بحث

الأكثر قراءةً

اخر الاخبار

اكتشاف الثقب الأسود "الأكثر شراهة" على الإطلاق

"بقع خضراء" غامضة على سطح المريخ!

كيف يصوت رواد الفضاء في الانتخابات الأميركية؟

السعودية.. اكتشاف قرية من العصر البرونزي في "واحة خيبر"

اللبنانيون يواجهون خطر الاختناق القاتل… عن القصف الإسرائيلي والهواء الملوث الذي نستنشقه

روبرت فيسك يتحدث عن المقالع والكسارات... و"إخصاء لبنان"!

wowslider.com by WOWSlider.com v8.6

Monday, June 11, 2018

روبرت فيسك يتحدث عن المقالع والكسارات... و"إخصاء لبنان"!

خاص "غدي نيوز" – سوزان أبو سعيد ضو -

 

       كتب الصحافي البريطاني روبرت فيسك، مقالة لصحيفة "الإندبندنت" البريطانية تحت عنوان "جبال لبنان تمحى من الخارطة، ولكن هل من يهتم؟" وجاء سؤال الكاتب والصحافي المخضرم والذي غطى أخبار الشرق الأوسط منذ العام 1976، لعدة وكالات، ولكنه ومنذ العام 1989 يكتب في "الإندبندنت" وقد زار مناطق عدة من لبنان.

وقال فيسك: "نادرا ما تخون الصحافي الكلمات، ولكن كيف يمكنك وصف تدمير جبالا بأكملها واقتلاع عشرات الآلاف من أشجار الصنوبر، وهذا ما غيرت المنظر الطبيعي أكثر من ثلاثة آلاف مقلع حجارة، والتي مزقت جغرافيا لبنان وحولت أرضه المباركة والقديمة إلى خارطة جديدة عنوانها مذبحة الجبال؟"، وأضاف "هل هذه قصة جيدة بما فيه الكفاية لرواية يمكن أن تصدم العالم إذا حدثت في أوروبا أو أميركا؟ أسميها (إخصاء لبنان) فثمارها أصبحت الأتربة  والصخور المنهارة والبحيرات الملوثة".

 

الحكومة المذهبية والأنانية

 

       وتابع "تم تمزيق ونهب قمم جبال بأكملها - ملايين الأطنان من الرمال والصخور - بواسطة الحفارات والجرافات لتوفير الخرسانة لشقق بيروت الشاهقة الرائعة والفيلات في ضواحيها والفنادق الساحلية اللبنانية المتوسطية، والملام هو الجشع والفساد والفقر والحكومة المذهبية والأنانية المسؤولة عن ذلك، وحتى الآن، في الوقت الذي تتصارع فيه الأحزاب الطائفية اللبنانية للحصول على مقاعد في مجلس وزراء جديد، فإن أمتهم ممزقة جسديا، كل ما عليهم فعله هو تمرير قانون - مجرد تشريع واحد - لوقف هذه الفوضى".

ويقتبس فيسك نصا لجبران خليل جبران "إن لبنان الخاص بك هو عقدة سياسية، ومعضلة وطنية، ومكان للصراع والخداع"، هذا ما كتبه الشاعر الأكثر شهرة في البلاد، خليل جبران، بيأس لبلاده قبل مئة عام تقريبا، أما "بلدي لبنان فهو مكان للجمال والوديان الساحرة والجبال الرائعة... لبنان بلدك فارغ، في حين أن لبنان سيبقى إلى الأبد"، ويعلق فيسك بأنه "ليس هذا الأمر صحيحا بعد الآن".

ويعطي فيسك أمثلة بعد لقائه عددا من الأشخاص من كافة المناطق اللبنانية، منهم الياس سعادة من ميروبا، والذي وقف على هوة من الصخور بارتفاع 500 قدم، كانت قبلا تحتضن العديد من التلال والمنحدرات الطبيعية وينابيع المياه، جرفتها رافعات عملاقة وقواطع حجرية، وعلى لسان سعادة وهو يقول ساخرا "لا يوجد مبنى في بيروت الجديدة ليس فيها جزء من ميروبا في جدرانها وأساساتها. فهم يسمون أرضنا رمالنا هنا (رمالا ذهبية) وهي أفضل ما يمكنك شراؤه لبناء مجمعات سكنية، وهو بأغلى الأسعار. لكن هذا جنون، فقد تم قطع أكثر من 120،000 من أشجار الصنوبر. كان لدينا ثلاثين عين ماء - ولكن اليوم لم يتبق لدينا سوى اثنين، وهما ملوثان".ويتابع فيسك أنه وسعادة ينظران إلى ما تبقى من جبال كانا يعرفانها لعقود ولكنها لم تعد موجودة، وأصبحت مقفرة.

 

أنقذوا ميروبا

 

ويروي فيسك أن سعادة و10 من أصدقائه أسسوا مجموعة "أنقذوا ميروبا" Mayrouba Save وجدوا أن 16 شركة تقوم بأعمال الحفر واستخراج الرمول والصخور من 20 بالمئة من أراضي ميروبا، ولفت سعادة إلى أن هذه الشركات لم تشتر الأرض بل استأجرت الأرض من الحكومة لاستصلاحها، وحصلوا على مساعدة من الحكومات السابقة، من وزراء البيئة والداخلية والصناعة ومن السلطة المحلية، وأن الآباء والأجداد حاولوا قبلنا إيقاف هذا، ولكن لم يكن لديهم وسائل التواصل الاجتماعي، وان المجموعة استحصلت على أمر محكمة لوقف المقالع ولكن بعد خمسة أيام عادت الشاحنات وسهلت الشرطة المحلية الأمر.

ويعلق سعادة أيضا "هؤلاء الأشخاص غير متعلمين، ولكنهم يجنون 5 آلاف دولار يوميا، لقد جعل هذا هؤلاء الأشخاص أغنياء، لكنهم ظلوا غير متعلمين، ولم يتعلموا يوما كيف يحبون الأرض، ولا الوطن، ولا البيئة أو الحياة البرية، وها نحن نسير نحو التصحر!".

ويتابع فيسك "قصة سعادة، هي قصة شجاعة ونصر سياسي، ونجحوا بإيقاف خمسمئة شاحنة تمزق أراضي وجبال ميروبا ليلا ونهارا. وتتكرر القصة وفقا لـ فيسك في بلدة ترشيش حيث تتم إزالة قمة جبل أمام عينيه، وقيل له أن الصخور والتراب يؤخذ لمشاريع حكومية، ولكنه كتحر يتابع إحدى الشاحنات لتصل إلى مؤسسة في بيروت تبيع هذه المواد لبناء الشقق والمنازل.

ويصف فيسك مشهدا من ترشيش يطل على وادي البقاع، حيث تم قضم الجبال، والشاحنات تابعت نقل الرمل والصخور، ولقائه بمدير الموقع الأب شاربل حايك التابع للكنيسة المارونية التي تملك معظم الأراضي في لبنان، ورحب به، وأطلعه على خارطة على هاتفه، عن كيفية استصلاح الأرض بزراعتها بالعنب، لتصنيع نبيذ "أديار" المشهور، ولكن يبدو أنه من المستبعد زرع أشجار العنب. عبّر حايك للكاتب عن استيائه العام، من عمليات الحفر، ودله على بيت ناسك تمت المحافظة عليه وأن الرمال والحجارة يتم استخراجهما من الجبال واستخدامهما في مشاريع المطار في بيروت والمشاريع الحكومية.

 

هناك مافيا كبيرة

 

وعاد فيسك ليتبع شاحنة أخرى، سارت لفترة ثلاث ساعات لتصل إلى الشمال، يقودها نازح سوري، ولتصب حملها في مؤسسة للبناء عمرها يتجاوز 55 عاما، وكان المالك رمزي اسطفان وفقا لفيسك "مضيافا ولطيفا كحايك"، وأكد له "أن الرمول والصخور تمزج بالإسمنت لبناء البيوت"، وقال أنه "يبيع الرمال، وأن ربحه قليل".

وعاد فيسك لمتابعة تحقيقه بزيارة دير أنطونيوس في بيت شباب التابع للكنيسة المارونية، وقال: "كان الكاهن الذي يجب أن أتحدث معه عن ترشيش غير موجود، لكن قيل لي أني قد أقوم بزيارة فريدريك كاكيا Frederic Cacchia، صانع النبيذ الفرنسي في الدير، على بعد عدة أميال"، وأضاف "كان Cacchia ، البالغ من العمر 44 عاما من مرسيليا متزوجا من لبنانية، وقدم آخر منتجات نبيذ "أديار"، وأكد لي أنه لم يكن لديه أي سيطرة على المقالع، ولكن عندما سألته ما إذا كانت الحفريات الضخمة في ترشيش يمكن حقا أن تتحول إلى كروم مزروعة بالعنب، أجاب بأنه لا يعتقد ذلك، وعدت لزيارة الأب المسؤول عن ترشيش Badih El Hajj، وهو محاضر في جامعة الروح القدس - الكسليك، مؤكدا أن ما يحدث كارثي، وعاد للقاء الأب المسؤول مارون عودة الذي أكد له أنه مسؤول عن قسم من الأراضي وليس قمة الجبل وأن المسؤول هو الأب مارون شدياق، وقال الراهب لفيسك إنه منع "بيع الرمال من المنطقة التي كان مسيطرا عليها، حوالي 500 متر مربع"، لكنه وافق مع فيسك أن "هناك البعض داخل الكنيسة ليس لديهم مشكلة في بيع الرمال والصخور"، وقال: "في منطقة ترشيش، أنا أسيطر، أريد أن أخرج المياه المعدنية من الرمال، وليس الرمال نفسها، وأنا ضد سياسة بيع الرمال... قال لي رئيس الوزراء قبل سنتين أنه يجب علينا ألا نبيع الرمال. ولكن ربما سيأتي رئيس آخر بعد سنتين أو ثلاث سنوات ويبيع الرمال. لا استطيع ضمان هذا"، أما في ميروبا فكانت هناك مشكلة كبيرة لأن أرض الكنيسة كانت مملوكة لمجموعة أخرى.

وأكد شدياق أن "هناك حوالي 40 بالمئة من الأراضي اللبنانية مملوكة للكنيسة، وفي الكنيسة توجد العديد من الممتلكات للعائلات - التي لا يمكنهم بيعها ولكن لا يمكننا أن نديرها. إذا ذهبت إلى ترشيش الآن ستشاهد أرضاً بمساحة 10000 متر مربع، وقد تعتقد أن الكنيسة ستحصل على مليون دولار، لكن الكنيسة ستحصل على 10،000 دولار، 20000 دولار فقط. لكن الآخرين سيأخذون معظم هذا المبلغ".

وقال فيسك أن لديه انطباع أن شدياق لديه نقاشات كبيرة مع زملائه "أتساءل عن هذا الأمر في بعض الأيام، ومتى ستنتهي؟، لكن هناك مافيا كبيرة".

 

لبنان الطائفي

 

واسأله عن "المافيا"، ويصبح الأب مارون غامضا للغاية، ويقول "ربما يأتي بعض المحامين إلى الأسقف بأوراق، ويوقع عليها، لكن لا أحد يعلم ما سيحدث بعد ذلك. لا يمكنك العمل مع هذا الملف لأنه كبير جدا جدا".

ويتعجب فيسك أنه "بشكل لا يصدق، لم ينل  تدمير جبال لبنان سوى القليل من الاهتمام من قبل الصحافة المحلية ولا في الخارج. يبدو أن آخر مقالة مطبوعة عن البيئة اللبنانية في وسائل الإعلام الدولية هي قصة في صحيفة أميركية العام الماضي عن براز الكلاب في بيروت.

لكن صحيفة "لوريان لو جور" الصادرة باللغة الفرنسية من بيروت كتبت بشجاعة في آذار (مارس) وكشفت في تحليل وتفاصيل دقيقة عن الأضرار الفادحة التي لحقت بجبال لبنان.

فقد كتبت الصحافية سوزان بعقليني عن كيف غضت الحكومة بصرها عن ملاك المحاجر الذين هم "أساتذة سابقين في فنون الالتفاف على القانون"، وكيف تم تمرير قانون عام 2007 بشأن استغلال الحجارة من قبل الحكومة ولكن لم يتم تقديمه إلى البرلمان، وكيف تم تأخير تشريع آخر بشكل غير متوقع في عام 2012 واختفت كل هذه التشريعات عندما استقالت حكومة بيروت في العام التالي.

وخلصت بعقليني إلى أنه يبدو أن "الضغوط كانت تمارس في الظل للحفاظ على تشريع المحاجر والمقالع في في الحكومة".

وختم فيسك أن "الجميع، المحاجر، الكهنة، القرويون يشتركون في شيء واحد: إدانتهم للحكومة، والرجل الوحيد القادر على منع استباحة بلاده هو رئيس الوزراء الجديد المعين سعد الحريري، نجل رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري الذي اغتيل عام 2005، إلا أن النائب السابق في لائحة المستقبل التابعة للرئيس سعد الحريري في البرلمان، مصطفى علوش، ذكّرني كيف أنه عندما حاول رفيق الحريري فرض تراخيص المحاجر، ادعى المسيحيون أنه كان يحاول كسر السلطة المسيحية".

وأضاف علوش: "هذا لبنان الطائفي بالنسبة لك. ولكن إذا استطاع نجل رفيق، وهو سني، بالطبع، أن ينفذ القوانين لوقف تدمير بلاده، فإنه سيصبح أحد رؤساء وزراء لبنان العظماء"، وخلص فيسك إلى أنه "بحلول ذلك الوقت، بالطبع، قد يكون الأوان قد فات".

الجميع ، المحاجر ، الكهنة ، القرويون يشتركون في شيء واحد مشترك: إدانتهم للحكومة. والرجل الوحيد القادر على تغييراستباحة بلاده هو رئيس الوزراء الجديد المعين سعد الحريري ، نجل رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري الذي اغتيل عام 2005.

 

 

 

 

اخترنا لكم

قرّاء غدي نيوز يتصفّحون الآن