خاص "غدي نيوز" – سوزان أبو سعيد ضو
التقى حوالي 250 ناشطا في الفترة الممتدة بين الأول والخامس من نيسان (أبريل) في أسبوع الغابات المتوسطي السادس، في فندق غراند هيلز في برمانا، والذي ينظمه لبنان، ممثلا بوزارة الزراعة، ومنظمة الأمم المتحدة للأغذية (الفاو).
ويجمع المؤتمر الخبراء والمعنيين بالغابات من جانبي البحر الأبيض المتوسط كل عامين، وفي نسخته الحالية كان محور المؤتمر البحث في ظاهرة التغير المناخي وتأثيرها على الغابات، وفي المقابل دور هذه الغابات الهام والمحوري في التقاط ثاني أوكسيد الكربون بشكل طبيعي للحد من تأثيراات التغير المناخي، فضلا عن تبادل معلومات وخبرات محدثة ودراسات متعلقة بغابات حوض البحر المتوسط.
مهنا: دور الغابات المتوسطية
وفي هذا السياق التقينا بمدير التنمية الريفية والموارد الطبيعية في وزارة الزراعة شادي مهنا، وقال لـ "غدي نيوز": "هذا المؤتمر يعقد كل سنتين وهو من تنظيم وزارة الزراعة وقطاع الغابات، وهو ضمن مديرية التنمية الريفية والموارد الطبيعية، ومنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو)، وهناك أكثر من 30 دولة مشاركة، وبين 200 و250 مشاركا منهم 130 و150 مشاركا أجنبيا وحوالي 80 لبنانيا، وهو النسخة السادسة للأسبوع المتوسطي للغابات، وبعد النسخ السابقة في تركيا، فرنسا، الجزائر، المغرب ونسخته الحالية في لبنان".
وعن أهمية انعقاد هذا المؤتمر في لبنان، أشار مهنا إلى أنه "منذ خمس سنوات أحاول أن أدفع نحو انعقاد هذا المؤتمر في لبنان، والأصداء إيجابية حتى الآن من المشاركين لجهة التنظيم والعمل والمحتوى العلمي للمؤتمر"، أما عن الهدف الأساسي من عقده، فقال: "الهدف الإضاءة على دور الغابات المتوسطية في مكافحة التغيرات المناخية، ومساعدة المجموعات البشرية على التأقلم مع هذه التغيرات، فدائما في المناقشات العلمية العالمية، حول التغير المناخي ، يفكر الجميع في الغابات الكبيرة كغابات الأمازون والكونغو باعتبارهما رئة العالم، وهو أمر صحيح، ولكن علينا ألا ننسى أن للغابات المتوسطية دورا هاما للغاية في مكافحة وتخفيض أثر التغير المناخي ولعدة أسباب أولها أن منطقة حوض المتوسط هي من المناطق الأكثر عرضة للتغيرات المناخية، فهناك 60 بالمئة من أراضينا معرضة للتصحر، والأمر طارئ لجهة الأخذ بالإعتبار التغيرات المناخية".
وتابع مهنا: "ومن خطط لبنان لمكافحة التغيرات المناخية، التحريج وزيادة رقعة الغابات ومن هنا انطلقنا بالبرنامج الوطني للتحريج سنة 2012 وبحلول العام 2030، في برنامج غرس 40 مليون شجرة ، لترتفع نسبة مساحات الغابات من 13 إلى 20 بالمئة، وفي مؤتمرات مثل المؤتمر الحالي، يحصل الكثير من تبادل الخبرات بين الدول، خصوصا لجهة المشاكل التي نتعرض لها، وإمكانية الإستفادة من تجارب الدول الأخرى، والعكس صحيح، بهدف كسب الوقت، وإحدى الأمثلة هي مشكلة الحشرات بالغابات، خصوصا في مجال غابات الصنوبر المثمر، والآفات التي تضربها، لذا برأيي فانعقاد مثل هذا المؤتمر في لبنان، برعاية وحضور معالي وزير الزراعة الدكتور حسن اللقيس، يظهر اهتمام الدولة اللبنانية بقطاع الغابات، وتحقيقا لتعهدات لبنان لأهداف التنمية المستدامة".
متري: الغابات حزام أمان
من جهته، قال مدير برنامج الأراضي والموارد الطبيعية في جامعة البلمند، الدكتور جورج متري لـ "غدي نيوز": يلقي هذا المؤتمر الضوء على الغابات المتوسطية في ظل التغيرات المناخية التي نشهدها، وهي تغيرات من الممكن أن تؤثر على الغطاء الحرجي في حوض المتوسط، وفي ذات الوقت يرتد هذا الأمر سلبا على المجتمعات المحلية التي تستفيد من هذا القطاع، وعلى العالم لجهة الأحداث المتطرفة مثل الحرائق والفيضانات وغيرها، خصوصا مع تدهور الغطاء الحرجي، وأنظر شخصيا للغابات بمثابة حزام أمان، وبحالة الإدارة الجيدة والمتكاملة لهذا القطاع، يمكننا الوقاية من الحوادث التي يمكن أن تحدث في المستقبل بسبب تغير المناخ، ولتجنب مشاكل أكبر بكثير لولا هذه المناعة التي تشكلها الغابات المتوسطية".
وعن مساهمته في المؤتمر، قال متري: "مساهمتي هي لناحية الإضاءة على تقييم التدهور الذي يطاول الأراضي الزراعية والعشبية خصوصا تلك التي تشكل مراع، والأحراج وغيرها، ومداخلتي كانت في ضمن هذا الإطار، فتدهور الغابات يحصل لعدة أسباب خصوصا نتيجة الحرائق التي تزداد حدتها وتتوسع مساحاتها وقوتها، وذلك لأن فترة الجفاف أصبحت أطول، كما أن الحرائق تؤدي لتدهور في التربة بصورة لا يمكنها التجدد، لأن وتيرة الحرائق تزداد، فالنباتات ليس لديها القدرة على التجدد مرة أخرى، كما أن التمدد العمراني والآفات التي تصيب الغابات بسبب الجفاف والتغيرات المناخية، وهذه جميعا يجب معالجتها بإدارة متكاملة لكافة الأمور المتعلقة بالغابات"
وتابع متري: "من هنا أهمية هذا المؤتمر بمشاركة الخبرات المكتسبة المختلفة، والتحديات المختلفة وكيف تعاملت البلدان معها، والحلول المتخذة، وتعلم الأخطاء ما يشكل تدخلا بصورة أسرع، والتأقلم مع طرق التدخل، بشكل يناسب طبيعة الغابات لدينا".
وعند سؤالنا هل هناك أمل بتعافي الغابات، أجاب: "هناك أمل إن بدأنا بتحديث القوانين وتطبيقها، ويمكن أن يكون لدينا أفضل القوانين ولكن إن لم يتم تنفيذها على الأرض، راوحنا مكاننا، وخصوصا لجهة قانون الغابات الذي أصبح قديما ويحتاج لتحديث، فضلا عن خلق محفزات للناس، بأنهم يمكنهم الإستفادة من الغابات أفضل إن استطاعوا حمايتها وبصورة أفضل، ليتمكنوا من صيانة الغابة والمحافظة عليها لأنها سترتد إيجابيا عليهم بطريقة مباشرة وغير مباشرة".
صفير: قنبلة موقوتة
مسؤولة شبكة التواصل الغابوية في شرق المتوسط والشرق الأدنى Forest communicators network for the Mediterranean region and Near East باتريسيا صفير قالت بدورها لـ "غدي نيوز": هذا المؤتمر نتيجة جهد سنوات بهدف انعقاده في لبنان، وجمع مجموعة من الخبراء للتناقش حول التحديات التي تطاول الغابات المتوسطية، وتضم الشبكة مجموعة من الخبراء والإعلاميين وأشخاص لديهم خبرات ويعملون للمحافظة على الغابات ليتحدثوا عنها في هذا المجال، وأي شخص يمكنه الإنضمام سواء لديه الخبرات أو يرغب بالحصول عليها أو نشرها، وتحتوي الشبكة حاليا حوالي 100 مشاركا، ونغطي 13 دولة، وهذا المؤتمر فرصة للقاء خبراء من حوالي 30 دولة، وليس من الدول المتوسطية فحسب بل من دول أخرى مثل أفريقيا الجنوبية وجنوب شرق آسيا للمشاركة في خبراتهم واكتساب المزيد من المعلومات عن الغابات المتوسطية، والتواصل أصبح أسهل وهنا الأهمية لهذا االمؤتمر.
وأضافت: "ينعقد المؤتمر هذا العام تحت مظلة التغير المناخي واتفاقية باريس للمناخ، لمناقشة تأثير وفعالية مقررات هذا المؤتمر على غابات الدول المختلفة، والمساهمات المحددة وطنيا Nationally Determined Contributions (NDCs)، وإذا تابعنا أجندة هذا المؤتمر فهي تتمحور حول التغير المناخي وعلاقته بالتنوع البيولوجي Biodiversity والمراقبة Monitoring، التقارير والإبلاغ عن التجاوزات والملاحظات Reporting، إنجازات Achievements لكل دولة، وغيرها من المواضيع، وبالنسبة لي شخصيا، التحدث عن خبرات الأشخاص الذين يعيشون على مقربة أو ضمن هذه الغابات وتطويرهم للمحافظة على هذا المورد الإقتصادي، وهذا كله يتمحور حول موضوع التواصل Communication، فليس مهما العمل العلمي من تجارب وأبحاث وغيرها فحسب، بل المطلوب أن تصل هذه المعلومات للجميع وبأسلوب مبسط بغض النظر عن خبراتهم ودرجة ثقافتهم ومستواهم العلمي ليستفيدوا منها".
وتابعت صفير: "يأتي دورنا في تنظيم هذا المؤتمر في عملية التواصل فضلا عن التشديد على التوعية ليس في مجال الغابات وأهميتها فحسب، بل أن نتواصل في كافة المجالات وليس عندما تحصل أمور سليية وكوارث كالحرائق وغيرها من التحديات التي تطاول الغابات، لكن في الجانب الإيجابي وهذا ما نهدف إليه في نهاية هذا الأسبوع، والتوصل إلى بيان من أربع نقاط هامة منها المراقبة وتنسيق الخبرات واستعمالها في التقارير المتكاملة للتوصل إلى المساهمات المحددة وطنيا لكل دولة، ولا سيما التشديد على موضوع التواصل بين جميع الأشخاص المتأثرين بالغابات من علماء وباحثين وأشخاص عاديين يعتاشون من الغابات".
أما عن التحديات، فأشارت صفير أن "أحدها هو مثلا موضوع تغير المناخ قد لا يفهمه الجميع ولكن يلمسه البعض في كل يوم وفي عمله وفي كافة مجالات حياته، وبصورة سلبية، فقد يلمسه في الزراعة، إذ أن الزراعات ذات المحاصيل، أصبحت تبدأ بأوقات أبكر، وقد نفقد بعض التنوع البيولوجي في الغابات مثل الفطر وغيرها من المنتجات الطبيعية عدا الخشب والحطب".
وبالنسبة للبنان أشارت صفير إلى أنه "كنا محظوظين هذه السنة في لبنان بالهطولات من ثلج وأمطار، ولكن بالمقارنة مع السنوات السابقة كانت قليلة، خصوصا لجهة استمرارها، وبالتالي فكلنا نتفق أن معدل الحرارة عالميا قد ارتفع درجتين مئويتين، والتحدي هنا وضمن مقررات مؤتمر باريس المحافظة على هذا الإرتفاع في درجات الحرارة وألا يرتفع أكثر، وعلى جميع الأشخاص، أن يعرفوا ما يجب عليهم القيام به للحد من ارتفاع درجات الحرارة، وهذا مثال آخر على دور التواصل في نقل هذه المعلومات العلمية لكل شخص ليمكن تطبيقه عمليا على الأرض".
وختمت صفير: "لذا علينا المحافظة على الغابات بإدارة متكاملة، لجهة قطع الأشجار جمع النباتات المفيدة والطبية ، فقطع الأشجار ضمن معايير معينة قد يفيد الغابة، خصوصا لجهة التوقيت والعدد والأنواع والأماكن المعينة، فضلا عن تنظيم الرعي، وعلى الرغم مما واجهناه في لبنان وفي دول أخرى، خصوصا بالنسبة للقرارات القاسية بما يخص الغابات، فواقع الغابات في لبنان مثل القنبلة الموقوتة، لا سيما بما يخص الحرائق، ومن هنا التشديد على الإدارة المتكاملة ومسؤولية كل شخص، والإنتباه إلى استدامة هذه الموارد الغابوية والمحافظة عليها".