خاص "غدي نيوز": سوزان أبو سعيد ضو
لم ننس بعد المجزرة التي طاولت الكلاب الشاردة في منطقة الغبيري وتناقلها ناشطون لبنانيون وحول العالم، وكيف تم تسميمها من قبل عمال في البلدية، لنفاجأ اليوم بمجزرة ليس أقل إيلاما في بلدة سوق الغرب – قضاء عاليه وجوارها، والصور المرفقة ليست بحاجة إلى توصيف، فما حدث يرقى إلى مجزرة، وثقتها كاميرا أحد الناشطين، وبدت فيها جثث كلاب وقطط نافقة جراء تسميمها بمادة "اللانيت"، وانتشرت هذه الجثث في البلدة، ووفقا لناشطين، فإن هذه المجزرة تتم بصورة دورية، حيث يتم جمع الجثث في الصباح الباكر ورميها في مناطق مجهولة، متهمين البلدية بهذا الأمر، بالمقابل نفت البلدية مسؤوليتها، وعزت الفعل لتسميم يقوم به أشخاص مجهولون.
عمليات تسميم أخرى
وأشارت معلومات على مواقع التواصل الاجتماعي إلى أن مجزرة كبيرة طاولت كلابا شاردة في محلة البداوي شمالا، وقد تناقلها الناشطون، مناشدين المعنيين ومنهم وزارات الداخلية ممثلة بالوزيرة ريا الحسن، والزراعة بالوزير حسن اللقيس والبيئة بالوزير فادي جريصاتي وقوى الأمن الداخلي ومحافظ الشمال القاضي رمزي نهرا، لإجراء المقتضى ومعاقبة الفاعلين.
وتطاول عمليات التسميم التي يقوم بها أفراد مجهولون، ليس الحيوانات الشاردة فحسب، بل قد نفق عدد من الحيوانات الأليفة الخاصة بأشخاص، وهناك دعاوى عديدة قدمها ناشطون لدى الجهات المختصة، مطالبين بتنفيذ عقوبات بحق من يروج ويدس هذا السم القاتل (اللانيت) وهو ممنوع من الأسواق، ويجري تهريبه وتسويقه بصورة غير قانونية.
ناشطون
ونقلا عن صفحة الناشطة Rita Merhy عرضت فيها لصور ومعلومات وفيديو من ناشطين على الأرض، وكتبت الناشطة في هذا المجال غنى نحفاوي بلطه جي Ghina Nahfawi Baltahji على صفحتها الخاصة على موقع التواصل الإجتماعي "فيسبوك": "تم صباحا فضح مجزرة تسميم كلاب من قِبل خفافيش الظلام ببلدة سوق الغرب! واتضح ان المجازر بدأت من فترة، بيقتلوهم بالليل وبيخفوا الجثث فجرا حتى ما حدا يشوف! اليوم، ولحتى الحق يظهر، تم تصوير جثث الشرفاء اللي تم تسميمهم بلقمتهم! وبما انه بلدية سوق الغرب مش منفذة المادة ١٢ من قانون الرفق بالحيوان، فهي التي تتحمل مباشرة مسؤولية قتل هالارواح ومخالفة قانون الرفق بالحيوان وتسهيل استخدام مادة اللانيت المحظورة عالميا، التي تشكل خطرا على الصحة العامة، وبالتالي تعريض الاطفال بسوق الغرب لخطر الموت بالسم! هيدا كلو برسم وزراء الزراعة والبيئة والداخلية الجدد اللي تم اعلامهم بهالمجزرة عبر حساباتهم على تويتر، وهالصور الموجعة هي ايضا برسم القوى الأمنية! يُشار الى انو الجراوي (الجراء) بالفيديو بعدهم على قيد الحياة (قُتلت الام) ويجب انقاذ من تبقّى قبل فوات الاوان"، وأضافت: "شهود عيان شافوا الآلية اللي تابعة للبلدية، عمتبرم حتى تلملم الجثث لإخفاء الجريمة، بس ما استرجوا بوجود الناشطين على الارض!" وخلصت إلى أن "بلدية سوق الغرب هي رسميا بلدية مجرمة وقاتلة!".
نحفاوي
وقالت نحفاوي لـ "غدي نيوز": "حان الوقت للبلديات أن تتحمل مسؤولياتها، فحيوانات الشوارع جزء منها، فهذه الحيوانات تحمي المنطقة ومحيطها من الحيوانات الدخيلة التي قد تحمل أمراضا، وقد تكون شرسة وتهاجم المواطنين، بينما المتواجدة اعتادت على الأهالي ومتآلفة معهم، وعلى البلديات وضمن القانون الذي يفرض تنفيذ المادة 12 من قانون الرفق بالحيوانات، وتوفر وزارة الزراعة اللقاحات الضرورية وبأسعار رمزية وأحيانا مجانا، ولا يبقى على البلدية سوى عمليات التعقيم والإخصاء للحيوانات الشاردة حتى لا تتكاثر".
وأكدت نحفاوي تخوفها "من أن يطاول التسميم جراء موجودة بفيديو، تم تسميم والدتها من قبل"، كما أشارت إلى "ما تشكله مادة اللانيت من خطر على الأطفال والتربة والمياه الجوفية، وضرورة ليس منعها من قبل السلطات فحسب، بل التحقيق وملاحقة كل من يستعملها، كما في هذه الحالة"، وقد أوصلت نحفاوي على موقع التواصل الإجتماعي "تويتر" هذه القضية إلى المعنيين في وزارات الداخلية الوزيرة ريا الحسن، والزراعة الوزير حسن اللقيس والبيئة فادي جريصاتي وقوى الأمن الداخلي، ووعدت نحفاوي بمتابعة الأمر وإيصاله للمحافل الدولية إن اقتضى الأمر لفضح هذه الممارسات.
المادة 12
وتنص المادة 12 من قانون الرفق بالحيوانات الذي وقع عليه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أواخر العام 2017، والمتعلقة بالحيوانات الشاردة على: مع مراعاة أحكام هذا القانون، تضع وزارة الزراعة التوجهات العامة للتعامل مع الحيوانات الشاردة، بما في ذلك الوسائل المقبولة لتحديد النسل وللقبض عليها ومراقبة داء الكلب ووجوب امهال أصحابها مدة زمنية معقولة لاستعادتها ومعايير الإيواء واجراءات مكافحة الأمراض، تضع البلديات خطة للتعامل مع الحيوانات الشاردة بناء على توجهات وزارة الزراعة وتعمل على تنفيذها سواء مباشرة أو بالتعاقد مع أحدى الجهات المنصوص عليها في المادة 23 أدناه (تختص المادة 23 بحق إنشاء مراكز الإنقاذ).
بزال
وفي لقاء سابق مع رئيس مصلحة الصحة الحيوانية في وزارة الزراعة الدكتور باسل بزال، أكد لـ ghadinews.net أن "الكلاب الشاردة تحمي المجتمعات الموجودة فيها، إذ أنه من المعروف أن الحيوانات الشاردة في نطاق معين، تكوّن مجموعة مترابطة، فلا تسمح بدخول حيوانات أخرى إلى نطاقها الحيوي، فهذا هو القانون البيئي، شئنا أو أبينا، ومن كافة أنواع الحيوانات المتواجدة في هذه المنطقة البيئية، أو ما يسمى نظام بيئي Ecosystem، لذا للمحافظة على بيئتنا فعلينا المحافظة الحيوانات الموجودة"، وأعطى مثلا: "إزالة عدد من الكلاب من منطقة معينة كما حصل في منطقة الغبيري يسمح بأن تأتي حيوانات من مناطق أخرى لتحل مكانها ما قد يؤثر سلبا لناحية الأمراض، أو شراسة بعضها وغير ذلك من المشاكل".
وأشار بزال إلى ضرورة القيام بعملية TNR للتقليل من تكاثر حيوانات الشوارع، وهي مختصر لـ Trap أي القبض على هذه الحيوانات ثم التعقيم Neuterوتعرف علميا (تعقيم Sterilization أو خصي للذكور Castration، وهي عملية فعالة للحد من أعدادها وتجرى مرة واحدة فقط) وعلىRelease أي إطلاقها إلى البرية، وفي هذا المجال لحظ أن "خصي الذكر أسهل وأقل كلفة، ولكن علميا، فالأفضل والمتبع عادة هو تعقيم الإنثى، فعندما تطلب الأنثى التزاوج، وفي حال تعقيم الذكور فقد تنتقل من منطقتها إلى منطقة أخرى، لتتكاثر وتعود لتنجب في منطقتها، وعملية تعقيم الإناث فعالة وتحد من التكاثر، بينما الذكور تحافظ على منطقتها وتبقى فيها، وتمنع دخول ذكور أخرى، وبهذا نحد من تكاثر الحيوانات الضالة".
بلدية سوق الغرب
وانتقد رئيس بلدية سوق الغرب جورج الياس صليبي المبالغة التي اتبعها الناشطون في تصوير هذه الحادثة، وقال لـ ghadinews.net: "الأمر اقتصر على حالة كلب نافق واحد، واتجه عمال من البلدية لأخذه ودفنه، وقام الناشطون بتهويل الأمر، وأن معظم الصور مشتبه بصحتها، وأؤكد أن البلدية لم تعط أي أمر بتسميم الكلاب أو قتلها، على الرغم من وجود أكثر من 100 كلب في منطقة سوق الغرب"، وأشار إلى اقتنائه 13 هرة في منزله، فهو محب للحيوانات، ولكن "البلدية تعاني من قلة المصادر والمدخول خصوصا مع أزمة اللاجئين وتلبية مطالب وحاجات المواطنين والبلدية الأخرى، ولا يمكنها أن تتحمل نفقات إضافية، خصوصا مع مشكلة النفايات وغيرها، كما أن المواطنين اشتكوا من هذه الكلاب كثيرا، وخصوصا وأنها تهاجم السكان ليلا، وتبحث البلدية عن حلول ناجعة".
وفي هذا المجال، علمت مصادرنا أن تحقيقا يجري مع أعضاء في البلدية، لمعرفة الفاعلين ومن أعطى الأمر بالتسميم، ولا زال التحقيق جاريا.
ختاما، ومن موقعنا ghadinews.net، و"جمعية غدي" نضع المقال والصور والفيديو المرفق برسم المعنيين مع مناشدتهم متابعة هذا الملف وبصورة شاملة للنواحي الإنسانية والقانونية والمجتمعية، وبمقاربة موضوعية لموضوع حيوانات الشوارع، فالحلول موجودة، والمطلوب من البلديات التنبه إلى فائدة وجود هذه الحيوانات، وبالوقت عينه المحافظة على أعدادها بنسب معينة بالطرق الإنسانية والمتبعة عالميا، وتحت إشراف وزارة الزراعة، وذلك بالتقليل من تكاثرها، وليس عن طريق تسميمها كما نشهد في كثير من البلديات بعلم الناشطين ودون علمهم.