"غدي نيوز"
إذا كان سهل البقاع مخزن غلال لبنان ومنبع الخير، يمد اللبنانيين بالحبوب والخضر والفاكهة، وإذا كان نهر الليطاني أحد أهم الموارد المائية بالنسبة لقطاع الزراعة بقاعا، فهذا يعني أن أكثر من 50 بالمئة من اللبنانيين يتناولون مع غذائهم الملوثات على أنواعها، ولا سيما تلك التي تحملها الخضار على نحو خاص، وهي ملوثة في حدود معينة ملوثة بالبكتيريا البرازية E. coli، فضلا عن ملوثات كيميائية أكثر خطورة، وبطريقة أو بأخرى تصل هذه الملوثات إلى موائد اللبنانيين، من كل الطوائف والمذاهب والإثنيات، فإذا عجزت السياسة عن توحيد اللبنانيين فلماذا لا يتوحدون في معركة مواجهة الفساد ورفع التلوث عن الليطاني وتاليا عن مختلف الأنهر والسواقي والمسطحات المائية؟
ما شهدناه في الأيام الماضية خطير ولا يمكن التغاضي عنه، مع محاولات بدا خلالها أن هناك من يحاول "تطييف" قضية التلوث، وهذا ما تنبهت إليه سائر القوى السياسية، فرفعت اليد عن الملوِّثين، ما يعني المزيد من الإجراءات والتدابير بحق من يستبيحون النهر، وهذا ما تأكد اليوم مع ما أكدته "المصلحة الوطنية لنهر الليطاني" من أن نتائج المسح مستمرة، وأظهرت حتى الآن، وجود عدد كبير من المؤسسات الملوثة، والتي تشكل اضافة الى تلويثها للنهر منافسة غير مشروعة للمؤسسات المرخصة، ويشكل وضعها حالة شاذة في حوض نهر الليطاني، فلا تخضع لأي رقابة ولا تلتزم أي مواصفات في الالتزام البيئي والإداري.
ولن تتوانى المصلحة حيال ذلك اتخاذ صفة الادعاء الشخصي على تلك المؤسسات بعد ايداع نتائج المسح، علما ان تلك المؤسسات مشمولة بالاخبار المقدم الى النيابة العامة"، علما ان وزارة البيئة باشرت متابعة المؤسسات غير المرخصة، تمهيدا لاتخاذ الاجراءات الادارية في حقها.
بهذه الروحية لا نستعيد الليطاني فحسب، وإنما نستعيد ثروتنا المائية الضائعة والمستباحة، هدرا وتلويثا، وبهذه الروحية أيضا نواجه أبعد من قضية الأنهر في لبنان، نواجه الفساد في كل مرافق ومؤسسات الدولة، ونترك للقضاء هامشا أكبر يتيح له العمل للتصويب والمحاسبة، دون تدخلات وإملاءات، وبذلك تنطلق عجلة الدولة، وتكون بداية لمواجهة الهدر والفساد.
المعركة طويلة ولن تكون سهلة، ويبقى الكثير للقيام به، وما قضية الليطاني إلا مقدمة وبداية، هي قبل أي شيء آخر قضية لبنان في مواجهة الفساد أولا وأخيرا!