خاص "غدي نيوز" – سوزان أبو سعيد ضو -
من لا يحترم قوانين الطبيعة ولا يراعي حرمة كائناتها، أنّـــى له أن يدرك قيمة ومعنى الحياة، بتنوعها ونظمها، وأن الإنسان هو نفسه جزء منها، وأن ثمة علاقة تكافلية بينه وبين الكائنات التي تعيش بين ظهرانيه، فأجدادنا على سبيل المثال كانون يقتنون أفاعٍ سوداء في بساتينهم ويوفرون لها الطعام، وهي غير سامة خلافا لما يعتقد كثيرون، وكانت تربطهم بها علاقة مودة، فلا تجزع منهم ولا يتوجسون خيفة منها، وقد أدرك أجدادنا قبل مئات السنين أن الأفعى السوداء هي العدو الأول للقوارض، ولا سيما منها الجرذان والفئران التي كانت تخرب رزعهم، فكانت الأفعى حامية تعبهم ورزقهم.
لكن دائما ثمة استثناءات، فإلى التعديات المستمرة التي تطاول هذه الزواحف، دهسا بالسيارات وقتلا متعمدا، نجد أن مواطنين يتسمون بقدر كبير من المسؤولية، يساهمون في تعزيز الوعي حيالها، وقد نشروا قبل نحو يومين فيديو يوثق تزواج اثنين من الأفاعي السوداء، خصوصا وأننا لا نزال أسرى موروثات قديمة لا تمت إلى العلم والحقيقة بصلة.
صادق
الأستاذ المحاضر في الجامعة الأميركية قسم البيولوجيا المختص في الزواحف الدكتور رياض صادق، قال لـ ghadinews.net: "إسم هذه الأفعى العلمي هو Dolichophis jugularis ومعروفة محليا باسم (الحنش الاسود)، وهي بالفعل اطول افعى في لبنان، وقد يبلغ طولها 3 امتار وقد يتخطى ذلك".
وأضاف: "هذا الحنش موجود في معظم مناطق لبنان وليس ساما، ويمتد موسم تزاوجه من نيسان (أبريل) الى حزيران (يونيو)، وهذا الفيديو لتزاوج هذه الأفعى في هذا الوقت المتأخر وقد يكون بسبب البرودة والأمطار والطقس غير العادي هذه السنة"، لافتا إلى أن "هذا النوع يتكاثر بالبيوض التي تفقس في الفترة بين آب (أغسطس) وأيلول (سبتمبر)، ومثل كل الأفاعي غير السامة، فهو مضطهد من الناس من منطلق الاعتقاد الخاطىء بأنه سام علما أن 90 بالمئة من الأفاعي في لبنان غير سامة ولا تؤذي الناس".
وقال: "هذا النوع ليس غير مؤذٍ فحسب، بل انه مفيد من خلال افتراس آفات مثل القوارض وخصوصا في المناطق الزراعية حيث يحافظ عليه المزارعون الواعون المثقفون ويقتله للأسف البعض من الجاهلين لمنافعه".
وختم صادق: "دائما اقول ان اكبر عدو للبيئة هو الجهل، والعداء للبيئة هو في النهاية عداء للذات".