Wednesday, August 24, 2022
الجفاف القاتل
"غدي نيوز"
- " د. منصور اشتي "**
لكل شيء ثمنه في حياتنا التي نعيشها.
فرِح الإنسان وهلّل باكتشاف الفحم الحجري والبترول والديناميت والتكنولوجيا، التي أفادت الحياة البشرية، وقصرت المسافات وسهلّت التواصل والحصول على المعلومات، بالمقابل كان لهذا التطور أثمان كبيرة، على الطبيعة أولاً، وعلى صحة الإنسان ثانياً. فقد أدى جشع الإنسان والإفراط في استهلاك الموارد الطبيعيّة، الى زيادة في التلوث والانبعاثات وما نتج عن ذلك من أزمات وكوارث طبيعية، كالإحتباس الحراري، والجفاف الذي يضرب معظم دول العالم، ويهدد حياة الملايين، والحرائق المدمرة للغابات، والفياضانات وما تخلّفه من دمار وقتل وتهجير.
وما يسترعي التوقف عنده اليوم، موجات الجفاف التي تضرب أوروبا، وعدد آخر من دول العالم، وتحويل لون الطبيعة الأخضر الى شحوب واصفرار، منذرة بقدوم العطش والجوع والموت والنزوح.
وهنا يجب التوقف ودق ناقوس الخطر، فالذي يحدث بالغ الأهمية، وعلى الجميع مسؤولية إيجاد الحلول السريعة، وخاصة الدول الصناعية، التي لم يلتزم بعضها باتفاقيات البيئة والمناخ حتى اليوم، كالولايات المتحدة والصين.
وليس أقل خطراً من الجفاف وانحباس المطر وزيادة الحرارة، طغيان الماديّة على الروحانيات، جفاف الأخلاق، الأخلاق مؤشر إرتقاء الإنسان الى هدف وجوده، أي إنسانيته، وصولاً الى تكوره البشري. جفاف الفكر، الفكر مولِّد الحضارة والتطور الخلاق لبناء الإنسان وتحقيق إنسانيته. الى جفاف الصدق والوفاء، جفاف المحبة والإخلاص، جفاف الروح الطيبة والنية الحسنة. فكم نحن بحاجة اليوم الى إعادة إحياء قيم الخير والعدل والمحبة، قيم الإنسانية السمحة في نفوس وعقول الناس.
أما المفارقة في هذه الأوقات المفصلية والعصيبة، عدم إكتراث الدول والشعوب بهذه الأخطار، وتغليب مصالحها الخاصة على سلامة وصحة الإنسان والمجتمعات، وتنكرها للمواثيق والاتفاقيات الدولية، التي حاولت التخفيف والحد من التلوث، وصولاً الى زمن يتوقف فيه الإضرار بالطبيعة، وتتحقق أهداف التنمية المستدامة، لتوريث الأجيال القادمة عالماً قابلاً للعيش بسلام وصحة وأمان.
ربما ستكون الحروب القادمة حروب مياه وغذاء، وتعود بنا الذاكرة الى الماضي البعيد حين كانت أسباب الحروب الماء والكلأ.
فهل سيستدرك قادة العالم والفاعلون الدوليون هذه الاخطار؟ أم سيستمر نمط الانتاج والاستهلاك الغربي على حاله، ويقضي بذلك على كوكبنا؟
قال تعالى:
"أولَمْ يَرَ الذين كفروا أن السموات والأرض كانتا رَتَقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كلَّ شيءٍ حيٍ أفلا يؤمنون". (الأنبياء ٣٠)
فلنحافظ على بقائنا على هذه الأرض بالمحافظة على عناصر الحياة صالحة نظيفة.
**عقيد ركن متقاعد
| قرّاء غدي نيوز يتصفّحون الآن |