Tuesday, January 11, 2022
الإستثمار في النظم البيئية «إستثمار المستقبل»
"غدي نيوز"
- د فوزي يونس**
تماشيا مع شعار هذا العام 2021 هو “إستعادة النظام البيئي”، يمثل تغير المناخ أحد التحديات الحاسمة في عصرنا هذا. إذ لم يعد الأمر يتعلق بالآثار المحتملة في المستقبل، التي يمكن أن تجعل المجتمعات المحلية أكثر فقراً، أو أن تفاقم مواطن الضعف أو تفاقم الأحوال المعيشية وسبل كسب الرزق.
فهذه الآثار تحدث بالفعل أمام أعيننا الآن وتؤثر في البلدان المتقدمة والبلدان النامية على السواء. وفي وقت سيحتل فيه العمل العالمي بشأن المناخ موقع الصدارة، من المهم بشكل خاص النظر في كيف تحدث الجهود التي تقودها البلدان تأثيراً إيجابياً: لأنه هنا سيتحدد مصير المعركة ضد أزمة تغير المناخ.. انتصار أو انكسار.
كيف تعمل البلدان ومؤسسات الأعمال على حل مشكلة المناخ؟ وكيف تبدو هذه الحلول؟ وما المطلوب لتحويل السياسات المتعلقة بالتكيف إلى نتائج ملموسة على أرض الواقع، مثل إعداد المجتمعات المحلية في المناطق الساحلية لمواجهة ارتفاع منسوب مياه البحر؟ وكيف يمكن للبلدان خفض الانبعاثات الكربونية من أنظمة الطاقة والتوقف عن استخدام الفحم، بما يكفل حدوث تحوّل عادل عن الصناعات عالية التلوث؟
ولهذا كله فإن الإستثمار في النظم البيئيه هو امر حتمي وضروري للإستدامة، ولذا فإن الإستثمار في النظم البيئية هو استثمار في مستقبلنا.
شعار اليوم العالمي للبيئة لهذا العام 2021 هو «استعادة النظام البيئي»
يدعو يوم البيئة العالمي لعام 2021، الذي تستضيف باكستان الإحتفالات الرسمية به، إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لإحياء أنظمتنا البيئية المتضررة لأن بقاؤنا جميعًا يعتمد على النظم البيئية الصحية من الغابات إلى السواحل.
ويقصد بالنظم البيئية التفاعل بين الكائنات الحية مثل النباتات والحيوانات والأفراد ومحيطها. وهذا لا يشمل الطبيعة وحسب، ولكن الأنظمة التي من صنع الإنسان مثل المدن أو المزارع كذلك.
استعادة النظام البيئي هي مهمة عالمية ذات نطاق واسع. ذلك إنه عملية تسلتزم إصلاح مليارات الهكتارات أو الأفدنة من الأراضي وهي مساحة أكبر من الصين أو الولايات المتحدة ليتمكن الناس من الحصول على الغذاء والمياه النظيفة وسبل العيش.
ولإستعادة النظم البيئية منافع جمة، فمقابل كل دولار يُستثمر في تلك العملية، يُتوقع الحصول على سبعة إلى ثلاثين دولارًا من العائدات للمجتمع، كما تشجع الإستعادة إتاحة الوظائف في المناطق الريفية والحضرية علي حد سواء من حيث شدة الحاجة إليها.
واستثمرت بعض البلدان بالفعل في عملية الإستعادة تلك بوصفها جزء من خططها العامة الشاملة للتعافي من جائحة كوفيد – 19. وتتجه بلدان أخرى إلى الإستعادة لمساعدتها على التكيف مع مناخ يتغير بالفعل.
أهداف اليوم العالمي للبيئة 2021
يحتفل العالم في يوم (5 يونيو) من كل عام اليوم العالمي للبيئة، وهو أحد أكبر الأحداث السنوية التي تنظمها الأمم المتحدة (UN) للتذكير بأهمية الطبيعة والمساحات الخضراء. ورفع الوعي لدى الناس لإحترام البيئة والحفاظ عليها.
تاريخ اليوم العالمي للبيئة
أنشأت الأمم المتحدة اليوم العالمي للبيئة في عام 1972، وهو اليوم الأول لمؤتمر ستوكهولم حول البيئة البشرية. وفي عام 1974 ، تم الإحتفال به لأول مرة في الولايات المتحدة تحت شعار “أرض واحدة”. ومنذ ذلك الحين تحتفل به العديد من الدول المضيفة، ويتم تدوير مركز هذه الأنشطة كل عام بين الدول.
شعار اليوم العالمي للبيئة هذا العام 2021
في العام السابق (2020) كان شعار اليوم العالمي للبيئة هو “الإحتفال بالتنوع البيولوجي”. أما شعار اليوم العالمي للبيئة لهذا العام 2021 هو “استعادة النظام البيئي” ، وستكون باكستان هي الدولة المضيفة لهذا لحدث العالمي الكبير.
أهمية اليوم العالمي للبيئة
الفكرة الرئيسية وراء الإحتفال باليوم العالمي للبيئة هي تسليط الضوء على أهمية البيئة، وليكون هذا اليوم منصة عالمية لإتخاذ إجراءات جدية بشأن القضايا البيئة العاجلة.
وقد ساعد اليوم العالمي للبيئة برنامج الأمم المتحدة للبيئة على زيادة الوعي نحو تبي سلوك مسؤول من قبل المجتمعات والشركات والأفراد في الحفاظ على البيئة وتعزيزها. وتوليد زخم سياسي حول المخاوف المتنامية، مثل: استنفاد طبقة الأوزون والمواد الكيميائية السامة والتصحر والإحترار العالمي وتأثر النظم الإيكولوجية بذلك.
في هذا اليوم يتم الإحتفال في جميع أنحاء العالم بإحترام وتقدير كل ما قدمته لنا البيئة والإلتزام بحمايتها، وتركز الحكومات والشعوب جهودهم على قضية بيئية معينة لرفع الوعي تجاهها.
كيف أثرت جائحة فيروس كورونا على البيئة؟
أثر الإنتشار العالمي لوباء فيروس كورونا القاتل على حياة البشر وأنشطتهم اليومية، لكنه أدى إلى تحسين جودة الهواء وخفض تلوث المياه.
ومع الإغلاقات وإجراءات الوقاية التي تم تطبيقها في معظم البلدان، كان هناك انخفاض كبير في انبعاثات الكربون مما أعاد بعض التوازن للنظام البيئي.
لكن التخلص من النفايات الطبية مثل المطهرات والأقنعة والقفازات وعبء النفايات غير المعالجة زاد أيضًا عدة مرات خلال الوباء.
علاوة على ذلك، بمجرد عودة الوضع إلى طبيعته، قد تعود البيئة لتعاني مرة أخرى.
لذلك فإن الأهداف طويلة المدى والتنفيذ السليم للإستراتيجيات والسياسات هي حاجة الساعة لتحقيق الإستدامة البيئية العالمية.
لم نزل، منذ أمد طويل، نستغل النظم البيئية لكوكبنا وندمرها. ففي كل ثلاث ثوان، يفقد العالم من الغابات ما يساوي ملعب كرة قدم. وعلى مدار القرن الماضي، دمرنا نصف الأراضي الرطبة.
وفقدنا بالفعل ما يصل إلى 50 في المئة من الشعاب المرجانية، ويمكن أن نفقد ما يصل إلى 90 في المئة منها بحلول عام 2050، حتى لو اقتصر الإحترار العالمي على زيادة بمقدار 1.5 درجة مئوية.
ويحرم فقدان النظام البيئي العالم من أحواض الكربون من مثل الغابات والأراضي الخثية في توقيت لا تستطيع البشرية تحمل تبعاته. وازدادت انبعاثات غازات الإحتباس الحراري على مستوى العالم لثلاث سنوات متتالية ويمثل كوكب الأرض إحدى وتيرة تغير المناخ الكارثي المحتمل.
وكشف انتشار جائحة كوفيد – 19 كارثية عواقب فقدان النظام البيئي. وبتقليص مساحة الموائل الطبيعية للحيوانات، هيئنا الظروف المثالية لإنتشار مسببات الأمراض بما في ذلك فيروسات كورونا.
وبإتضاح هذه الصورة الكبيرة والمعقدة، يركز يوم البيئة العالمي على إستعادة النظام البيئي تحت شعار « إعادة التصور. إعادة الإنشاء. الإستعادة».
إن إستعادة النظام البيئي تعني منع ذلك الضرر وتغيير عواقبه: إنتقالا من استغلال الطبيعة إلى علاجها. وسيكون اليوم العالمي للبيئة لهذا العام هو بداية عقد الأمم المتحدة لإستعادة النظم الإيكولوجية 2021-2030، يقدم دليل استعادة النظام الإيكولوجي مقدمة لمجموعة من الإجراءات التي يمكن أن تبطئ وتوقف تدهور النظم البيئية وتعزز انتعاشها.
وفي النهاية يمكن القول بأن عملية استعادة النظام البيئي تعنى كذلك إعادة النباتات والحيوانات من حافة الإنقراض، من قمم الجبال إلى أعماق البحر.
وهي تشمل كذلك عديد من الإجراءات البسيطة التي يمكن للجميع عملها يوميًا، مثل زراعة الأشجار، أو تخضير المدن، أو إعادة بناء الحدائق، أو تنظيف القمامة بجانب الأنهار والسواحل.
بعض الإقتباسات الشهيرة التي قيلت في يوم البيئة:
“الحفاظ على البيئة هو حالة انسجام بين الإنسان والأرض”. ألدو ليوبولد
“أكبر تهديد لكوكبنا هو الإعتقاد بأن شخصًا آخر سينقذه”. – روبرت سوان.
“البيئة هي المكان والشيء الوحيد الذي نتشاركه جميعًا، وتجمعنا بها مصلحة مشتركة”. ليدي بيرد جونسون.
“الأمة التي تدمر ترابها تدمر نفسها”. – فرانكلين دي روزفلت.
“دق كوكبنا جرس الإنذار، وحان وقت الإستيقاظ واتخاذ الإجراءات!” ليوناردو دي كابريو.
** استاذ فسيولوجيا الأقلمة – مركز بحوث الصحراء – مصر
| قرّاء غدي نيوز يتصفّحون الآن |