خاص – "غدي نيوز"
لحظة تفقس بيوض السلاحف البحرية وتزحف الصغار متثاقلة على شاطئ رملي وجهتها الأزرق اللامتناهي يتسامى الجمال، ولحظة تلاقي تلك الكائنات الصغيرة الرائعة الموج لأول مرة، يلثمها البحر بحنو أم، يغدو الموج حضنا، فلا يعود ثمة قيمة للتعب، أو يغدو تعبا موسوما بالحب، مرسوما بشغاف القلوب، ولا مناص من أن يدمع الإنسان فرحا، وكم من عيون ذرفت من فرح وحبور، يوم سارت سلاحف البحر على شاطئ منطقة رأس العين في محمية صور الطبيعية، وكانت باكورة موسم وبداية حياة.
بهذا الشعور استقبل الدكتور علي بدر الدين المتخصص في الأحياء الصخرية "سلاحفه الصغير"، أطلقها بفائض الحب إلى بحر صور، ليؤكد أن ما يحمي الطبيعة هو الإرادة المصقولة بالوعي والعلم وبالمحبة أيضا، وليؤكد أن التنوع الحيوي هو جزء من نظم إيكولوجية نعيش بين ظهرانيها، نتأثر بها وتؤثر بنا، وأي اختلال يرتد سلبا على الإنسان، وما أبدعته الطبيعة ممنوع أن نتطاول عليه، فقط الحب هو المدى المطلوب كي لا نفقد بعضا من غنى لبنان وثروته الحقيقية، أي البيئة بكل أقانيمها، هواء وتربة وماء.
بدر الدين
وفي هذا السياق، أشار بدر الدين لـ "غدي نيوز" إلى أن إطلاق اللاحف الصغير، جاء في سياق "مشروع ينفذه مركز النشاطات الإقليمية للمناطق المحمية الخاصة في المتوسط SPA/RAC (سباراك) ووزارة البيئة اللبنانية وبمساعدة المحميّتين، محميّة صور الشاطئية في الجنوب ومحميّة جزر النخيل في الشمال".
وقال: "لقد بدأنا ومنذ أوّل شهر أيّار (مايو) بالمراقبة على طول الشاطىء الجنوبيّ والشماليّ، فبدأنا بمراقبة السلحفاة وكيف تخرج الى الشاطىء لتبيض ومن ثمّ مراقبة العشّ وحمايته من الموج، من العقارب ومن الإنسان".
وأضاف بدر الدين: "في الإجمال يفقس البيض في غضون 55 يوما والـ 60 يوما، بعدها نقوم بمراقبة عمليّة التفقيس".
يجب حمايتها
وأردف: "نهار الجمعة في السادس والعشرين من شهر تموز (يوليو)، عند الساعة الواحدة من بعد الظهر، وبينما كنت أقوم بجولتي المعتادة على طول الشاطىء، وصلت الى منطقة رأس العين التابعة لمحميّة صور، وتفاجأت برؤية تفقيس البيض هناك، ونجحت بإطلاق 98 سلحفاة من نوع "كاريتا كاريتا" الى البحر"، ولفت إلى "أنّ ثماني سلاحف أخرى نفقت إثر عوامل طبيعيّة".
وأكد بدر الدين أن "نوع السلاحف هذا أصبح قليل الوجود في شمال المتوسّط، وهو ينتمي لفصيلة في طور الإنقراض ويجب حمايتها".