"غدي نيوز"

الفورة الاقتصادية التي تشهدها منغوليا بفضل استغلال الثروات الكامنة في باطن أرضها، تترافق مع تلوث هائل يريد البعض الآن محاربته بفضل قوة الرياح التي تعصف بسهولها الشاسعة.
اولان باتور هي ثاني أكثر مدينة ملوثة في العالم على ما تفيد منظمة الصحة العالمية، والسبب في ذلك عائد خصوصا الى انبعاثات محطات توليد الكهرباء والفحم الذي يشعله السكان خلال الشتاء عندما تتدنى الحرارة الى اقل من ثلاثين درجة مئوية تحت الصفر.
في سالخيت (الجبل العاصف باللغة المنغولية) على بعد 70 كيلومترا جنوب غرب العاصمة تنتصب 10 اعمدة مربعة تشكل مرحلة اولى من مزرعة بقدرة 50 ميغاوات مؤلفة من 31 برجا لتوليد الكهرباء من الطاقة الهوائية. ويرى مروجو المشروع في ذلك بداية لتحويل منغوليا الى مصادر الطاقة النظيفة.
ويبدو المشروع غريبا بعض الشيء في بلد يقدر مخزونه من المعادن بأكثر من ألف مليار دولار غالبيته من الفحم الحجري.
الا ان الهواء القوي الذي يعصف بالسهول المنغولية يمكن ان يوفر طاقة غير محدودة تتماشى مع الثقافة المحلية، ففي القرن الثاني عشر كان مقاتلو جنكيز خان يعبدون "السماء الزرقاء السرمدية".
ويقول بايانجرغال بيامباسايخان رئيس مجلس ادارة شركة "نيوكوم" للاستثمار التي تدعم ماليا المشروع "لدينا تقليد قديم جدا يقوم على احترام البيئة في منغوليا".
وما ان توضع هذه الابراج في الخدمة فإنها ستولد بمفردها 5 بالمئة من حاجات البلاد البالغ عدد سكانها ثلاثة ملايين نسمة، من الكهرباء. وثمة مشاريع توسيع تضاعف من قدرة الانتاج باتت جاهزة.
الا ان بيامباسايخان يواجه تشكيكا من مواطنيه. ويقول متذكرا "عندما انطلقنا بالمشروع قبل ثماني سنوات اعتبر كثيرون اننا مغفلون".
ويتابع قائلا: "منغوليا معروفة في العالم بأسره بالثروات المخزنة في باطن الارض: الفحم والنحاس والحديد".
فلم الاستثمار اذن في الطاقة الهوائية عندما تزخر البلاد بالفحم؟ ويقول المستثمر المدافع عن البيئة ان "منغوليا تمتلك افضل الموارد على صعيد الهواء في العالم".
وسيكون سكان اولان باتور البالغ عددهم مليون نسمة اول المستفيدين من مزرعة سالخيت التي ستسمح بخفض الطلب على الفحم في العاصمة، بحوالي 175 ألف طن سنويا.
وخلال الشتاء تتكدس غيوم رمادية كثيفة هي مزيج من الدخان والضباب لمدة أيام في غالب الأحيان، في سماء المدينة الواقعة في واد ضيق. ويتجاوز التلوث عندها خمس الى ست مرات المعايير المتساهلة نوعا ما لمنظمة الصحة العالمية.
وتتسبب بهذا التلوث ثلاث محطات لتوليد الكهرباء تعمل على الفحم، فضلا عن الاطارات والنفايات والفحم الذي يشعله مباشرة للتدفئة سكان الاحياء الفقيرة المؤلفة من خيم اللباد التقليدية.