زال مهددا".

عمل إجرامي

ولفت جرادي إلى أنه: "في لبنان في شهر نيسان (أبريل) من العام 2017، أخذنا قرارا بسحبه من قائمة الطيور الطرائد في قانون الصيد الجديد، فالصيادون يحبون صيد هذا النوع بالذات، وجاء ذلك نظرا لكونه مهدد بالإنقراض على مستوى العالم ولبنان والدول العربية، علما بأنه طائر مهاجر ولكنه يعشش في لبنان، لا سيما في سلسلة الجبال الشرقية"، وأشار إلى أن "هذا العمل يعتبر إجراميا، لأن هذا الشخص يقوم بصيدها في موسم تفريخها، وقد يكون لديها صغارا في العش، فضلا عن مضاعفة خطر انقراض هذا النوع".

دراسة حديثة

       تاليا تواصلنا مع خبراء من الأردن، وقد تم تزويدنا بدراسة هامة بعنوان "واقع الصيد الجائر في المملكة: استخدام وسائل التواصل الإجتماعي لتقييم الآثار على الحياة البرية" Illegal hunting in Jordan: using social media to assess impacts on wildlife، وتمحورت حول واقع الصيد الجائر في الأردن والقوانين التي تحكم الصيد، وتوثيق هذه الصور على مواقع التواصل الإجتماعي، وفي مقدمة الدراسة أكد الباحثان إيهاب عيد ونضال حنضل، أنه "في الفترة بين كانون الأول (ديسمبر) 2015 وكانون الأول (ديسمير) 2016 وثقت الجمعية سبع مجموعات صيد على موقع (فيسبوك) اصطادت 4707 حيوانا ينتمون الى 59 نوعا، وأكثرها من الطيور ومن هذه الأمثلة فقد تجاوزت الحصة اليومية 3000 بالمئة من طائر الحجل Alectoris chukar، فضلا عن أنواع تتمتع بحماية خاصة في القانون الأردني ، ومنها صيد الثدييات الكبيرة، خصوصا الوعل النوبي ibex واسمه العلمي Capra nubiana، والغزلان التي تعتبر أعدادها قليلة للغاية".

       وبينت الدراسة أن قانون الصيد الأردني يتبع ثلاثة قوانين: قانون وزارة الزراعة رقم 13 للعام 2015، قانون سلطة إقليم العقبة رقم 32 للعام 2000، وقانون حماية البيئة رقم 1 للعام 2003، هذه القوانين لديها مجموعة واسعة من البنود لحماية الحيوانات البرية ، بما في ذلك لوائح الصيد، ولضمان التعاون بين المنظمات غير الحكومية والوكالات الحكومية، وتكليف مسؤوليات تنفيذ القوانين وتوزيع الأموال المتاحة بين الوكالات، وهناك مقالات عدة تعرف مستوى العقوبات على انتهاكات هذه القوانين، واستناداً إلى ملاحق تفصيلية في اللائحة رقم34 للعام 2003 من قانون وزارة الزراعة، فإن صيد الأنواع في الملحق الأول يعاقب عليه بالسجن لمدة 4 أشهر وغرامة ألف دينار أردني، أما صيد الأنواع في الملحق الثاني فيعاقب عليه بالسجن لمدة 3 أشهر وغرامة ألف دينار أيضا، أما من الملحق الثالث فالسجن لشهر وغرامة 100 دينار، أما عن وضع "الترغّل" في الأردن فهو ضعيف Vulnerable، ولكن لم يظهر اسمه في أي من الملاحق الثلاثة.

إلا أن المصدر الذي تواصل معنا أكد لنا أن المحكمة لا تأخذ بالصور والفيديوهات كقرائن لمعاقبة الفاعلين.

وقد تواصلنا مع منظمة Birdlife في الأردن، ووعدناها بتزويدها بكافة المعلومات والصور.

ومن جهتنا في "جمعية غدي"، وموقع ghadinews.net نأمل اعتبار هذا المقال والصور والفيديو وصفحة الصياد (ف. ر.) ومحتوياتها، بمثابة إخبار للجمعيات والجهات المعنية الأردنية في هذا المجال، والقيام بما يتطلبه القانون لمعاقبة كل من يظهره التحقيق مشاركا في هذه الجرائم الموصوفة بحق الطبيعة وكائناتها الفريدة.

روابط الفيديو:

https://www.facebook.com/rabba0/videos/1005253626310209/

https://www.facebook.com/rabba0/videos/1007208562781382/