خاص "غدي نيوز" – سوزان أبو سعيد ضو
أشاع "تحالف النفط" المكون من الولايات المتحدة الأميركية وروسيا والسعودية والكويت حالة من الفوضى والإرباك سادت أجواء اللجنة الحكومية الدولية حول تغير المناخ ، لرفضهم الصياغة في تقريرها النهائي، ولا سيما ما يتعلق بضرورة الحفاظ على ارتفاع درجة حرارة الأرض أقل من 1.5 درجة مئوية، ما كان موضع انتقاد من قبل العديد من دول العالم في مواجهة هذا "التحالف" بالإضافة إلى علماء المناخ.
وذكرت صحيفة "الغارديان" يوم الأحد، أن القضية نشأت حول ما إذا كان مؤتمر الأمم المتحدة حول تغير المناخ، والمنعقد حاليا في كاتوفيتشي في بولندا، يجب أن "يرحب" أو "يلحظ" تقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ Intergovernmental Panel on Climate Change حول الحد من الاحترار العالمي إلى حدود 1.5 درجة مئوية، لتجنب حدوث كارثة مناخية شاملة، وبالمقابل، فإن تحالف النفط يدفع باتجاه مفردة "يلحظ" رافضا "يرحب"، وليس ذلك فحسب، بل ويسعى أساسا لتقويض نتائج التقرير، وقد تم التكليف بإعداده بمؤتمر المناخ في العام 2015 وتم إصداره في تشرين الأول (أكتوبر).
تقويض عمل المؤتمر
وذكرت صحيفة الغارديان The Guardian أن ساعتين ونصف الساعة من الجدل حول الصياغة لم تؤد في النهاية إلى أي نتيجة، ما تسبب في تأجيل إقرار الصياغة النهائية مع وصول وزراء الدول للمشاركة في لقاء رفيع المستوى خلال الأيام القادمة، ما أثار مخاوف بين العلماء من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي لم يكتفِ بالإنسحاب من محادثات المناخ فحسب، وإنما يتطلع إلى تقويض عمل المؤتمر إلى جانب ائتلاف من ينكرون حقيقة تغير المناخ.
وقبل شهرين، تبنى ممثلون من حكومات العالم الموافقة على تقرير 1.5C (درجة ونصف مئوية) من قبل الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، والمكلفة بتوضيح العواقب الوخيمة في حال تجاوز مستوى الاحترار هذا وكيفية تجنبه.
وكان التوصل إلى إجماع عالمي عملية شاقة، شملت آلاف العلماء الذين يفتشون عبر سنوات من الأبحاث، والدبلوماسيون الذين يعملون بشكل متواصل لضمان أن تكون الصيغة مقبولة لكافة الدول.
ولكن عندما تم تقديم التقرير إلى اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ يوم السبت، فإن حلفاء النفط الأربعة - مع المملكة العربية السعودية الأكثر عندا - رفض كلمة "ترحيب" بالدراسة، وبدلا من ذلك، قالوا إنه ينبغي "الإشارة" إلى الأمر فقط، الأمر الذي سيجعل من الأسهل على الحكومات تجاهلها، ولم يتم تمرير الاقتراح بعد نتيجة عدم وجود توافق في الآراء.
نتيجة لذلك، كان ثمة صدع في المحادثات يصعب ترميمه خلال الأيام الخمسة القادمة، وخلال الجلسة العامة، تحدث الاتحاد الأوروبي، وهو كتلة من أقل البلدان نمواً البالغ عددها 47 بلداً، فضلاً عن الدول الأفريقية واللاتينية وأميركا الجنوبية، لصالح التقرير. واستنكر العديد من الدول التحالف الرباعي الذي يحاول التمييع والتنكر لأهمية هذا التقرير.
تهميش الدراسة
وأشارت رويانا هاينز Rueanna Haynes، مندوبة سانت كيتس ونيفيس Saint Kitts and Nevis أمام الجلسة العامة إلى أنه من "المضحك" عدم الترحيب بتقرير أصدرته الدول الأعضاء في الأمم المتحدة قبل عامين، وإجراء محادثات حاسمة حول كلمتين.
وقالت لصحيفة الغارديان: "من المحبط للغاية أننا لا نستطيع أن نأخذ في الاعتبار النتائج التي توصل إليها التقرير: نحن نتحدث عن مستقبل العالم، يبدو كأنه مبالغة عندما أقول ذلك، ولكن هذا هو مدى جديته"، وأضافت: "أود أن أقول إنه يجب حل هذه المشكلة، ويتجه الأمر الى إطالة أمد النقاشات، وسيتوقف نجاح مؤتمر الأطراف على هذا الأمر بالإضافة إلى قضايا أخرى".
وكان العلماء غاضبين أيضا، وقال ألدن ماير Alden Meyer، مدير الاستراتيجية والسياسة Director of Strategy and Policy في اتحاد العلماء المعنيين Union of Concerned Scientists: "إنه أمر مثير للقلق، لطالما كان للمملكة العربية السعودية سلوك سيئ في محادثات المناخ، ولكن يمكن أن يتم نقضها عندما تكون وحدها أو مع الكويت فقط، إن انضمام الولايات المتحدة وروسيا إليهما الآن أكثر خطورة".
وقال: "إن التحول في موقف الولايات المتحدة سيكون محرجاً بالنسبة للبلد إذا استمر"، مستطردا: "دونالد ترامب هو في مقدمة مُنكري تغير المناخ، فهو يهتم شخصيا بمعارضة العلماء"، وخلص إلى أن "العلم لن يختفي، لا يمكن تجاهل قوانين الديناميكا الحرارية Laws of thermodynamics".
وقال نشطاء المناخ ان الحكومات الاربع التي أشاعت الفوضى، تحكمها مصالح الوقود الاحفوري وكانت تحاول تهميش الدراسة.
"معارك" محتملة
وقالت ماي بويفي May Boeve، المدير التنفيذي لمجموعة الناشطين 350.org: "إن التجاهل المتعمد لهذا التقرير الدولية سيكون عملاً غير مسؤول بشكل كامل، وتقف منظمة 350.org مع بقية العالم في إدانة منكري المناخ هؤلاء، ومصالح الوقود الأحفوري المكتسبة وراءهم".
ولدى وزراء الدول المشاركة خمسة أيام فقط لوضع كتاب قواعد لاتفاقية باريس، والبطاقة المرجحة Wild card هي دور الدولة المضيفة ، أي بولندا - وهي أكثر الدول اعتماداً على الفحم في أوروبا - التي ستترأس الأسبوع الأخير من الاجتماع.
وقال الباحث بيل هير Bill Hare، المدير الإداري لشركة Climate Analytics: "إن التحدي الكبير الآن هو أن تتخلى الرئاسة البولندية عن هوسها بالفحم، وأن تخرج من الطريق وتسمح بالاعتراف الكامل بتقرير هيئة IPCC المتعلق بـخفض الاحترار المناخي العالمي دون 1.5درجة مئوية، وانعكاساته على زيادة طموح كافة البلدان، وذلك في ختام COP24 في وقت لاحق من هذا الأسبوع".
وبالإضافة إلى قبول التقرير، تختمر معارك عدة محتملة، فيما يتعلق بقواعد الشفافية للإبلاغ عن الانبعاثات، والمقترحات للجهات الغنية ذات الانبعاثات العالية لتقديم الدعم المالي للدول الفقيرة التي تكافح من أجل التكيف مع تغير المناخ .
المصادر: The Guardian gizmodo ghadinews